-A +A
علي الرباعي (الباحة) Al_ARobai@
تختط الروائية رحاب أبو زيد مساراً كتابياً مرتبط بكل أواصره بالمسار الإنساني، فهي برغم سهام الوجع التي كتبت عنها غاية في أدبها اليومي وتعاملها الحياتي، حتى لكأنها سيدة من كوكب آخر، تعتني بالقراءة باللغتين وتجيد إعادة صياغة الأشياء خصوصاً في شهر رمضان، ونطل من شرفة على عالمها الرمضاني عبر هذا الحوار:

• ماذا تفتقدين في رمضان الحالي؟


•• قائمة طويلة كانت تكتبها أمي بخط اليد وبقلم أزرق جاف في دفتر الطلبات.. والترتيبات، سفرة الإفطار في الحرم النبوي معها والخلاف بين إخوتي من يصلي بجانبها.

• رمضان عالق في ذاكرتك.. متى ولماذا؟

•• لسنوات عدة قضيت رمضان في الطائف نهاية السبعينات، وعلقت بذاكرتي الشمِّية والبصرية، طبق «لحوح» بالسمن والعسل والهيل، معجون بطيبة جارتنا العجوز، وشذرات شوك الـ«برشومي» تتطاير مع غيوم الشفا.

• على المائدة، شيء تفضليه غير الطعام؟

•• سماع نفخة المؤذن من مكبرية الحرم النبوي في الميكرفون كإشارة تبعث التأهب والطمأنينة.

• تفضلين نهار رمضان أم مساءاته الصاخبة؟

•• بما أني في رحلة بحث لا يستكين عن السكينة، فالنهار في رمضان هو الذي آخذه على محمل الجد.

• شخصية تتمنين مشاركتها الإفطار الرمضا؟

•• أمي رحمة الله عليها ومغفرته.

• طبق رمضاني لا يغيب عن مائدت؟

•• شوربة الحَب.

• هل تصومين عن مواقع التواصل الاجتماعي في رمضان؟

•• أصوم عن الخوض فيما يسيء للتواصل.

• موسيقى عالقة في ذهنك ترتبط برمضان؟

•• أغنية كوكب الشرق «القلب يعشق كل جميل» للموسيقار العبقري رياض السنباطي.

• كم يبلغ إجمالي فاتورة «المقاضي الرمضانية»؟

•• فاتورة المطاعم أصبحت أعلى من فاتورة المقاضي، وهذه بحد ذاتها اختراق لعاداتنا العائلية حيث كان رمضان في السابق هو أكثر شهر نرابط فيه بين المطبخ والتراويح الجماعية والعزائم.

• أين تتجه بوصلة «الإفطار الرمضاني» خارج المنزل؟

•• نولٍّي وجوهنا شطر الزحام وأجواء رمضانية تعج بأنفاس الغرباء وأطباق الغرباء.

• ماذا تتابعين في التلفزيون، غير أذان المغرب؟

•• الذائقة للأعمال الفنية في السنوات الأخيرة هابطة وصادمة للعادي، أتساءل ما الذي يحدث كلما شاهدت عرضاً ما يدفع بالناس نحو الغباء؟ لقد صعبت متعة المشاهدة دون أحكام مسبقة وصعبت الانتقائية لعدم توفر خيارات!

• معارك تتمنين أن تطوى فصولها في رمضان؟

•• سباق الفتاوى، فلو كان السائل حريصاً خارج رمضان لاستفتَى قلبه.

• مدينة تتمنين أن تقضي رمضان فيها. ولماذا؟

•• صنعاء، لأنها مدينة شيدت على أرض روحانية، زرتها مرة وتساءلت كيف بها إذا التقى الزمان والمكان.

• في رمضان.. هل يرتفع مؤشر التدين عندنا.. ولماذا؟

•• بدأ المجتمع يرفض النفاق والتلون، فالبعض يبدي احتراماً لقيمة الشهر عند الآخرين والطقوس المرتبطة بذلك، لو لم يكن ملتزماً بها.

• هل تؤمنين ببركة الموت في أيام رمضان، وخصوصاً العشر الآواخر؟

•• أؤمن بأن الموت كالحب لا يحط خبط عشواء ولا يدور بيننا في عبثية، أؤمن أن لمطارح من الأرض هالتها وأن بعضها أكثر قبولاً وإحاطة لأحد دون آخر، وكذلك هو الأمر مع الوقت والأيام.

قديما قالوا «يحسدوا الميت على موتة الجمعة» ولم يجانبوا الصواب.. فالحسود لا يهدأ بموت المحسود.

• باب خرجتِ منه عالق في ذاكرتك؟

•• باب ما جاء في التلقين والإملاءات.

• كيف ترين العالم اليوم؟

•• مخيف رغم تفاؤل حمامة، ملول رغم زعيق الطبالين، متخبط رغم قناع العقلانية.

• ما موقفك من قضايا الاحتباس الحراري؟

•• حزينة جداً لما نؤذي به الأرض.

• لو خيرت بين العيش وحيدة في جزيرة منعزلة أو العيش في مدينة صاخبة تكتظ بالبشر. ماذا ستختارين؟

•• جزيرة مأهولة بالكتب والأقلام والبطاريق.

• كتاب ندمت على قراءته.. ما هو؟

•• بل مدينة له بتعريف الرداءة.

• ما أكثر أيقونة يطرقها إصبعك في هاتفك؟

•• أيقونة السماعة الحمراء.

• خلال مسيرتك العملية.. هل مضى شراعك بما تشتهي ريحك؟

•• ثمة ثقب في السفينة حال دون الغرق.

• متى شعرت بالخذلان آخر مرة؟

•• منذ قرابة شهقتين ونصف.

• الجلوس 5 دقائق مع شيخ الإرهابيين يوسف القرضاوي، ماذا ستقولين له؟

•• هل تؤمن بوجود الجنة والنار؟

• ما الشيء الذي يفتح بداخلك نوافذ الحنين.. (أغنية، ذكرى، شارع، عطر..)؟

•• واجهتُ كل المنافذ وانغمرت حتى لم يعد لأيٍ منها عليَّ سُلطة..لكن للأمانة لا أقوى على المرور بشارع بيتنا القديم في الرياض.

• ماذا قدم لك فريقك، غير الضغط والأعصاب المتوترة؟

•• أهازيج شعبية.. وكؤوس خبا بريقها.

• هل تخشىين من الروبوت ومزاحمته للإنسان العامل مستقبلاً؟

•• أخشى من الانهزامية والاستلاب.

• هل للورق رائحة، وهل تقرئين الكتب عبر الأجهزة اللوح، وكيف تصفين صوت تقليب الصفحات؟

•• سواء كان الورق متحولاً أو بُردياً، فكل مكوناته من ألياف ومواد كيمائية هي من لُبُّ الكون، حتماً لن أتنازل عن مجموع بصمات الحبر والأثير والإنسان، لا أملك جهازاً لوحياً، وأشتغل على تجلية حواسي اللامرئية بين صفحة وظهرها.. (قلبها!)

• هل تتوقفين عن الكتابة اختياراً أم اضطراراً؟

•• بكامل اختياري، أتوقف ملبية لنداء روح مضطرة.