سعد مع المطرب الكويتي أحمد عبدالكريم في إحدى السهرات الغنائية بالكويت في الستينات.
سعد مع المطرب الكويتي أحمد عبدالكريم في إحدى السهرات الغنائية بالكويت في الستينات.




سعد يراجع بعض النصوص الغنائية مع زميله الفنان طلال مداح في جدة.
سعد يراجع بعض النصوص الغنائية مع زميله الفنان طلال مداح في جدة.




سعد يتحدث إلى الصحافة قبل وفاته.
سعد يتحدث إلى الصحافة قبل وفاته.
مها سعد إبراهيم خلال حفل تكريم والدها الراحل عام 2019 في الرياض.
مها سعد إبراهيم خلال حفل تكريم والدها الراحل عام 2019 في الرياض.
-A +A
بقلم: د. عبدالله المدني
عرفته صوتا جميلا واستمتعت بأنغامه حينما كان الراديو الترانزستور هو رفيقنا الدائم في ستينات القرن الماضي. كانت أول أغنية اخترقت أسماعنا من أغانية الخالدة هي أغنيته الأشهر على الأطلاق «أرسل سلامي مع نسيم الصباح، للصاحب اللي صار وصله صعيب.. من قلبي ياللي صار كله جراح، ما عاد ينفع فيه وصف الطبيب.. وين الليالي وين هاك المزاح»، وهي أغنية كتب كلماتها مشاري بن عبدالعزيز (وحيد) ولحنها بنفسه وكانت تذاع في الصباح وقت ذهاب الناس إلى أعمالهم وانطلاق الطلبة إلى مدارسهم.

أحببنا هذه الأغنية لحنا وكلمات، ورحنا نبحث عن أغانيه الأخرى أو ننتظر الجديد منها، فكنا على موعد مع رائعته الخالدة الأخرى «يا غايتي يا مرادي، وين الوعود الجميلة.. جرحتني في فؤادي، خليت روحي عليلة.. أنا اللي دايم أنادي، والقلب واعزتي له.. خل الزعل والعنادي، مادام في اليد حيلة.. عند الحضر والبوادي، الود أصبح فضيلة.. إلخ إلخ». وهذه الأغنية التي كتب كلماتها فالح ولحنها أبو السعود الحمادي، تعد من الأغاني القليلة التي غناها فناننا من ألحان غيره.


وهكذا توالت أغانيه. فغنى من ألحانه الأغنيات التالية: أجل لولاك ما بكينا (كلمات خالد الفيصل)، ألا يا عين هلي (كلمات محمد بن جبر)، درب الأمل (كلمات محمد بن مسلم)، غيبي عني (كلمات عبدالله الجارالله)، على فرقاك (كلمات عناد المطيري)، شمس الإشراق (كلمات سعد الخريجي)، يا أسمر يا مليح (كلمات خالد الفيصل)، فوق الرمال الحمر (كلمات أحمد السعد)، يا ناعم العود أنا شاكي هواك (كلمات محمد الناصر)، يا هاجري ليش الزعل (كلمات إبراهيم خفاجي)، وغيرها. كما غنى من كلمات أحمد الناصر الشايع وألحان عبدالله السلوم أغنية «ليتني ما جيت شعبان الحوية» التي غنتها لاحقا المطربة عتاب وسجلتها في تلفزيون الكويت. والجدير بالذكر أنه قدم أيضا ألحانه لمطربات عربيات مثل اللبنانيتين «هند الصغيرة» و«ذكرى» وقت زيارته الأولى لبيروت عام 1964.

فتى الجزيرة

حديثنا هنا هو عن الفنان السعودي «سعد بن إبراهيم بن سعد الشليل» الشهير بسعد إبراهيم، الذي يعد من أوائل مشاهير الغناء والطرب في منطقة نجد. وتمكن سعد في فترة قياسية من البروز والنجاح والتربع على عرش الغناء في المنطقة الوسطى، حتى صار يلقب في الأوساط الفنية بلقب «فتى الجزيرة».

