كتاب ومقالات

تردي التعليم.. وغياب الرؤية

بعض الحقيقة

عيسى الحليان

أدهشت الولايات المتحدة العالم حين أصدرت تقريرها الشهير «أمة في خطر» عام 1983م والذي جاء يحمل تحذيرا علنيا وصريحا مفاده أنه لأول مرّة سوف يتخرج في أمريكا جيل لا يتفوق على آبائه، إن لم يكن لا يستطيع مجاراتهم في المهارات والقدرات!

وذهب التقرير إلى ما هو أبعد من ذلك عندما أشار إلى أنه لو كان هذا التعليم بحالته الراهنة مفروضاً عليهم من قوى خارجية فإنه سوف ينظر إليه على أنه عمل حربي موجه ضدهم، لكن ما حدث كان من صنع الأمريكيين أنفسهم!

من هذه النقطة شرعت الولايات المتحدة في عمل خطط متوسطة وبعيدة الأجل لإنقاذ الأجيال القادمة وأصبح الشعار المعلن «أن يحتل الطالب الأمريكي المرتبة الأولى عالمياً في مادتي الرياضيات والعلوم» فكيف تمكنت أمريكا من تحقيق هذا الهدف الأساسي؟

في عام 1988 - وعلى خلفية هذا التقرير- طبقت 44 ولاية نظام اختبارات الكفاية بصفة فورية والذي كان يقيس كفاءة المعلم كإجراء أساسي وكانت هي الخطوة الأهم والأبرز في هذه الخطة ومن دونها ما كان لأمريكا بكل إمكانياتها التعليمية أن تحقق هذا الهدف بشكل كلي أو جزئي، وهذا مربط الفرس، وما تلاه من إجراءات كان آخرها إصدار الرئيس «بوش – الأب» عام 1991م ورقة بعنوان «أمريكا عام 2000 – إستراتيجية للتعليم».

الشاهد أن نقطة الارتكاز في هذه الإستراتيجية التي انصبت بالدرجة الأولى على تطوير مادتي الرياضيات والعلوم كان في تطبيق نظام اختبارات جديد يقيس كفاءة المعلم ويحدد مدى صلاحيته من عدمه، دون مجاملات مهنية أو وظيفية ضيقة على حساب المصلحة العليا للامة.

لا يمكن أن تصنع تعليما دون معلم كفؤ ولا يمكن أن تحوز على مثل هذا المعلم دون نظام اختبار مستقل غير قابل للمساومة أو خاضع للضغوط أو الابتزاز!

المفارقة هنا أن هذين العنصرين (العلوم والرياضيات - المعلم) هما الأضعف في منظومة التعليم السعودي ككل، فمستوى الطالب السعودي الذي يتخرج في الثانوية العامة في مادتي الرياضيات والعلوم يعادل طالب الثاني متوسط في الأنظمة التعليمية الأخرى حسب تقرير «أرامكو»، أمّا مستوى المعلم فهو يدعو إلى الشفقة حيث سقط 14 ألف معلم في أول اختبار لكفايات المعلمين، كما أن 70% من المعلمين لا يصلحون أساساً لتدريس العلوم والرياضيات حسب تقرير مركز «قياس» هذا مع الرأفة والمجاملة.

ومع ذلك يأتي من يقول لنا إننا نسعى لتطوير التعليم!