الدكتور محمد عبدالرحمن حلواني
الدكتور محمد عبدالرحمن حلواني
-A +A
محمد داوود (جدة) mdawood77@

أكد الأكاديمي واستشاري مكافحة العدوى الدكتور محمد عبدالرحمن حلواني، أن ظهور حالات تفشٍّ لأمراض معدية مختلفة من حين لآخر سيستمر.

وبيّن أن أهم أسباب ذلك تمكن في وجود بعض الأمراض المعدية المستوطنة في بعض الدول الفقيرة، والتي من الممكن أن تظهر عند انتقالها إلى بعض الزائرين إلى تلك البلدان، ومع سهولة السفر بين البلدان وسرعة التنقل أصبح من السهل جدًا التقاط العدوى لأي مرض من بلد معين ثم نشرها في بلد الشخص الذي قدم منها عند عودته.

واستشهد حلواني بما حصل مع «سارس» في بداية الألفية و«كوفيد-19» قبل عامين، مضيفا أن من الأسباب أيضاً وجود مجموعات كثيره من الناس في العالم ترفض التطعيمات المختلفة لأسباب خاصة، وهؤلاء مع الأسف من أسباب زيادة حالات التفشي مثل الحصبة أخيرا في أوروبا، وكذلك ضعف الثقافة الصحية لدى البعض أو تعمد رفض الانصياع إلى التوجيهات التي تصدر من الجهات الرسمية حيال طرق الوقاية والعلاج.

وعما يواجهه العالم الآن من مرض معدٍ جديد وهو «جدري القردة»، وهل يعني ذلك أن العالم أمام جائحة جديدة قال حلواني: المرض ليس جديدا، وقد سجل قبل ذلك في عام 2003 في أمريكا في مجموعة من الرحالة، وتبيّن بعد ذلك انهم خالطوا كلاب البراري الأليفة مخالطة لصيقة، كما أن عدد الحالات المسجلة الحالية وبطء الانتقال لا يصل إلى الجائحة، وإنا ما نراه هو حالات تفشٍّ محدودة بأرقام معروفة وبين بلدان محددة لأسباب واضحة، والجائحة عادة تكون بوتيرة أسرع وبأعداد كبيرة قد لا يمكن معرفتها في وقتها من كثرتها وتنشر بين البلدان بأشكال مختلفة وبسرعة كبيرة، كما أن هذا الفايروس معروف ويوجد علاج ضده، وكذلك أجسام مضادة جاهزة من الممكن استخدامها عند الحاجة، كما أن السلالة المنتشرة حاليًا هي سلالة غرب أفريقيا وهي أقل ضراوة وأقل سببًا لحدوث الوفاة، كما أن الفايروس موجود في حيوانات مختلفة مثل السناجب الجبلية، وسناجب الأشجار وبعض الفئران، لذا فالابتعاد عن الحيوانات البرية أمر مطلوب جدًا.

وحول سؤال: لماذا أصبحنا نرى تفشي أمراض معدية في الزمن الحالي، وهل سيستمر الوضع كذلك؟ أجاب استشاري مكافحة العدوى: تفشي الأمراض المعدية حوادث تتكرر مع الزمن، والتاريخ يشهد بذلك منذ عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، إذ كان هناك تفشٍّ للطاعون، وفي العصر الحديث وبالتحديد في عام 1918 قتلت الإنفلونزا نحو 80 مليون شخص في بلدان مختلفة، تلتها حالة تفشٍّ أخرى في العام 1957 ثم العام 1968، وفي عام 1969، ومات نحو 19,000 شخص في عدة بلدان أفريقية بالحمى الشوكية البكتيرية، وكذلك بكتيريا الكوليرا كانت مسؤولة عن حالات تفشٍّ في بلدان آسيوية كالهند وإندونيسيا، وتوفي العديد خصوصا الأطفال، كما أن الحمى الصفراء قتلت 30 ألف شخص في إثيوبيا من أصل 100 ألف مصاب بين العام 1960 و1962، وهذه مجرد أمثلة فقط، وحالات التفشي لمرض معدٍ مازالت تحصل في بلدان مختلفة ولن تتوقف، وسنواجه أمراضا معدية من حين إلى آخر بعضها قد يصل بنا إلى الجائحة للأسباب التي ذكرت سلفًا.

وعن سؤال: هل هناك تطابق أو تداخل بين فايروس جدري القردة وفايروس الجديري المائي؟ خصوصا من حيث التطعيم؟ حيث إن هناك بعض الالتباس بين الناس، تابع حلواني قائلاً: فايروس الجديري المائي والمعروف محليًا بـ«العنقز» ليس له علاقة بفايروس جديري القردة، فلكل منهما عائلة مختلفة، والتشابه فقط بسيط حيث إن كلا منهما يسبب طفحا جلديا، غير أن في الجديري المائي يكون الطفح على الظهر ويحدث سريعًا، بينما يبدأ انتشار طفح جدري القردة على الوجه والكفين ويكون أبطأ، أما من ناحية إن كان تطعيم الجديري المائي يحمي من فايروس جدري القردة أو إن كان الشخص الذي أصيب قبل ذلك بالجديري المائي قد يكون محميا من جدري القردة فهذا غير صحيح، فالأشخاص الذين لديهم حماية من فايروس جدري القردة هم من أخذوا تطعيم الجدري قديمًا قبل نحو 40 سنة عندما كان ذاك التطعيم يعطى حول العالم، بما في ذلك داخل السعودية، وهو تطعيم يعطي في الذراع بشكل تشريط وكان يعرف محليا باسم (تينا).

وخلص الدكتور «حلواني» إلى القول: «ليس هناك حاجة إلى الهلع في الوضع الحالي، فكل ما هو مطلوب منا كمجتمع هو أخذ الإرشادات الصحية من قبل وزارة الصحة وهيئة الصحة العامة (وقاية)، وعدم الانصياع للرسائل مجهولة المصدر ونشرها في وسائل التواصل الاجتماعي، والتي هدفها فقط بث الرعب وتخويف وتضليل المجتمع وإثارة البلبلة».