أخبار

الملك سلمان: مواجهة تحديات العالم الإسلامي بالنهضة المعرفية

في كلمة ألقاها نيابة عنه الفالح في قمة أستانا

«عكاظ» (أستانا) OKAZ_online@

أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أن العالم الإسلامي اليوم أكثر من أي وقت مضى، بحاجة إلى نهضة معرفية، وذلك في ضوء التحديات الكبيرة التي يواجهها في عالم يحتدم فيه التنافس المعرفي الذي أصبح حجر الزاوية في النجاح الاقتصادي. وبيّن في كلمته أمام القمة الأولى للعلوم والتقنية لدول منظمة التعاون الإسلامي في العاصمة الكازاخستانية أستانا، ألقاها نيابةً عنه أمس (الأحد) وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية المهندس خالد الفالح، أن المسلمين مدينون لأنفسهم ولأجيالهم القادمة بأن يُعيدوا إيقاد الشعلة التي كان العالم الإسلامي يُضيء من خلالها العالم بفكر نيّر.

وأوضح أن هذا المؤتمر ينعقد انطلاقا من قيم الإسلام السامية ومبادئ ميثاق منظمة التعاون الإسلامي، التي أكدت على أهمية العلم والمعرفة، كعنصر أساس لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية المُستدامة، أخذاً في الاعتبار أهمية تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء للرقي بالعلوم والبحوث وتطوير التقنيات والابتكار، بما يدفع الدول الإسلامية إلى مواقع رائدة في الاقتصاد العالمي. وشدّد على أن ثقة الشعوب الإسلامية تتعزز لتحقيق هذه الأهداف بما يحمله التاريخ الإسلامي العامر من إنجازات معرفية خالدة خرجت بالعالم من عصور الظلام إلى عصور ذهبية للعلوم والتقنية. وبين الفالح، أثناء إلقائه كلمة خادم الحرمين الشريفين، أن المملكة العربية السعودية ترى أن تحقيق النهضة في مجال المعرفة والعلوم التطبيقية والتقنية يستند إلى أربع ركائز جوهرية هي:

• تطوير التعليم من مراحله الأولى حتى التعليم العالي، بحيث يكون مبنياً على تشجيع الإبداع والتفكير المُنطلق، ويصبح ميداناً لاكتشاف المواهب واحتضانها وتنميتها.

• تشجيع البحث العلمي والتقني، وتطوير التقنيات المبتكرة، وضمان توفير التمويل لذلك، سواء من قبل الحكومات أو القطاع الخاص.

• بناء منظومة متكاملة يتم من خلالها احتضان المبدعين وأفكارهم، وضمان تحويل نتائج البحوث العلمية إلى تطبيقات عملية ذات مردود اقتصادي.

• مد جسور التعاون والتكامل، داخل الدولة الواحدة، وبين الدول، ومن خلال المنظمات الدولية كهذه المنظمة العزيزة.

ولفت إلى أنه فيما تمثل أجهزة الدولة المفتاح الذي يدير محرك نهضة الأمة، فإن الجهود في هذا المجال يجب أن تتسع لتشمل مؤسسات القطاع الخاص، ومؤسسات النفع العام، بل وكافة أفراد المجتمع، مضيفاً أن المملكة تعيش هذا التوجه واقعاً ملموساً في جهودها لتحقيق رؤيتها المستقبلية الواعدة 2030، التي تهدف إلى تحقيق التقدم، وتنويع مصادر الدخل، وتمكين الشباب، وتوفير كل الفرص الممكنة لهم، حيث ترصد المملكة للتعليم النصيب الأكبر من ميزانيتها، لتطوير وتدريب الشباب وصقل مهاراتهم، ودعم البحوث، وإنشاء الجامعات البحثية ومدن التقنية الحديثة، بينما أقامت المملكة أضخم الشراكات الاستثمارية في قطاع التقنية وذلك لتحقيق أهداف هذه الرؤية الطموحة. وجاء في الكلمة الضافية لخادم الحرمين الشريفين في القمة، إن أثمن ثروات أمتنا هم أبناؤنا وبناتنا الذين نرى فيهم، وفي طموحاتهم، المستقبل المشرق، ولكي ننطلق بهم نحو المستقبل الواعد الذي يأملونه ونأمله لهم، علينا أن نبني نظماً تعليمية متكاملة وفاعلة تقوم باكتشاف قدراتهم ومواهبهم وتقدم لهم الدعم ليحققوا طموحاتهم، وعلينا أن نوفر لهم الإمكانات والدعم ليجروا البحوث والتجارب وليطوروا مبتكراتهم، وعلينا بعد هذا أن نعمل على توفير الفرص لتحويل أفكارهم وابتكاراتهم إلى منتجات ينتفع بها الناس وينمو بها الاقتصاد.

واختتمت كلمة خادم الحرمين الشريفين، إن رحلة تحقيق الازدهار المنشود اقتصادياً واجتماعياً، والنهوض بالقدرات العلمية والتقنية لأُمة عريقة، یمثل سكانها نحو ثلث عدد سكان الأرض، تتطلب غرس روح التعاون، مهتدین بقول الله سبحانه وتعالى: «وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ». ومتمسكين بما یدعو إليه ديننا الحنيف من التعاضد والمحبة والتسامح. وسيجنب ذلك عالمنا الإسلامي ما یتعرض له الیوم من أزمات، نجمت عن الفرقة والتدخلات المرفوضة في شؤون الغیر، ويجعلنا بنياناً مرصوصاً يدعم بعضه بعضاً، لننطلق جمیعاً یداً واحدة تعید لعالمنا الإسلامي أمجاده التليدة في خدمة البشرية، نهضةً وحضارةً وعلماً. وعلى هامش القمة عقد اجتماع وزاري، رأس وفد المملكة فيه رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية الأمير الدكتور تركي بن سعود بن محمد، جرى خلاله استعراض خطة منظمة التعاون الإسلامي للعلوم والتقنية 2026، حيث عبرت المملكة عن دعمها الكامل للخطة واستعدادها لتبني برامجها.

كما طرحت المملكة عدداً من المبادرات، التي تصب في مصلحة العلماء والباحثين في العالم الإسلامي.