كان سبيله إلى النجاح والشهرة هو المشاركة في حفلات الإذاعة بجدة في بادئ الأمر، فعرفه الجمهور صوتا دون صورة، قبل أن يشارك بقوة في حفلات «مسرح التلفزيون». ثم ذاع صيته أكثر حينما راح يشارك في الحفلات الخارجية؛ مثل حفلة في قرطاج وأخرى في سويسرا وثالثة في بلاستير ورابعة في منطقة الأغوار بالأردن للترفيه عن الجنود، ويقدم الأوبريتات في المناسبات الوطنية، ويلحن المونولوجات والإسكتشات الغنائية لإثنين من أشهر رموز المنلوج والفكاهة السعوديين (عبدالعزيز الهزاع وسعد التمامي).

الانشغال بالفن سراً

ولد سعد في عام 1937، والتحق بالمرحلة الابتدائية لكنه لم يكملها، حيث ترك الدراسة مبكرا لدخول سوق العمل، وكانت أول وظيفة يلتحق بها بوزارة المالية سنة 1953 وهو في سن السادسة عشرة، ومنها انتقل إلى وظيفة أخرى في العام التالي بأمانة الرياض، فإلى وظيفة ثالثة في عام 1960 بالأمانة العامة لمجلس الوزراء. وخلال هذه الفترات من حياته انشغل بالفن والموسيقى فمارس منذ عام 1958 الغناء وعزف العود كهواية وبصورة سرية وسط أصدقائه المقربين في الرياض من أمثال عبدالله بن سلوم وابن نصار وأبي السعود الحمادي. وصادف أن نقل إلى جدة زمن عمله بأمانة مجلس الوزراء، فكانت تلك فرصته للغناء علنا لأول مرة، أولا من خلال مسرح إذاعة جدة (زمن رئيسها الشيخ عبدالله بلخير ومديرها عباس فائق غزاوي). ومسرح الإذاعة كان يشارك فيه آنذاك الفنانون طلال مداح وفوزي محسون وعمر كدرس باعتبارهم مسجلين في الإذاعة (كان محمد عبده وقتها في بداياته ولم يكن مسجلا في الإذاعة، بينما كان طارق عبدالحكيم وغازي علي منشغلين بتسجيل الأسطوانات وغير مكترثين بحفلات الإذاعة، طبقا لما رواه في حديث مع صحيفة الرياض) حيث قدم أغنية «يا غايتي يا مرادي» التي لاقت نجاحا كبيرا، وهو ما شجعه -كلما أتى من نجد إلى الحجاز- على المشاركة في الحفلات الطربية الجماهيرية في الطائف وجدة ومكة مع أساطين الطرب السعودي آنذاك؛ مثل طلال مداح وطارق عبدالحكيم ومحمد علي سندي وعبدالله محمد وعمر كدرس، ومنها حفلة غنائية أقامها «نادي الوحدة» الرياضي المكي بمنطقة الهدى بالطائف، تكريما لفناني تلك الحقبة الجميلة.

وهج التألق

وهكذا، بينما ظل زملاؤه ممن كانوا يلازمونه في الرياض ويمارسون الفن معه خفية دون حضور حقيقي على الساحة الغنائية المحلية، راح سعد يتألق أكثر فأكثر محققا النجاح تلو النجاح، بل سافر إلى البحرين لتسجيل أغانيه على أسطوانات، ومن ثم سافر إلى لبنان للغرض نفسه، حيث سجل في بيروت أغنية «أرسل سلامي» عام 1964 بكلفة 600 ليرة لبنانية (كانت تعادل آنذاك 900 ريال) وباعها للإعلام بأربعمائة ريال.

