كتاب ومقالات

الشركات قادمة

مي خالد

تلعب الشركات دوراً رئيسياً في حياتنا. نحن نعمل من أجلها، ونشتري منتجاتها وخدماتها، ونستثمر أموالنا في أسهمها. إنها تؤثر على نوعية حياتنا ومستوى المعيشة بل وتؤثر على متوسط العمر المتوقع للفرد منا. والشركات عبر امتلاكها للإعلام والإعلانات والثقافة واللوبيات السياسية وجماعات الضغط تشكل أفكارنا ومعتقداتنا.

لمَ لا وهم يتمتعون بحق ملكية غالبية ثروة البشرية؟

والشركات لديها سبب وجيه للتحكم في مفاصل حياتنا وهو بالطبع زيادة الأرباح لمساهميها.

هناك جهة أمريكية تسمي نفسها (الطاولة المستديرة للأعمال)، وتضم رؤساء 100 شركة من الشركات الأمريكية الرائدة. آخر اجتماع لهم كان في أغسطس الماضي. اقترحوا فيه هدفاً جديداً لشركاتهم وهو: تعزيز مصالح جميع أصحاب المصالح في الشركة، بما في ذلك الموظفون والعمال والدائنون والدولة والجمهور عامة.

في بيانها الختامي تقترح (الطاولة المستديرة للأعمال) مقاربة جديدة، ولكنها لا تنحرف عن النموذج الرأسمالي. بحيث يظل الربح هو الهدف النهائي، ولكن يجب أن يكون التركيز على الربح لجميع من لديهم مصلحة في الشركة وليس فقط مساهميها. فعلى سبيل المثال إن اهتمام المستثمرين بسعر السهم وتوقعهم للحصول على توزيع أرباح صحي يعد محركاً مهماً للنمو للاقتصاد ككل. ومع ذلك، في الوقت نفسه، من المهم أيضا اتباع نهج أكثر تحفظا، وهو نهج يحذر من المخاطر الشديدة ويجعل النمو وبقاء الشركات على المدى الطويل أهم الاعتبارات فلا تختفي كفقاعات الصابون أمام أي ركود اقتصادي أو كساد. واتباع طريقة إدارة متوازنة لا تدفع المديرين للتضحية بالمستقبل في الوقت الحاضر من أجل مكاسب راهنة.

تعتقد (الطاولة المستديرة للأعمال) أن مثل هذا التغيير سيحث الشركات على اتخاذ مستوى أكثر توازنا من المخاطر وجعل علاقات العمل أقل مواجهة، لأن الشركات ستأخذ مصالح موظفيها في الاعتبار. وسيتطلب هذا التغيير من المديرين تقييم الآثار الأوسع لقراراتهم على البيئة الاجتماعية والاقتصادية التي يعملون فيها، بما يتماشى مع الشركة على المدى الطويل.

من وجهة نظري أستطيع أن أعتبر أن بيان هذا الاجتماع وقرار هؤلاء الرؤساء رسم لملامح الثورة الرأسمالية القادمة. وأتمنى أن تصدرها أمريكا لدولنا. وأراه رسما موفقا وتغييرا إنسانيا رائعا.