ماني باكياو يؤدي تدريباته الشاقة في مطلع تسعينيات القرن الماضي. (وكالات)
ماني باكياو يؤدي تدريباته الشاقة في مطلع تسعينيات القرن الماضي. (وكالات)
-A +A
كتب: عبدالعزيز النهدي abdullazizNahdi@
في نهاية السبعينات ولد ماني باكياو لأسرة فقيرة، في جزيرة مينداناو جنوبي الفلبين، مات أبوه قبل أن يراه، وكانت أمه كاثوليكية متدينة.

نشأ في مدينة جنرال سانتوس، لكنه ترك المدرسة في سنة 1992، وقرر في ذاك العام أن ينزع حقائب المدرسة عن كاهله. وأن يبيع الكعك على جوانب الطريق. ثم أصبح عاملا للتخزين في إحدى البقالات. متحملا مسؤولية إعالة والدته وأشقائه الصغار.


وفي بلد ينام الملايين فيه دون أن يجدوا طعام يومهم، قاد الحلم باكياو إلى احتراف الملاكمة في عام 1995، في سن 17 عاما. دخل الحلبة مثقلا بالأمنيات والتطلعات ليغادر وأسرته الفقر بلا عودة.

وكان نزاله الأول ضد زميله الملاكم الفلبيني إدموند إنتينغ إجناسيو في مطلع العام نفسه، انتصر باكياو، وبدأ رحلة تاريخية نحو الثراء. ولكن الأهم من ذلك، رحلة ملهمة نحو الأسطورية والرمزية والخلود في الحكاية الشعبية عبر تاريخ الفلبين كبطل قومي.

أعلن باكياو اعتزاله رسميا الأربعاء الماضي. بعد أن هزم الفقر والعوز، وباع الأحلام لشعب الفلبين، أطفاله وشبابه، بدلا من أن يبيع لهم الكعك في تسعينيات القرن الماضي.

إن صعود نجم «ماني» من بين أطفال الشوارع ليصبح بطلا عالميا وأسطورة تاريخية تشير لها أصابع الذاكرة الرياضية خلف أساطير الملاكمة وعظمائها في مختلف الأوزان، جعله مصدر فخر وأمل في بلاد ترتفع فيها نسبة الفقر.

علق باكياو قفازيه، بعد مسيرة ذهبية استمرت 26 عاما، خاض خلالها 72 نزالا فاز في 62 منها، وظل بطلا فيها لمدة 21 عاما، مهيمنا على الألقاب العالمية في ثمانية أوزان مختلفة، حتى خسارته الأخيرة أمام الكوبي أوغاس الشهر الماضي، وكان نزاله الأخير الذي ودع به رياضة الفن النبيل.

باكياو، قبل أن يهبط من حلبة الملاكمة، أشعل سيجار الساسة، وكشف نوازعه ودوافعه نحو الترشح السياسي في المستقبل القريب، لتبوؤ أكبر كرسي في بلاده، رئيسا للفلبين، بعد أن نحت اسمه على صخور بيناتوبو، كواحد من أعظم الرياضيين والملاكمين عبر التاريخ على الإطلاق.