ولعل من تجليات نجاحه في هذه الفترة من حياته أنه كان الأول بين زملائه من مطربي السعودية الذي غنى من كلمات الأمير خالد الفيصل (أغنية أجل لولاك والله ما بكينا) حينما كان سموه يكتب قصائده تحت اسم «دائم السيف»، قبل أن يستمر التعاون بينهما ويغني سعد من كلمات خالد الفيصل أغنيتي «يا صاحبي ما أقدر السلوى»، و«يا أسمر يا مليح»، وكان أيضا الأول الذي غنى قصيدة من نظم الأمير بدر بن عبدالمحسن، وهي قصيدة «يا حلوتي لو تجرحيني»، ناهيك عن أنه أول فنان يشدو بكلمات الشاعر السعودي الكبير أحمد الناصر الشايع (أغنية يا عين هلي دموعك)، ومن أوائل من قدموا الأغنية السعودية الرياضية التي ظهرت ابتداء في عام 1968 حينما غنت هيام يونس من كلمات وألحان الأديب والإعلامي السعودي طاهر زمخشري أغنية «جيب القول على الرايق.. جيب القول خليك هداف.. إنْ كنت وينق أو سنتر هاف»، حيث قدم سعد بعدها أغنية «جينا جينا نبغي قول.. يالله يالله جيب القول.. خل الليلة دق طبول».

خير التلفزيون

كان افتتاح تلفزيون الرياض الرسمي وتدشينه البث باللونين الأبيض والأسود في عام 1965 بالتزامن مع تلفزيون جدة فاتحة خير على سعد. ذلك أن تلفزيون الرياض، زمن مديره فوزان الفوزان، أخذ على عاتقه التعرف على المواهب الفنية المحلية وتشجيعها من خلال السماح لها بالمشاركة في «مسرح التلفزيون» كمطربين وعازفين. ومن جهة أخرى كانت هذه الخطوة فرصة للمواهب المذكورة، ليس للانتشار فحسب، وإنما أيضا للتعرف على بعضهم البعض والتعاون فيما بينهم. وفي هذا السياق أخبرنا سعد أن أول لقاء بينه وبين الفنان الراحل سراج عمر كان عند بوابة التلفزيون، حينما كان سراج ينتظر هناك طلباً لمساعدة أحدهم لدخول المبنى والتعرف على المسؤولين فيه، فقام سعد بمساعدته. كما أن سعد كان من أسباب التحاق الممثل الراحل محمد العلي بالتلفزيون، حيث تعرف عليه في منزل والدة المرحوم فيصل الشهيل ووجده رجلا ذا موهبة وخفة ظل ومرح فاقترح عليه أن يبرز مواهبه من خلال التلفزيون وساعده في ذلك. وبالمثل فقد التقى سعد عند بوابة التلفزيون أيضا بالشاعر القدير أحمد سعد وتعرف عليه وساعده في دخول التلفزيون، وأخذ منه قصيدة «فوق الرمال الحمر» ولحنها قبل أن يسجلها في إذاعة الرياض كأول أغنية عاطفية تسجل في استوديوهاتها (أول أغنية سجلتها له إذاعة الرياض كانت دينية بعنوان «بالبركة هلت» من كلمات مسلم البرازي). ويتذكر سعد أن تسجيل أغنيته العاطفية تلك في الإذاعة كان بفضل جهود عبدالرحمن المقرن الذي كان الوحيد -آنذاك- الملم بهندسة التسجيل وأعمال المونتاج بسبب اجتيازه لدورات في إذاعة الكويت.

الإذاعة والأغاني بين الأمس واليوم

سألوه عن الفرق بين الإذاعة السعودية في الماضي وفي وقتنا الراهن، فرد بنبرة حزينة قائلا (بتصرف): «بلا شك المفارقات الإذاعية بين الأمس واليوم أعتقد أنها شاسعة، فقد كان زهير الأيوبي (المدير العام السابق لإذاعة الرياض) يرسل لنا خطابات ويدعونا للمشاركة في كافة المناسبات وعندما ننتهي يرسل لنا خطابات شكر وتقدير. أما الآن فلا أحد يسأل عنا نهائيا حتى أنهم لم يوثقوا أعمالنا بتواريخها الحقيقية، وإذا أردت التأكد من ذلك عليك بمتابعة نشاطات الفرقة الموسيقية، فسابقاً كانوا من أبناء المملكة ومن أفضل العازفين، والآن استقدموا عازفين من الخارج يسلمونهم رواتب بدون عمل ملحوظ، ولم نستفد منهم إلى الآن. أتمنى أن يستفيدوا من الرعيل الأول ويجعلوا واحداً منهم مديرا لقسم الموسيقى -بدلا من الأجنبي- لأنه يفهم الفلكلور والأعمال القديمة وله نظره في تقديم الفن السعودي على أكمل وجه».

