-A +A
خالد الجارالله (جدة)
رحل الشيخ علي الطنطاوي منذ سنوات وما زال يسبغ الحكمة والنصيحة الرشيقة على أجيال أتت من بعده، حتى وجسده بين دفتي ثرى وروحه ماثلة في دار البقاء، إذ إن ذكراه ما انفكت تقرع طبول الذاكرة كل عام وتتمدد على موائد العرب شرقا وغربا، وتسيل حكمته علينا ذهبا من بوتقة صائغ ومطرا من كومة غيم.

اللطافة والهدوء في طرحه كانا سمتين ينفرد بهما، فسرده المفعم بنماذج واقعية وتجارب شخصية منح حديثه شيفرة العبور على قلوب الناس، وسهّل من فرصة اصطياد اهتمامهم في وقت تموج فيه النفس بين موائد الطعام ولحظات الاسترخاء، حتى يكاد يكون الطنطاوي الوحيد الذي زاحم برامج المنوعات الخفيفة في الفترة الذهبية من البث التلفزيوني بمائدته الجادة الرشيقة.


تحمل تجربته في هذا المجال خبرة عريقه، فهو وبحسب مواقع أكاديمية متخصصة من بينها جائزة الملك فيصل العالمية، من أقدم الإعلاميين العرب، إذ بدأ يحاضر في إذاعة يافا سنة 1351/‏1932، وكان له برنامج إذاعي يومي بعنوان "مسائل ومشكلات"، وآخر تلفزيوني أسبوعي بعنوان "نور وهداية" وظل يقدمهما نحو ربع قرن. نال جائزة الملك فيصل العالمية عام 1410، تقديرا لجهوده في الدعوة إلى المنهج السليم بإبداع في مناهج القول والكتابة، وتميز بالطرافة والسهولة والنفاذ إلى قلوب مخاطبيه ومستمعيه رجالا ونساء شرقا وغربا.

أغمض إيماضته الأخيرة عام 1999 ودفن في مكة المكرمة بعد أن صُلي عليه في الحرم المكي الشريف، تاركا خلفه ذكرى يتداولها المحبون.