-A +A
خضر الخيرات (جازان) khdr09@
لم يمنع رعي الغنم الذي واظبت عليه نورة غزواني منذ نعومة أظافرها في إحدى قرى بلغازي، من الاستمرار في دراستها، لتوفق بين مساعدة والدها وأسرتها، وبين رغبتها في التعلم والدراسة، فتحمل حقيبتها صباحا إلى المدرسة، وتعود عند الظهيرة للمرعى لتشرف على رعي الأغنام والأبقار.

ورغم أن نورة قاست الكثير من المعاناة، في ظل قرية محرومة وقتها من الكهرباء والمواصلات، إلا أنها استمرت في الدراسة، حتى حصلت على الشهادة الابتدائية، ليتوقف قطار تعليمها، وتدخل في مرحلة أخرى من حياتها بزواجها في الـ19 من عمرها.


وباتت الظروف المعيشية الصعبة التي عاشتها نورة مع زوجها (غير الموظف) حافزا لها للعودة للدراسة، لتحصل على الشهادتين المتوسطة والثانوية، ولم يشغلها الأبناء الـ4 الذين أنجبتهم في تلك الفترة، لتسارع بالالتحاق بمعهد معتمد تحت إشراف المؤسسة العامه للتدريب التقني والمهني، وهنا بدأت انطلاقتها إذ قررت التسويق للمعهد مقابل سداد ثمن البرنامج الذي تتدرب عليه، ليكتشف مسؤولو المعهد طريقتها وموهبتها، ويتم تعيينها مشرفة ومسوقة للمعهد. ولم تذعن نورة للصعوبات التي واجهتها وهي تسوق للدورات في محافظة العيدابي وفيفاء وهروب، ممثلة بالممانعة والاستنكار والمعارضة، لتترجم هذه التحديات إلى إصرار ورغبة في النجاح، ثم تعاقبت العروض عليها من عدة معاهد، لتعمل مسوقة لهم. وأمام العمل والرغبة في النجاح، لم تنس نورة دراستها، فعادت إليها لتدرس تخصص الفيزياء بجامعة جازان، ويستمر نجاحها في السنتين الأوليين، وتنتظر التخرج لتعمل بتخصصها. ودفع حب نورة للتراث والقطع الأثرية للاحتفاظ بما تناله من جدته وأم زوجها، لتؤسس مع أطفالها وبعض صديقاتها فريقا لدعم التعريف بالزي الشعبي، ولو تتوقف عند هذا الحد، بل نالت رخصة مرشدة سياحية مستثمرة السماح بالتأشيرة السياحية، لتروج للتراث الشعبي، فيما تم ترشيحها عضوة في المركز الإعلامي بالعيدابي، والتنسيق مع مجموعة من الصديقات لكرنفال جازان الشتوي، ثم ترشح لمعرض التراث بمهرجان العسل في جازان، وتمثل محافظتها في المحفل الهام بالنسبة للمنطقة. وقفت نورة ابنة الـ31 عاما، لتمثل محافظة العيدابي في جناح الموروث الشعبي بشارع الثقافة بجازان، وعينها على تمثيل محافظتها عالميا، ولسان حالها يقول: سأصل يوما ما، ما دامت عصا الطموح في يدي.