كتاب ومقالات

الموظفون وسهام الشكاوى الكيدية !

على خفيف

محمد أحمد الحساني

سبق لي نشر مقال في هذه الزاوية عن الشكاوى الكيدية التي تطرق أبواب المحاكم ولا يكون لها سند أو بينات تدعمها، وتطرقت أيضاً في المقال نفسه إلى عدم التدقيق في سيرة الشهود الذين قد يقدمهم المدعي لإثبات شكواه الكيدية، وأنه من السهل على العاملين في المحاكم رصد وجود شهود يقدمون هذه الخدمة لمن يطلبها منهم، لاسيما في حالة تكرار تقديمهم لشهاداتهم لمصلحة طرف أو أطراف لهم علاقة بالقضايا المسجلة في المحاكم. وذكرت أن تكاثر الشكاوى الكيدية يقف وراء إشغال المحاكم عن القضايا الحقيقية ويؤدي إلى تباعد الأمل بين جلسة وأخرى وإلى تعطيل الحقوق وتأخير البت في القضايا وربما ينتج عن الشكاوى الكيدية المدعمة بشهود الزور الذين حذر المصطفى صلى الله عليه وسلم منهم ومن شهادتهم ضرراً على المدعى عليهم وتشويهاً لسمعتهم وتسجيل سابقة قضائية ضدهم، ودعوت إلى تقنين شهادة الشهود وفحصها وألا يكون على أحد منهم سوابق أو أنه ممن يمتهنون تقديم الشهادة لغيرهم بمقابل أو حمية لهم حتى تكون شهادته في محلها وليست شهادة زور.

وقد أعادني إلى هذا الأمر تعرض بعض العاملين في دوائر حكومية أو رسمية أثناء قيامهم بواجبهم الوظيفي، مثل إزالة مخالفات البلدية أو التعديات على الأراضي البيضاء أو أي مسؤول في أي جهة يقوم بواجبه الميداني أو المكتبي ليجد من يقدم ضده دعوى أنه شتمه أو لعنه أو قذفه فيتقدم بادعائه إلى المحكمة متجاهلاً أصل القضية وهي مخالفاته واعتداءاته على حقوق عامة أو مخالفته لأنظمة رسمية، وحتى يدعم شكواه يورد شهوداً يزعمون أنهم سمعوا ذلك الموظف يعتدي عليه لفظياً أو جسدياً فيأخذ ناظر القضية بما سمعه من الشهود ويحكم على المسؤول بسجن أو جلد أو بهما معاً، فإذا كان الموظفون الرسميون الذين ينفذون الأنظمة والتعليمات يتعرضون خلال أدائهم لواجباتهم للشكاوى الكيدية فكيف يطلب منهم بعد ذلك الاستمرار في أداء واجباتهم وعدم ترك الدرعى ترعى.

إن ما ذكر آنفاً لا يعني حماية أي موظف من تبعات تجاوزه لفظياً أو جسدياً على المراجعين أو المواطنين، ولكنه يعني أنه لا بد من التحقق من الشهادة والشهود، ومن وجد أنه يشهد لهذا وذاك ويدور على مكاتب القضاء على مدار العام واسمه مسجل في سجلات المحاكم، فإن من الواجب التوقف قليلاً عند شهادته وعدم اعتبارها من البينات بل والتحقيق معه باعتباره شاهد زور، ليكون في هذا الإجراء حماية لكل من يدعي عليهم بشكوى كيدية سواء كانوا مواطنين أم موظفين.. والله الهادي إلى سواء السبيل.

* كاتب سعودي