-A +A
زياد عيتاني (بيروت) ziadgazi@

من 11 سبتمبر 2001 إلى 11 سبتمبر 2022، واحد وعشرون عاماً كانت أشبه بمغامرة كونيّة حاول البعض فيها أن ينقلب على البعض الآخر، لعله يستطيع إعادة رسم خارطة جديدة للعالم، مخالفة للخارطة التي رُسِمت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وسقوط جدار برلين حيث الكلمة الأولى والفصل هي للقطب الوحيد الولايات المتحدة الأمريكية.

تعرّضت الولايات المتحدة في 11 سبتمبر 2001 إلى ضربة إرهابية موجعة في مركزها الاقتصادي في نيويورك، وفي مبنى وزارة الدفاع «البنتاغون». جاءت نتائجها عبر مسلكين، الأول: تورّط أمريكي في غزو بلدين هما أفغانستنان والعراق، وما نتج عن هاتين الغزوتين من تكاليف سياسية ومالية وعسكرية، وفشل في القضاء على الإرهاب وأدواته.

والثاني: تجرّؤ روسيا وخلفها الصين ومعهما إيران على الولايات المتحدة، مستعيدين كلام الماضي عن عالم بأقطاب متعدّدة.

بعد 21 سنة من أحداث 11 سبتمبر. تحتفل الولايات المتحدة بهذه الذكرى بألوان الانتصار، والعودة إلى ما كانت عليه الأمور قبل الغزوة الإرهابية لأراضيها. انسحبت من العراق ثمّ من أفغانستان، حتى ظنّ البعض أنها الهزيمة الأمريكية الشاملة. فغزا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أوكرانيا، وفرض كلمته قبل ذلك في سورية، وبدأ يتحدّث عن استخراجه للنفط من شواطئ لبنان. فيما إيران احتلت أربع عواصم عربية، وتجاهلت في برنامجها النووي كل التحذيرات الغربية، والصين من خلفهما كانت تعمل على أن يكون اقتصادها هو الأول في العالم. ليأتي 11 سبتمبر 2022 فاصلاً حازماً، والساحة كانت أوكرانيا حيث صنعت الولايات المتحدة فيها مستنقعاً عميقاً قادراً على إغراق كل خصومها..

11 سبتمبر 2001 ضُربت أمريكا فتطاول عليها الجميع محاولين مشاركتها بقيادة العالم. فيما في 11 سبتمبر 2022 ردّت أمريكا في أوكرانيا مؤكّدة للجميع أنها القطب الأول والأوحد في العالم.

لقد عاد الجميع إلى ما قبل 11 سبتمبر 2001. قد يتنكّر البعض لذلك، وقد يتجاهل البعض كل ذلك، إلا أنّ الحقيقة باتت جليّة أنّ في هذا العالم قطب أوحد، هو الولايات المتحدة الأمريكية حتى إشعار آخر.