-A +A
أمل السعيد (الرياض) amal222424@  محمد المرحبي (جدة) almarhapi@ 
يقف اليوم أكثر من 43 فناناً عربياً من مختلف الدول العربية، تقديراً لاسم صوت الأرض طلال مداح، في حفلة تكريمه التاريخية التي تبناها ودعا إليها رئيس الهيئة العامة للترفيه تركي آل الشيخ، في ليلة صوت الأرض التي تقيمها الهيئة على نحو استثنائي وغير مسبوق بهذه الضخامة، حين تسابق عشرات نجوم الفن العربي للمشاركة، استجابة لدعوة آل الشيخ التي وجهها للراغبين في المشاركة في هذه الليلة، التي ستكون - وفقاً لمصادر إعلامية - على وصلتين غنائيتين منفصلتين، الأولى تتنوع ما بين ديو ثنائي أو تريو يجمع 3 من النجوم المشاركين في الحفل، لاحتواء أكبر قدر من المشاركات. أما الثانية من المقرر أن يطلّ صوت الأرض أمام الجماهير على خشبة المسرح عبر تقنية «الهولوغرام»، في فقرة مخصصة لأعمال الراحل طلال مداح، التي ستقدم للحضور والمشاهدين باقة من أجمل أعماله الخالدة خلال مسيرته الطويلة، التي امتدت لنحو 50 عاماً من العطاء والإبداع الفني.

الجزائري الذي لم ينسه الراحل.. والآية التي تأثر بها !


يستذكر الشاعر سعود الشربتلي موقفاً للفنان طلال مداح، حين أوقف سيارته في إحدى العواصم الأوروبية، وترجل عنها بغضب بجوار المركز الإسلامي في وقت الشتاء والأجواء باردة جداً، بعدما ضرب بيده بكل قوة على «طبلون السيارة»، بعد أن شاهد شخصاً جزائرياً يتلحف يديه من البرد وفي حالة يُرثى لها، نزل إليه وتكلم معه وأحضره إلى السيارة وأركبه، وعزمه إلى مطعم فاخر، وقال لي، أتدري من هذا؟ قلت لا!، ليرد علي قائلاً: هذا يا أبو سلطان من الذين «يَحْسَبُهُمُ ٱلْجَاهِلُ أَغْنِيَآءَ مِنَ ٱلتَّعَفُّفِ». وقال لي نصاً: «تحصل تفاصيلها في سورة البقرة»، وذكر الآية ورقمها بالتفصيل!
أعطاه مالاً، وحجز له شقة أسكنه فيها، وسط دهشة الرجل وامتنانه، وكان طلال متأثراً يتابع حالته يومياً، وهذه قصة لم ينسها في حياته ولن أنساها!

