نصر الله
نصر الله
-A +A
زياد عيتاني (بيروت) ziadgazi@

عبثاً يحاول حسن نصر الله أن يعيد حاسة السمع إلى خطاباته.. التحدّث بالشيء ونقيضه ينطلي على الناس وجمهوره مرة، إلا أنه يفقد جاذبيته ووسائل الإقناع فيه، عندما يتكرّر ألف مرة ومرة، سلسلة من التناقضات أطلّ بها نصر الله في خطابه الأخير إن على الصعيد اللبناني أو على الصعيدين العربي والدولي.

في لبنان، حذر من انتخاب رئيس تحّد للجمهورية. فيما هو قبل ست سنوات تحدّى الجميع لبنانيين وعرب ودوليين بفرض ميشال عون رئيساً. ربط التحدّي بخراب البلد وكأنه يقول «إن من خرّب البلد هو دعمي لانتخاب عون».

في إيران، رأى في قتل مهسا أميني حادثة غامضة، فيما كل الإيرانيين الذين نزلوا إلى الشوارع غاضبين رأوا القاتل بالعين المجردة.

وفي العراق، رأى أنّ نظام الملالي هو حامي العراق والعراقيين وثرواتهم الوطنية. فيما الشعب العراقي نزل بالآلاف إلى شوارع بغداد والبصرة والكوفة صارخاً «إيران برا برا».

في خطابه ما قبل الأخير تحدّث عن إستراتيجية دفاعية. أمّا في خطابه الأخير داس الإستراتيجية وتنكّر للدفاعية، مستحضرا تنظيم داعش الارهابي بعدما اقترب من إبرام صفقة الترسيم البحري مع إسرائيل.

لم يعد حسن نصر الله مسموعاً في لبنان وخارج لبنان منذ زمن طويل. الرجل ينفي في خطابه ما قاله في الخطاب الذي سبقه، وينفي في ما سبقه ما قاله في الخطاب الذي سبق سبقه. هو الباحث دوماً عن فكرة، أو عن قصة يرميها للناس كي تقنعهم بأنّ ما حصل لهم من فقر وجوع، وقتل وخراب وضياع أموالهم مؤامرة دوليّة تحاك في عواصم القرار الدولي، أمّا ما فعله هو وحلفاؤه لم يكن ذا تأثير، أو لم يُصنف بالكوارثيّ!

ما يلفت النظر أنّ ما جاء على لسان نصر الله في خطابه الأخير تزامن مع إعلان أنّ الفائض في الميزانية السعودية يصل إلى 24 مليار دولار، وتزامن أيضاً مع إعلان نظام الملالي إقفال المدارس بوجه الطلاب ودائماً تحت شعار «الإقفال لسبب أمني».

نموذجان يرتسمان أمام الناس. النموذج الأول، يتحدّث عن التطور والأحلام، عن فائض في ميزانية بإمكانه أن يسّد عجز كل البلدان التي غزاها نصر الله من لبنان إلى العراق واليمن، والمؤكّد وصولاً إلى غزّة في فلسطين. أمّا النموذج الثاني، هو نموذج خراب البصرة كما يُقال، حيث بعد خرابها لا شيء يُقال، القتلى أرقام، والجائعون مجتمعات، والمتسوّلون أشبه بجيوش خسرت المعركة تهرب من نيران العدو إلى اللامكان.

حاسة السمع مفقودة في خطابات حسن نصر الله، إلّا أنّ اللافت أّنّ فقدان حاسة السمع لم يمنح إضافة لأيّ حاسة من الحواس الأخرى.