-A +A
كتب: فهيم الحامد Falhamid2@
بفوز إبراهيم رئيسي بمنصب الرئيس الـ13 لإيران من الجولة الأولى للانتخابات، التي جرت يوم الجمعة الماضي، تكون الخطة التي وضعها الحرس الثوري للمشهد الإيراني المستقبلي تم تنفيذها نصا وروحا، لإحكام السيطرة على كل مفاصل المؤسسات السياسية والاقتصادية والمرجعيات الطائفية إلى جانب المؤسسات العسكرية والمليشيات والأذرع الطائفية التابعة، بحيث أصبحت إيران الدولة الثورية بامتياز واقتدار كما وضع سيناريوهاتها الخميني عام ٧٩، رغم تخلل الحقبة بعض المحاولات من القوى المعارضة إلا أن جميع تلك المحاولات باءت بالفشل وأطبق خامنئي على الحكم وأصبح الحاكم الشمولي لإيران.. وحتما فإن تحويل الحياة السياسية في إيران للون وتيار متشدد بقدر ما يعطي الحرس الثوري قوة في الحكم الواحد والاستئثار الكامل بالسلطة، إلا أنه في الوقت نفسه يعمد إلى رفع حالة الاستقطاب، بين المرجعية الطائفية والقوى السياسية المعارضة بمختلف أنواعها، خصوصا أن النتيجة النهائية للانتخابات أشارت إلى أن نسبة المشاركة كانت ٢٠% فيما نسبة المشاركة في انتخابات الرئاسة السابقة (في 2017) بلغت 73%، وقبلها كانت نسبة المشاركة في انتخابات الرئاسة (في 2013) بلغت 72.7%، وهو ما يعني أن هذه الانتخابات هي الأقل مشاركة بالمقارنة بالانتخابات التي جرت خلال الأعوام الـ8 الماضية لعدة أسباب منها استبعاد عدد كبير من المرشحين، خاصة من يوصفون بالإصلاحيين وعزوف الجيل الشبابي الإيراني عن المشاركة في الاقتراع الذي أصبح تتويجا للون ومرشح واحد لغياب أي منافسة حقيقية من المرشحين الذين لم ينالوا الفرص نفسها في الحضور وعرض البرامج والوصول إلى الجمهور، كذلك لأن المنافسين الحقيقيين المفترضين لرئيسي قد تم استبعادهم مسبقا من مؤسسة مجلس صيانة الدستور، وأبرزهم أحمدي نجاد وعلي لاريجاني، ما يعد بمثابة منح كرسي الرئاسة لرئيسي عبر التزكية، ولوحظت بشكل جلي المقاطعة الشعبية الكبيرة للانتخابات، حيث قالت بعض التقديرات الأكثر مبالغة إن نسبة التصويت لم تصل حدود 20% من مجموع من يحق لهم التصويت، وعليه فإن الرئيس الجديد سيكون قد نال منصبه وسلطاته الدستورية بنحو 10% من مجموع الأصوات فقط، في انتخابات صورية تصدر فيها التزوير. ومن المؤكد أن المشهد الإيراني من الداخل سيأخذ منحى مختلفا خصوصا إذا تخندقت القوى الشعبية الصامتة في خندق واحد لمواجهة سيطرة التيار المحافظ المتطرف المحيط بالمرشد الأعلى بشكل مطلق وتام. ويعتقد محللون إيرانيون أن انتخاب رئيسي يشير إلى قمع المعارضة محلياً، والعودة إلى حالة انغلاق أكثر على إيران عالمياً، في لحظة محورية تعيشها إيران، موضحين أن السجل الوحشي لمرشح المتشددين رئيسي ينذر بحقبة مظلمة جديدة تكرس القمع وتستنسخ مرحلة قاتمة من التاريخ المحلي الحديث. في عهد رئيسي.. تفاقم الاستقطاب.. استنساخ حقبة خميني.. وتصدر الطيف الواحد.. إيران أصبحت في قبضة التشدد والحكم الطائفي الشمولي.