وسألوه أيضا عن الاختلاف بين أغاني الماضي وأغاني الحاضر فكان رده أن «الاختلاف والفارق كبير جدا»، مشيرا على سبيل المثال إلى اختفاء وانقراض المونولوج، الذي كان يعالج القضايا الاجتماعية، ومضيفا (بتصرف): «إذا أردنا إعادة المونولوج لا بد أن تكون لدينا فرقة موسيقية متمكنة نعيد من خلالها أيضا الأعمال الدينية والرمضانية وغيرها كي تنتعش مكتبة الإذاعة بهذه الأغاني». واستطرد قائلا: «الأغنية الحالية أصبحت معدومة الهوية ولا ترتكز على أسس صحيحة، والدليل أن الفنانين الحاليين في جلساتهم لا يقدمون إلا الأغاني القديمة لأنهم يعرفون قيمتها الفنية، لكن للأسف في أشرطتهم الرسمية العكس هو صحيح، حيث نجد الأغاني الهابطة التي لا تحمل لونا أو طعما. وإذا أردنا التوازن في هذه الحالة يجب علينا إعادة مسرح التلفزيون لجذب المشاهدين بعيدا عن القنوات الفضائية التي أفسْدت وقللتَ من قيمة الأغنية الخليجية وقدمت لنا الغث والسمين. وكان لدي مجموعة من الأسطوانات والوثائق التي تؤكد على هذا الشيء من حيث تقديم الأعمال في السابق وما يقدم في الحاضر إلا أن هذه المكتبة أتلفت من دون علمي». وعلى نفس المنوال، هاجم سعد الشركات الفنية المنتجة قائلا إنها لا هم لها سوى جمع المال، وأنها تركت الفنانين الأصيلين وراحت تزور أعمالهم.

60 عاماً من العطاء

رحل سعد عن دنيانا في 13 ديسمبر 2006، من بعد حياة طويلة قضى جلها في خدمة الفن السعودي، فنعاه زملاؤه ومن بينهم الفنان سراج عمر الذي قال عنه: «كان الفنان سعد إبراهيم واحدا من أبرز نجوم المملكة وتحديدا المنطقة الوسطى في الموسيقى والغناء، ولطالما جمعتني به جلسات فنية عندما تعاونت فنيا مع نجوم المنطقة الوسطى مثل عودة العودة وغيره.. رحم الله سعدا لقد كان فنانا رائدا بمعنى الكلمة». أما الموسيقار محمد شفيق فقال: «بفقده خسرنا مرجعا في موسيقى المنطقة الوسطى وواحدا ممن تعلمت منهم نكهة الموسيقى والغناء في نجد رحمه الله».

وهكذا غاب عن الساحة الفنية السعودية نجم من نجومها الأوائل ممن برزوا في الزمن الصعب، رحل من كان يرسل سلامه إلينا كل صباح عبر الأثير، دون أن يبلغ مراده وغايته بتكريم من وطنه تقديرا لستين عاما من العطاء الفني. صحيح أنه جرى تكريمه أولا في مهرجان تلفزيون الخليج السابع في البحرين سنة 2001، ثم كرمته الجامعة العربية كواحد من الرواد العرب في مجال الفنون الموسيقية، لكن الصحيح أيضا أنه لم يكرم داخل وطنه -مثلما كان يتمنى- إلا بعد وفاته.

ففي فبراير 2019 تمّ تكريمه من قبل وزارة الإعلام في فعالية «ليالي النغم الأصيل» إلى جانب الملحن صالح الشهري والفنانين سراج عمر وعمر كدرس والفنانة عتاب، حيث تألق 14 فنانا وفنانة من الشباب في تقديم 40 أغنية من ألحان وغناء المحتفى بهم بحضور أكثر من 3000 شخص من الجنسين، قبل أن يقوم الأستاذ عبدالله الكناني، وكيل وزارة الإعلام للشؤون الثقافية، بتكريم المحتفى بهم الراحلين من خلال أبنائهم، ومنهم مها سعد إبراهيم التي مثلت والدها.

