إحتجاجات إيران
إحتجاجات إيران
-A +A
«عكاظ» (جدة) okaz_online@

مع إعلان مدير منظمة حقوق الإنسان الإيرانية محمود أميري مقدم، مقتل 304 محتجين خلال الثورة التي تضرب البلاد منذ منتصف شهر سبتمبر الماضي، تبدو إيران أمام مرحلة داخلية جديدة، هذه المرحلة على الأرجح تحمل رياح تغيير من الداخل من دون أية مؤثرات خارجية، الأمر الذي يعكس حجم الجدية التي تتمتع بها هذه الثورة. مؤشر القتلى أيضا يحمل معاني عميقة، إذ إن بينهم 41 قاصرا و24 امرأة، ما يشير إلى بعد اجتماعي عميق بقيادة نسائية يصعب معه التكهن بمسارات هذه الاحتجاجات، إذ طالما كانت المرأة الإيرانية عنوانا كبيرا في التحولات السياسية والاجتماعية في البلاد.

خلال الأيام الماضية، جرى تداول مقاطع مصورة تظهر حجم الغضب من الطبقة الدينية التي تدعي الوصاية على الشعب الإيراني، الفيديوهات المنتشرة تظهر شبانا يحاولون إسقاط العمائم التي يعتمرها بعض ما يسمون بـ«رجال الدين»، في مؤشر على حجم الرفض لهذه الطبقة المخادعة التي لا تزال تحكم إيران، وهذه هي المرة الأولى التي تتجه الاحتجاجات إلى الرمزية الدينية في إيران، وهذا يدل على حجم الوعي لدى الإيرانيين بممارسات هذه الطبقة وخداعها للشعب الإيراني.

الجدل في إيران وفي الأوساط السياسية يدور حول مدى قدرة هذه الاحتجاجات على التوسع والامتداد إلى كل المناطق الإيرانية، وأيضا مدى قدرتها على التأثير في مجريات الأحداث ومدى تأثيرها على النظام الحاكم.

من المعلوم أن الملالي في مطلع الثمانينات، ركبوا موجة الانتفاضة ضد نظام الشاه، ومنذ البداية خطط نظام ولاية الفقيه للسيطرة على الانتفاضة ونجح في السيطرة على هذه الاحتجاجات وتوجيهها عبر العمائم، ولعل الذاكرة الإيرانية القريبة لا تنسى كيف سيطر الملالي على الحكم وتم إقصاء التيارات الإيرانية الأخرى، إلا أن هذه التكتيكات الخبيثة للملالي لم تعد قابلة للبقاء في ظل الانتفاضة الشعبية اليوم، وعلى ما يبدو انتهت كل الأكاذيب والشعارات التي حكم من خلالها نظام الملالي، وظهرت أصوات من الداخل الإيراني تطالب بالتغيير نتيجة السياسات الاقتصادية في البلاد، وهذا بحد ذاته أمر يمكن أن تكون له تداعيات قريبة.

إن حركة الشارع الإيراني عبر العقدين الماضيين كانت تواجه بالقمع والخوف والقتل، ولعل هذه الاحتجاجات أخذت بعين الاعتبار إستراتيجية الملالي في قمع هذه الأصوات، وعلى الرغم من معرفة الشعب بهذه الإستراتيجية الدموية، أصر الإيرانيون على الخروج ضد الظلم والطغيان، وهذا ما يجعل الثورة الحالية مدركة إلى أين تتجه ومن تواجه، وهذا هو أحد مصادر القوة التي بكل تأكيد ستسفر عن شكل جديد في الداخل الإيراني.