حسين العسكري
حسين العسكري
-A +A
طالب بن محفوظ (جدة) talib_mahfooz@
وسط بلدة الكنوز الأثرية، والأراضي الخصبة، والتاريخ والحضارة، وطريق التجارة «تبوك»؛ وُلِد منتصف الثلاثينات الميلادية من استهواه «الإعلام» إذاعياً وكاتباً.. وفي مكة والمدينة وضباء وعمَّان؛ عاشت أسرته متنقلة برفقة أبيه الموظف في «المالية».. ومن تنقل بين المدن بتنوع ثقافاتها الاجتماعية؛ خرج بتجارب أكثر إثارة، فتحت حياته العملية معلماً وإعلامياً.. وبين «إذاعة جدة» و«منظمة إذاعات الدول الإسلامية»؛ مخزن متجدد للفكر وحِراك متطور للذهن لم يتوقف.. إنه الكاتب حسين العسكري.

من «دموع» فاضت بالنقاء وحملت خافقاً سالت مدامعه وبكى بحرقة مرتين؛ رحيل من علَّمه الترحال إلى «الكياسة» أبيه «محمد»، وأجل من شربته الجدَّية والوفاء ولطف المعشر أمه «عزيزة الجهني».. وبين رفيقة دربه زوجته «فوزية شكري» وابنه «محمد» وبناته الست؛ قفز إلى صفحات «الافتخار» بمن جذَّر في أعماقهم «الحذاقة». وعندما انتقل مع والده للسكن في «عَمَّان» بالأردن وتعلَّم بمدارسها؛ أحبَّ «القراءة» منذ الصغر تحت نظر معلميه.. ومن «المصور» المصرية؛ أدمن «المعرفة» وارتبطت قراءته غير المنظمة بوجود تلك «المجلة».. وحين دخل «محراب» المطالعة لكبار الكتَّاب؛ قرأ لمصطفى لطفي المنفلوطي، ومحمد حسنين هيكل، وجورجي زيدان، وعباس العقاد، وطه حسين.


لمَّا أقام فترة زمنية من طفولته بمكة وأزقتها وبين أهلها مع عمِّه الموظف في «اللاسلكي»؛ تنهد حسه الإعلامي عبر جهاز «الراديو»، مستمعاً لحفلات «أم كلثوم» وبرامجه الأخرى.. ومنذ تلك الأيام السمعيَّة؛ عشعشت الكلمة داخله وعشقها.. ولما تعدَّل لسانه بلغة «الضاد»؛ سكن هوى «الإذاعة» قلبه، وملأت عقله، وأضاءت زمانه. وعند أوائل الخمسينات الميلادية؛ عادت أسرته من «الأردن» لمدينة جذور عائلته الأولى «طيبة».. وبالقرب من الحرم المدني وبركته وإشعاعه؛ استقر واستكان، وتعلَّم وعلَّم.. وبين معهدها العلمي طالباً، ومدارسها معلماً؛ استقى «اللغة العربية» وأسقاها لتلامذته.. ومن مهنة «التعليم»؛ سقطت أولى قطرات مطر «عشق الأثير» قبيل الثمانينات الهجرية بثلاثة أعوام.

حين وضعته الأقدار وسط «الأثير» محرراً للأخبار؛ بدأت حكاية إذاعي في «قلعة الميكرفون» التي لم يمرَّ بها وحْده، فكان وفياً لجيل مضى، حميماً لزملاء لم يجرح منهم أحداً.. وعندما واجه التعثرات والانهزامات بوفرة ثرية من «الشكِيمَة»، واستغرق وقتاً لفك رموز «الكلمة» قراءة وتحريراً؛ علّق «القناديل» ليضيء ويتقن سر انتقاء «العبارة» برشاقة، وتحوَّل إلى تجربة مليئة بالممارسة الغنية.