كتاب ومقالات

عاصفة الفنجان على سواحل بريطانيا

عبده خال

عادة القوي أنه لا يستشعر بانخفاض مستوى مقدرته، فيتحرك وفق مخزون القدرة حتى وإن تلاشت.

والإمبراطورية البريطانية التي لا تغيب عنها الشمس، غدت جزيرة صغيرة تغيب عنها الشمس كل حين من غير الالتفات للمجد الغابر، ويبدو أن الذاكرة البريطانية متخمة بالأمجاد الماضوية كقوة تمد مظلة سيادتها على أجزاء كبيرة في القارات الخمس، إلاّ أن مجد الماضي يبقى ذكرى غير قابل للصرف في زمن لا يحفل زمنياً بعملة الماضي.

أنا لا أتحدث عن خيار بريطانيا الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، فهذا لا يعنيني ولست متعمقاً عما يمكن حدوثه لها داخل الاتحاد أو خارجه، يعنيني التعليق على عنجهية السياسي عندما يسير محملاً بإرث الماضي ولا يلقي بالاً لتصرفاته مهما كان النظير أو المشابه في الصف الآخر.

وحملت الأخبار استهزاء رئيس وفد بريطانيا بالاتحاد الأوروبي، فلم يكن من نائبة رئيس برلمان أوروبا إلا مقابلة الاستهزاء بالرد القاسي حينما قالت له:

- غادر وخذ علم بلادك معك.

ويبدو أن رئيس الوفد البريطاني تمادى في التحقير مما حمل نائبة رئيسة البرلمان تسجيل ملاحظة بأن رئيس الوفد البريطاني حملت كلماته الكراهية تلك الصفة الوضيعة التي يتسامى عن فعلها الاتحاد الأوروبي.

الآن القارة العجوز تودع الإمبراطورية البريطانية وبينهما عدم أسف على الافتراق، فهل انتهى زمن التكتلات في ذهنية البريطانيين وأن المنفذ للقوة الاقتصادية أن تكون منفرداً بلا حمل الاقتصاديات الفاشلة لبعض الدول؟

إن انسحاب بريطانيا يذكر بالعاصفة في فنجان، ربما تتحول إلى عاصفة حقيقية تعصف بأحد الطرفين: الكتلة الأوروبية أو بريطانيا ذاتها إلا أنها لن تعصف بالعنجهية التي يتميز بها القوى حتى ولو وصل إلى مناطق أفول نجمه.