فيض حميد خلال لقائه مع أحد قيادات حركة طالبان العليا.  (متداولة)
فيض حميد خلال لقائه مع أحد قيادات حركة طالبان العليا. (متداولة)
طالبان في احد مراكز بانجشير
طالبان في احد مراكز بانجشير
-A +A
كتب: فهيم الحامد falhamid2@
مع وصول طالبان إلى دفة الحكم في أفغانستان، تتسابق دول الجوار للتكيف مع هذا التغيير وإعادة التموضع مع الترتيبات الجديدة.. وتسعى إسلام آباد إلى التأثير في الملف الأفغاني لإحلال السلام وضمان حدودها من الإرهاب العابر.ففي الوقت الذي تسعى فيه حركة «طالبان» إلى تشكيل هيكل جديد للحكم في أفغانستان، يعتقد محللون أن جارتها باكستان سيكون لديها مجموعة مختلطة من المزايا والتحديات في ظل النظام القادم في البلاد التي مزقتها الحرب؛ الميزة الأولى والأهم لباكستان، أنه وبعد عقود من الزمن، ستكون لها حكومة غير معادية لها في كابول، وهذا يمثل بالفعل ارتياحاً كبيراً لها، إلى جانب توقعات بتراجع كبير في الأنشطة المناهضة لباكستان التي يُعتقد أنها كانت تنفذ من الأراضي الأفغانية خلال الأنظمة السابقة من الداخل الأفغاني أو دول الجوار ما تؤكده إسلام آباد دائما. ويؤكد المحللون الباكستانيون -ما تتوقعه إسلام آباد من حكومة صديقة في كابول- أن أيديولوجية القرون الوسطى لطالبان قد تتحول إلى مأزق، ليس فقط لباكستان ولكن لدول المنطقة أيضاً خصوصا مع اللغة الجديدة التصالحية التي طرحتها طالبان التي ستفرض رقابة صارمة على الحدود من شأنها تقليص تجارة المخدرات والتهريب، إلى جانب حرص إسلام آباد لتضمين كابول في الممر الإستراتيجي الصيني الباكستاني.. ومن المؤكد أن أيديولوجية طالبان التصالحية ستساعد باكستان في خلق تناغم مع دول الجوار وإحداث توافق حول الحكم الجديد، ما عدا الهند؛ التي تعتبرها إسلام آباد عقبة في إحلال السلام في أفغانستان.. ولتأكيد حرص باكستان في أفغانستان قام رئيس الاستخبارات العسكرية الباكستانية بزيارة إلى العاصمة الأفغانية كابول، مترئساً وفداً رفيع المستوى، بدعوة من حركة طالبان لمناقشة العلاقات الاقتصادية والأمنية بين الجانبين، بحسب ما ذكرته قناة (إيه آر واي) الباكستانية، أن رئيس الاستخبارات العسكرية الباكستانية فيض حميد وصل صباح أمس إلى كابول، على رأس وفد من كبار المسؤولين ويعتبر فيض حميد هو أعلى مسؤول أجنبي يصل إلى كابول بدعوة من مجلس شورى طالبان، وليس هناك رأيان أن زيارة فيض تعكس الأهمية التي توليها إسلام آباد للحوار مع قيادات طالبان حول ترتيبات الحكومة الجديدة.

والمسألة التي تثير الاهتمام وتستحق الانشغال بها أمام التطوّرات الأفغانية هي ما إذا كانت إسلام آباد سوف تتمكّن بحكم علاقاتها القديمة والمتجددة بحركة طالبان من التأثير الإيجابي على مسار إطلاق نظام سياسي جديد مقبول، يحكمه القانون، ولا يميز بين الأعراق والطوائف، وبين الرجال والنساء، ولا يهدد دول الجوار، ولا يحتضن جماعات إرهابية مثل القاعدة وداعش وسواهما، أو أن يتحقق سيناريو معاكس، بحيث تمارس طالبان نفوذاً معنوياً متزايداً على قطاع كبير من الرأي العام الباكستاني.


ويخشى بعض الخبراء الباكستانيين أن تشهد مؤسسات الحكم والتيارات السياسية تباينات بشأن التطورات الأفغانية بين من يتطلّع إلى إقامة أوثق العلاقات مع الحكم الجديد في أفغانستان، والإسراع في الاعتراف بالنظام الجديد وبين من يرى ضرورة التريث وأهمية نسج علاقات متوازنة تُبعد أي تأثير سلبي على الداخل الباكستاني، وعلى علاقات باكستان الخارجية.