كتاب ومقالات

الورقة الوبائية وقميص عثمان

كلمة إلا ربع

بدر بن سعود

منظمة الصحة العالمية متهمة بمجاملة الصين وتسويق تطميناتها، وأنها لم تقدم تصوراً واضحاً عن فايروس كورونا منذ البداية، فقد قالت إن التحقيقات الصينية لم تثبت انتقال الفايروس من شخص لآخر، ثم تراجعت وأكدت انتقاله، ولم تؤيد المنظمة، في نفس الفترة، فرض قيود على السفر لمنع انتقال العدوى، وأشارت دراسة علمية منشورة إلى أن الصين كانت تستطيع الحد من إصابات ووفيات كورونا العالمية وبنسبة 95 في المئة، لو أنها تصرفت بشفافية وفي وقت مبكر.

المؤكد أن الصحة العالمية لم تنجح في بناء إستراتيجية واضحة لمنع انتشار الفايروس، وقرار الرئيس ترمب تعليق المساهمة الأمريكية في المنظمة وقدرها 400 مليون دولار، بشكل مؤقت، أو ربطها باستقالة مديرها العام بحسب الكونغرس، معقول في سياقه الأمريكي، فقد تحول الفايروس إلى كائن سياسي، وأدرج ضمن الملفات الساخنة في سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية بين ترمب وبايدن.

الخلاف بين أمريكا والمنظمة وصل إلى درجة عدم استخدام اختبار الفايروسات الذي أقرته المنظمة، واستبداله باختبار غير دقيق طور في المراكز الصحية الأمريكية، ولعل موقف ترمب من المنظمة لا يشكل استثناء، وسبقه إليه رئيس الوزراء الياباني، وهناك عريضة إلكترونية تنتقد أداء المنظمة وتطالب باستقالة مديرها، والعريضة ترجمت إلى لغات من بينها العربية، ووقع عليها أكثر من 800 ألف شخص حول العالم.

الدول الغربية تنظر إلى أرقامها العالية باعتبارها مؤشرا على الشفافية والمصداقية وترفض أفضلية الصين، بل وتشكك في إحصاء الوفيـات الصينية مقارنة بعدد السكان، مع أنها لم تصل في كل دول العالم إلى ما نسبته (واحد في المئة) من إجمالي السكان، ولعل السبب في ذلك هو تحول المنظمة إلى متحدث باسم الحكومة الصينية، من أول أيام الأزمة، وترديدها لما يقوله الصينيون بدون مراجعة، علاوة على تمسكها بالإجراءات الاحترازية المشددة، ما يزيد من حالة الركود الاقتصادي في الدول الصناعية الكبرى على وجه التحديد، والتي تجاوز العجز في بعض موازناتها إلى ما نسبته 100 في المئة.

المصالح الاقتصادية تحرك معظم الانتقادت الموجهة لمنظمة الصحة العالمية، ولم تسلم المنظمة من الانتقاد في تعاملها مع الأوبئة طوال تاريخها، وهذه الفكرة تؤكد بأن العمل فيها مؤسسي لا يختلف كثيراً باختلاف الأشخاص، والمؤمل أن يلتفت العالم لدعوة المملكة ويوحد جهوده في مكافحة هذا الزائر الثقيل، فقد أوفت القيادة السعودية بالتزامها لقمة العشرين الاستثنائية، ودعم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- المجهودات الدولية في مواجهة الفايروس بما قيمته 500 مليون دولار، كأكبر داعم دولي، وهذا الموقف السعودي المتعقل والموضوعي، يأتي منسجما مع ما استقرت عليه السياسة السعودية في تقديمها الإنساني على السياسي والاقتصادي.

BaderbinSaud@