الشيخي
الشيخي
-A +A
عبدالله الشيخي *
الوصم في اللغة: وَصَمَ فُلاناً أي عَابَهُ أو انتقصَ من قَدره.. ويعتبر عالم الاجتماع (أرفينج كوفمان) أول من استخدم مفهوم الوصم الاجتماعي، وعرّفه «بأنه نوع من الممارسات اللا أخلاقية للأشخاص الذين يمارسون سلوكاً غير سوي من أجل تمييزهم بأنهم منحرفون أو مرفوضون اجتماعياً»، وقد نجدها لدى الأشخاص ذوي الإعاقة أو المجرمين أو الأحداث أو المرضى النفسيين أو المصابين ببعض الأمراض المعدية كمرض كورونا.

ظاهرة الوصم ليست حديثة ولها امتدادات تاريخية.. حيث ظهرت سابقاً مع أوبئة اجتاحت العالم وخلّفت العديد من المرضى والوفيات كمرض الطاعون والجدري والحصبة والأنفلونزا الإسبانية والسارس وإيبولا وأخيراً مرض كورونا.. وأصبح ارتباط هذه الظاهرة بالأمراض المعدية ارتباطاً وثيقاً وأنتج لدينا العديد من أنواع السلوك غير المرغوب فيه كالرفض اللفظي والجسدي للمصابين وأسرهم أو المخالطين لهم..


من وجهة نظري أن هذا السلوك له أسبابه المختلفة والمتعددة نظراً لحداثته (كورونا) ولا يزال الكثير عنه مجهولا وخاصة أنه لم يُكتشف له علاج نهائي.. وأيضاً جهل المجتمع بأسباب العدوى ومدى انتشارها بشكل مخيف ولا عن تأثيراته على المدى القريب والبعيد..

مرض كورونا لم يسبب الآلام الجسدية للمصابين بل ترك جروحاً نفسية غائرة في نفوس المرضى ومن حولهم، ولم يقف عند هذا الحد بل وصلت وصمة العار هذه وملاحقتها لكل من يتعامل مع هذا المرض أو من كانوا في خدمة المواطنين أثناء الحظر الذي ساد مجتمعنا في الفترة الماضية (مقدمو الرعاية الصحية والعسكرية وموصلو طلبات التموين وطلبات الشحن).

وبذلك نصل وإياكم للتساؤل التالي:

لماذا الوصم الاجتماعي مضر بالمجتمع؟

أظهرت العديد من الدراسات والأبحاث المتعلقة بالأوبئة أن هذه الظاهرة تقوض جهود المعنيين باختبار المرض وعلاجه، وقد يدفع النبذ الاجتماعي بعض الأشخاص إلى تجنب الخضوع للفحوصات المخبرية أو طلب الرعاية الصحية، والبعض يقع في الخوف من ملامة الآخرين لهم أو عدم تقبلهم للنقد حتى وصل بهم الحال إلى مراحل متقدمة من المرض الذي أدى بدوره إلى انتشار الفايروس كقنبلة عنقودية موقوتة تصل للعشرات بل للمئات من البشر..

في الأيام القليلة الماضية ظهر لنا العديد من أساليب الوصم الاجتماعي وخاصة لدى إخواننا في الدول العربية والإسلامية المجاورة من خلال رفض شريحة كبيرة من المجتمع للمرضى المصابين بكورونا أو أسرهم أو المخالطين لهم.

وأخيراً.. دعونا نعلم جيداً بأن هذه المحنة التي مررنا بها أثرت بنا جميعاً وقريباً ستنتهي هذه الجائحة وتصبح من الذكريات التي تعلمنا واستفدنا منها الكثير إذا تخلينا عن الخوف من الشائعات ووجهنا تركيزنا نحو الحقائق والتصرفات الصحيحة التي يمليها علينا ولاة أمورنا ونظامنا الصحي (وزارة الصحة) وإظهار تكاتفنا ودعمنا لبعضنا بعضاً.

* رئيس قسم الخدمة الاجتماعية بمجمع إرادة لخدمات إرادة