من هي «الدلوعة» التي يبحث عنها طلال بعد كل رحلة.. وصديقه الأغلى؟
علاقة طلال مداح بعائلته كانت وثيقة ودافئة، رغم مشاغله التي لا تتوقف وعلاقاته التي لا تنتهي، كان يراهم كل شيء ويحرص على أن يكون حاضراً في أهم منعطفات حياتهم، تروي ابنته إخلاص طلال مداح لـ «عكاظ» شيئاً من أسرار هذه العلاقة، وبعضاً من الذكريات التي لا تنساها ولم يسبق أن تحدثت عنها، إذ تقول: علاقتي بوالدي، يرحمه الله، كانت قوية جداً، كنت «دلوعة العائلة»، وأحظى باهتمام خاص في قلبه، وكان أول سؤال يسأله لوالدتي عند عودته من أي رحلة سفر، «إخلاص نائمة أم مستيقظة؟»، وتضيف «بابا» إنسان حنون جداً وعائلي بالفطرة، لم يرفع يوماً صوته أو يده على أحد من أبنائه وبناته، وهذا بسبب قضائه معظم وقته معنا في البيت في الفترة الأولى من حياته.
أقرب الناس إليه
وعن ماذا كان يستهويه في حياته الخاصة بعيداً عن الفن، تقول إخلاص «كان والدي مرناً ودوداً يحب البساطة، حتى في مأكله ومشربه، كانت أكلته المفضلة الملوخية، والمقلقل المفلفل والكبسة».
أما أقرب الأصدقاء له من الوسط الفني، قالت: صديقه الوفي عمي عبادي الجوهر، كانت له مكانة خاصة في قلبه ونعلمها جميعنا في العائلة.
اللحظة الفاجعة
أما أشد اللحظات ألماً في حياة عائلة الراحل، فاجعة موته المفاجئ، وتروي إخلاص لـ «عكاظ» تفاصيلها قائلةً: كان حدثاً مأساوياً وقاسياً وصادماً لنا، كنت في ذلك الوقت بالقاهرة، وكان يوماً غريباً في أحداثه قبل الحفلة، أحسست فيه بانقباض في النفس لم أحسه من قبل. وأثناء الحفل تلقينا اتصالاً من شخص لا نعرفه، وطلب منا الاتصال والاطمئنان على الوالد، لأنه أغمي عليه في الحفل بحسب قوله، بعدها توالت الأحداث، وعلمت أمي بالخبر الحزين وحاولت إخفاءه عنا، لكنها لم تستطع، فنقلته لنا لينزل علينا كالصاعقة، ولن أستطيع وصف شعوري بدقة، فأنا حتى الآن غير مصدقة لذلك المفاجئ، وأحس بأنه في لحظة ما قد يدخل علينا بابتسامته ومشاعره الأبوية التي ظل يحيطنا بها في حياته. رحمه الله وغفر له.
وختمت حديثها الخاص بالقول «أبي كان رجلاً عظيماً، ما زال حياً في قلوب الناس، لأنه قبل أن يكون فناناً استثنائياً كان إنساناً عظيماً».

عبدالله مداح: أغاني أبي تفضح ما يخفيه عنّا!
لنجوم المجتمع صورتهم العامة التي يعرفها الناس من خلال نتاجهم، لكن صورتهم «الخاصة» المتعلقة بالجانب الأسري والإنساني تظل خافية إلا على أهل بيوتهم وأصدقائهم المقربين، وهي تلك الصورة التي سعت «عكاظ» لإجلاء بعض ملامحها من خلال عبدالله، نجل الفنان الكبير طلال مداح رحمه الله، لنتعرف من قرب عن بعض ملامح هذا الفنان الكبير الذي بلغت شهرته الآفاق.
سألناه في البدء عن قراءته لأحاسيس والده العامة تجاه مستجدات الحياة فقال: في أغلب الأوقات لم يكن الوالد يعبر عن أحزانه لنا، ولا نستطيع معرفة إحساسه الخاص إلا من خلال أغنياته وألحانه، كانت تفضح ما يخفيه من مشاعر، ويسكب فيها مشاعره بشكل رفيع، ونعرف من خلال تلك الأعمال ما يحسه في داخله حزناً أو فرحاً.
وعن علاقات والده بكوكب الشرق أم كلثوم والملحن العملاق محمد عبدالوهاب، باعتبار أن «طلال مداح» كان من النجوم الذين تمتد علاقاتهم في أنحاء العالم العربي، قال عبدالله، إن علاقة والده بهذين العملاقين كانت علاقة ود ومحبة، وكانوا جميعاً يحملون التقدير لوالده، وتوطدت علاقات طلال وعبدالوهاب وأم كلثوم عبر أصدقاء مشتركين بينهم وقواسم مشتركة تجمعهم.
وعن إنشاء معهد غنائي باسم والده، كشف عبدالله مداح أنه ظل يفكر في إنشاء معهد عظيم باسم والده، لكنه وضع في حسبانه وحساباته أن ذلك لن يكون إلا على نحو يليق بعظمة اسم وتاريخ والده، وآلية التنفيذ للفكرة لم تتبلور حتى الآن، ربما لنقص الدعم أو لعدم سعيه حتى الآن لتوفير ذلك الدعم، فهو يعتقد أن فكرة المعهد رغم بساطتها إلا أن من الواجب أن تكون على درجة عالية من التميز، وهذا هو الأساس.