بوستر فيلم يا عمري.
بوستر فيلم يا عمري.
-A +A
علا الشيخ - ناقدة سينمائية ola_k_alshekh@
تأخر مهرجان كان السينمائي الدولي عن إعلان تأجيل دورته الـ73 مقارنة بمهرجانات سينمائية عربية وعالمية، ولكنه أخيرا أعلنه، مشيرا إلى أنه سيفتح جناحه في مدينة كان ليكون ملاذاً آمناً للمشردين في زمن الكورونا، في لافتة ترتقي بدور السينما والفنون بشكل عام والوقوف إلى جانب الإنسانية في مصابها، لاسيما أنه مصاب عالمي. فيما كانت السينما حاضرة في دعمها بطريقتها الخاصة لتحفيز الناس على البقاء في المنازل، فتقدم أولاً «ادفا»، أحد أكبر مهرجانات السينما التسجيلية في العالم، بطرح مئات الأفلام المهمة للمشاهدة مجانا، لتتوالى بعدها المبادرات الجماعية والفردية من سينمائيين حول العالم عرباً وأجانب، فباتت منصات التواصل الاجتماعي تعج بروابط أفلام متنوعة تبدد عزلتك في المنزل وتقربك من ثقافات العالم أكثر.

ومن بين المبادرات، أعلنت منصة شاهد أن خاصية VIP باتت متوفرة لمدة شهر مجانا للجميع، وهنا يتوحد العالم تجاه مفهوم الفن ودوره، أما بالنسبة للمبادرات الفردية وتحديداً العربية، فقد طرحت المخرجة اللبنانية ألين الراهب فيلمها «ميل يا غزيل» للمشاهدة مجاناً لمدة أسبوع، ما دفع مخرجين عرباً للحذو ذاته، مثل المخرج السوري نضال الدبس مع فيلمه «تحت السقف»، والمخرج التونسي مهدي برصاوي وفيلمه «بيك نعيش»، والمخرج اللبناني هادي زكاك وفيلمه «يا عمري» الذي يتناسب مع المرحلة تحديدا في فكرة كبار السن، وهو الفيلم الذي سيتم تناوله اليوم.


زكاك، الأكاديمي وصاحب أفلام وثائقية عديدة، يقدم في فيلمه «يا عمري» حكاية خاصة به مرتبطة بجدته، لأنه ببساطة يؤمن أن الوثائقي هو أكبر عرفان للشخصيات التي نحبها وكانت تعيش بيننا يوماً. زكاك صاحب فيلم «مرسيدس» يرصد حياة هذه الجدة منذ دخولها عمر الـ80 إلى أن أصابها الزهايمر وفارقت الحياة عن 103 أعوام، هو فيلم فيه من الحب الكثير، تدخل في تفاصيله لتعي قيمة أن يكون في حياتك «كبير سن»، هذه القيمة تعيد طرح نفسها في زمن الكورونا، الذي باتت فيه جملة «الفايروس لا يميت سوى كبار السن» سهلة وبسيطة، تتناسى قيمة هؤلاء في حياتنا. ومن الجميل وأنت تشاهد الفيلم أن تعي تماما أن دورنا قد حان في حماية هؤلاء، لذا ستشعر بوقع مشاهدته في هذا الوقت المهم، لتدرك مسؤوليتك تجاه من ضحى بطرق مختلفة لتعيش أنت، فذلك الجيل هو من حارب وناضل وبكى كثيرا لتصل إلى ما أنت عليه اليوم.

هل تكفي جملة «يا عمري» التي ترددها الجدة لحفيدها هادي المدلل حتى في قمة نسيانها تفاصيل حياة كاملة، يكفي أن تتذكره لحظة وتنادي «هادي هادي يا عمري». هذه الجدة (التيتا هنريتا) هي روح لديها ماض وتفاصيل وضحكات وتضحيات، هي تشبه جدتك وأمك، وهي من جيل جدك ووالدك، ستعيش مع هادي وجدته تفاصيل حياة كاملة من أرشيف صور، وستعيش الغصة وأنت تحضر الذاكرة وهي ترحل، قبل رحيل جسدها. ستعلق ضحكتها بذاكرتك، وستتحدث عن عزة نفسها مطولا، هي تشبه شخصا قريبا منك كثيرا، يستحق أن تحافظ على صحته ولا تنقل له العدوى، إذا ما قررت أن تتحدى المنظومة العالمية وتخرج وتختلط، أجسادهم الغضة لن تتحمل، وأنت أيضا لن تتحمل أن تكون سببا في موتهم. وهنا، ننشر رابط فيلم «يا عمري»، الذي قرر مخرجه اللبناني هادي زكاك تمديد فترة عرضه مجاناً، ليمنح قراء «عكاظ» فرصة مشاهدته: https:/‏/‏vimeo.com/‏192764286