يحيى زريقان
يحيى زريقان
-A +A
علي الرباعي (الباحة) Al_ARobai@
مثلما ابن جني مع المتنبي، عندما قال أبو الطيّب؛ ابن جني أعلم بشِعْرِي مني، كذلك هو الناقد الفني يحيى مفرح زريقان بالنسبة للراحل طلال مداح، باعتباره إحدى المرجعيات التاريخية للفن السعودي، والعربي، فمن خلال ما يروي ويقدم (أبو خالد) نتعرّف على كاتب نصوص أغاني (زرياب القرن العشرين) والقصائد المُغنّاة، وباعتباره باحثاً في الفلكلور والتراث السعودي، استوعب الألحان، وتتبع وقارن بين المفردات والرقصات، فهو يتحدث حديث عارف متخصص، ويسرد سرد شيخ حكّاء يفرض على مريديه الإصغاء.

وبحكم إخلاصه للفن، وصداقته الحميمة، كان أستاذ (وطني الحبيب) يستمزج آراءه، ليقينه بأنه مثقف، وعلى دراية بتاريخ الأدب والموسيقى، وكأنما هو دارس متخصص في النوتة وعلم القراءات والتجويد ومخارج الحروف، علماً بأنه خريج إعلام من جامعة الملك سعود.


يمتلك زريقان ذائقة شعرية، وأذنا موسيقية، ومشاعر نقيّة تجاه صوت الأرض ما زاوج بين المهنيّة والحميمية الإنسانية، ما يوحي لمتابعيه أن بين (يحيى) وسيرة أبي عبدالله تعاقدا ضمنيا، لسرد الحكاية من مطلعها، وفك مغاليق النص واللحن إذا ارتج بابهما في وجه المتلقي.

مما يميّز الفنان (زريقان) الوفاء المتأصل لتجربة طلال، فكل حديث يدلي به اليوم، يضيف للمشاهد والمتابع معلومة لم يسمعها بالأمس، وكأنه خازن أسرار يشح بكشفها دفعة واحدة. فيما لم ينقض رحيل طلال العهد بين الفنان في عالم الغيب، والناقد في عالم المشاهدة، بل ظل الناقد متبنياً مهمة أشق حد شعورنا بأنه رافع شعلة الأداء المميز والصوت الشجي، منافحاً ومدافعاً عن الأصالة، ومغربلاً للمعاصرة خوفاً على الذائقة من التلوّث، وعلى عُشّاق طلال من التيه في النشاز.