الوضع الإنساني في سورية
الوضع الإنساني في سورية
-A +A
«عكاظ» (جدة) okaz_online@

الأسبوع الماضي كان حافلا باللقاءات السياسية في جنيف حول الأزمة السورية، الهدف منها: كيف يمكن إحداث اختراق جديد في ظل جمود سياسي على مدى السنوات السابقة خلا من المبادرات باستثناء جولات اللجنة الدستورية التي انتهت باعتراض روسي على مكان انعقاد المشاورات.

11 دولة منغمسة مباشرة في الشأن السوري وعلى رأسهم الولايات المتحدة حضروا إلى جنيف لمناقشة تطورات هذا الملف بمشاركة رئيس هيئة التفاوض السورية الدكتور بدر جاموس الذي تولى رئاسة الهيئة في يونيو الماضي، ومن بين هذه الدول السعودية، الأردن، مصر، وتركيا.

تلك هي المرة الأولى التي تجتمع فيها هذه الدول منذ أكثر من ثلاثة أعوام، بعد تحركات جديدة مكثفة لهيئة التفاوض لإعادة الملف السوري إلى دائرة الاهتمام الدولي، والعمل على إحراز تقدم في ظل العثرات التي يضعها النظام أمام الحل السياسي سواء في اللجنة الدستورية أو في غياب آليات تنفيذ القرار 2254.

هيئة التفاوض في حراكها الأخير نجحت في تحريك المياه الراكدة في الملف السوري، إلا أن هذا الحراك وعلى الرغم من أهميته يحتاج إلى تفاعل دولي، ولكن لسوء حظ القضية السورية أنها تراجعت كثيرا بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، الأمر الذي يفرض على رئيس هيئة التفاوض بذل جهود مضاعفة في التواصل مع الدول المعنية ودفع المسار التفاوضي مجددا.

التحديات في الملف السوري ليست سهلة، فهي تحديات ذات طابع داخلي وخارجي، وعليه فإن المسألة المهمة كانت منذ تولي عمل هيئة التفاوض هو إيجاد صيغة سياسية وطنية تجمع كل السوريين المعارضين، بالإضافة إلى التيارات المتنوعة الأخرى، بالتزامن مع محاولات إنعاش الملف السوري على المستوى الدولي، ويمكن القول إن قفزة جنيف الأخيرة والاجتماعات التي جرت بين الدول الـ11 وهيئة التفاوض، كانت بداية القفز الإيجابي لإعادة التموضع، وإن كان هذا في الوقت الراهن لا يكفي، إلا أنه يستحق التوقف، إذ إن الحركة السياسية في الأروقة الدولية من شأنها أن تسفر عن قفزات دولية من نوع جديد.

قد يكون المزاج الدولي اليوم «أوكرانيا» إلى حد كبير، ومنشغلا بقضايا تأمين الطاقة، لكن في الوقت ذاته لا يمكن الاستهانة بأهمية إيجاد حل في سورية ولعل القفزات السياسية التي أحدثتها هيئة التفاوض في جنيف تمثل بداية لوضع أسس للتحرك لإعادة الملف إلى الواجهة، صحيح أنها مهمة صعبة لكنها ليست مستحيلة، فالأزمة السورية ما زالت جزءا من الصداع العالمي وبالتالي ثمة هامش على السوريين أنفسهم أن يتحركوا من خلاله في المحافل الدولية.