لماذا عاتبت ابنة

الشليل محمد عبده ؟


ظل سعد يعمل موظفا في الحكومة إلى حين تقاعده عام 1986. وخلال سنوات عمره تزوج أكثر من مرة وأنجب العديد من الأبناء؛ أحدهم فهد الشليل الذي يُخرج برنامج «صدى الملاعب» في قناة الـMBC، لكن أكبرهم ابنته الممثلة والإعلامية مها إبراهيم التي أطلقت تغريدة في الخامس من سبتمبر 2018 اتهمت فيها الفنان محمد عبده بالسطو على أغنية والدها الأكثر شهرة (أرسل سلامي)؛ فطبقا لما نشرته صحيفة المدينة (5/‏‏9/‏‏2018) على لسانها: «أكنُّ للفنان محمد عبده كل الاحترام، وهو فنان كبير ولكن حقيقة حزَّ في نفسي أنه قام بغناء أغنية الوالد دون الرجوع لنا نحن أسرته وهذا حق من حقوقنا». وأضافت: «الغريب أن الوالد -يرحمه الله- كان قبل وفاته يتصل به كثيرا يريد التواصل معه ولكنه لم يكن يجيب على اتصالاته ويتجاهلها ولا أعرف هل هذا غرور أم تكبّر أم ماذا؟.. وبعد وفاة الوالد بأشهر قليلة قام بغناء الأغنية وعلى ما أذكر كان في حفل بالبحرين، وهذا أمر غريب ولا أعرف ما هو المقصد، فلماذا لم يكن يجيب على اتصالات الوالد؟، ولماذا لم يقدم الأغنية في حياته، ثم قام بغنائها مباشرة بعد وفاته؟». وتابعت قائلة: «أوجه رسالة عتب للفنان محمد عبده، وودي أن التقيه شخصيا لأبلغه بعتابنا، فالأغنية من أغنيات الوالد المشهورة، ونحن أسرته لا نرغب في تصعيد الأمر واللجوء للجهات الرسمية ورفع قضية، وأكرر أنني أكن له كل التقدير وأحب أغنياته، ولكن من منطلق الروح الفنية والأمانة الأدبية، كان عليه أن يستأذننا».

والحقيقة أن علاقة سعد بمحمد عبده ملتبسة بعض الشيء، ففي حواره مع عبدالله الكثيري المنشور في صحيفة الجزيرة (20/‏‏12/‏‏2006) قال بنبرة حزينة: «تصور أنني وقفت مع فنان العرب محمد عبده في (البدايات) وتنكر لي في الآخر حتى أن لديّ أكثر من عشرة ألحان خاصة به ولكنه لم يرد عليّ وحاولت أن أوصل صوتي له ومناشدتي عبر أصدقاء ولكنه للأسف لم يتجاوب. وأقول سامحك الله يا محمد عبده!! لقد غنى لي الأغنية الشهيرة (أجل لولاك ما نسينا) واحتفظ بالأغنية حتى الآن وشجعته في البداية وساعدته ولكنه تخلّى عني بعد أن تقدمت بي السن وتلاشت عني الأضواء». لكن محمد عبده كان، طبقا لما كتبه الناقد الفني علي فقندش في صحيفة عكاظ (15/‏‏12/‏‏2006)، أول من قدم التعازي بوفاة زميله سعد، حيث سجل عنه قوله (بتصرف): «رحم الله فناننا الكبير الذي اعتبر نفسي واحدا من تلاميذه».

وعلى العكس من عدم وجود تواصل بينه وبين محمد عبده، كان سعد متواصلا ومتعاونا مع الفنان طلال مداح. وفي هذا السياق أخبرنا علي فقندش في مقال له نشرته عكاظ (مصدر سابق) أنه قبل نحو عام من وفاته زار سعد صحيفة «عكاظ» أثناء زيارة له لجدة لمتابعة تسجيل آخر أغاني طلال في ستوديو محمد شفيق وستوديو عادل الصالح، وقضى نحو أسبوع مع طلال اتفقا خلاله على أعمال مشتركة، كان منها ما هو وطني، وأنه تخلل لقاءهما أحاديث طويلة عن ذكريات الأمس والماضي البعيد بكل شؤونها وشجونها.