-A +A
فهيم الحامد (الرياض) Falhamid2@
ليس من المستغرب أن يقوم أعضاء في مجلس النواب الأمريكي الجديد بسن قانون وتشريعات جديدة كونها تمثل عقلياتهم وتوجهاتهم المعروفة للجميع، إلا أن المستغرب بل من المجحف أن يتجاهل أعضاء الكونجرس أكبر قضية في العالم ألا وهي معاقبة نظام خامنئي الذي يعتبر الراعي الأول للإرهاب في العالم، والتي اعتمدت الخارجية الأمريكية هذا الموقف منه.. وليس من المستغرب أن يتعامل الفريق الأمني والسياسي للإدارة الديموقراطية مع النظام الإيراني من خلال «حبّ الأيادي» بالطريقة الأمريكية والإيرانية، إلا أن المستغرب أن صناع القرار في الحزب الديموقراطي لا يدركون حجم الخسارة المستقبلية الكبير جراء «سياسة إدارة الوجه» التي تتبعها واشنطن مع شركائها الإستراتيجيين في المنطقة.

وليس هناك رأيان أن مواقف هذا الفريق الأوباومي القديم الجديد المتسارعة في المنطقة أعفانا من الانتظار الطويل، لمعرفة بوصلة توجهاتها الخارجية خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط لتظهر مواقفها بشكل واضح في رسالة مفادها بأن واشنطن ستمضي قدماً في تنفيذ سياسة أوباما بنسخة جديدة لخدمة أغراضها ومصالحها.


ويؤكد المراقبون أهمية إعادة واشنطن التفكير في خطواتها المستقبلية تجاه الشرق الأوسط، وأن تعلم أنها إذا تابعت سياسة الاستدارة فإنها ستحرق أصابعها طواعية، مؤكدين أن أي تحسن بين طهران وواشنطن سيصبّ مزيداً من الزيت فوق نيران التوتر والاحتقان الإقليمي إذا لم يكن ذلك التقارب محكوماً بمحددات موضوعية ومتوازنة تحافظ على مصالح شركائها في المنطقة، وعدم العودة لتنفيذ الاتفاق النووي الإيراني مع تجاهل حقوق وهواجس ومطالبات الدول الخليجية، خصوصاً الجزئيات المتعلقة بتطوير الصواريخ الباليستية الإيرانية ودعم المليشيات الطائفية، في ظل الإدراك العالمي أن الأسلحة النووية غير مسموح حيازتها، وما المسألة النووية إلا أداة تفاوض تستخدمها طهران لرفع العقوبات.

لقد بدأ النظام الإيراني في مغازلة إدارة بايدن حتى قبل انتخابها ودعته مبكراً إلى رفع العقوبات التي أقرها ترمب لوقف رعايتها للإرهاب ومنع تدخلها في سياسات دول المنطقة، إذ أكد روحاني استعداد بلاده للتعاون مع بايدن، مبيناً أن الأجواء مهيأة لإقامة علاقات أوثق وأفضل مع إيران.

بالمقابل تغيرت لهجة الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه طهران تماماً، ولهذا استمرت إيران في نهجها التصعيدي للعودة للاتفاق النووي دون تغيير أو على أقل تقدير دون ربط برنامجها للصواريخ الباليستية ونهجها في المنطقة بالملف النووي.

في ضوء مقارنة الأهداف والأولويات للإدارة الديموقراطية فإن التغيير الجذري في توازنات القوى في الشرق الأوسط وإعطاء النظام الإيراني الفرصة لإعادة التموضع قد يعطي الإدارة الجديدة فرصة التحرك مؤقتاً، إلا أن إيران ستبقى ليس فقط حجر عثرة بل ستكون عائقاً رئيسياً في إحلال السلام في المنطقة وفي النطاق الجغرافي الإقليمي وعلى الصعيد العالمي، كونها الراعي الأول للإرهاب في العالم طالما استمرأت العناد وتشرنقت من جديد ضمن أطرها الثيولوجية التي تجاوزها الزمان وهو ما دعا إلى التفكير العميق في ردع إيران قبل استفحال شرورها. ولقد أوضحت فورين بوليسي في تقريرها أخيراً أن إدارة بايدن أقدمت على خطأ فادح بنشر التقرير المثير للجدل والخالي من الحقائق.

إنها استدارة ضد الحلفاء.. ومهادنة الملالي الأعداء.. والسؤال ماذا عن العقوبات ضد نظام خامنئي؟..الارهاب كل لا يتجزأ.

هكذا تقتات اللاجئة.. تحت قبة الكونجرس

قبل 23 عاماً من مخيم للاجئين في كينيا وصلت مع أبيها إلى مطار في واشنطن العاصمة..

إنها إلهان عمر التي أصبحت تقتات تحت قبة الكونجرس على حساب اللوبيهات المغرضة التي تضع الزيت على النار في المشهد السياسي بمنطقة الشرق الأوسط، متناسية تماماً ما فعله نظام خامنئي وحلفاؤه من المليشيات الطائفية من خراب وتدمير وقتل وتعذيب للآلاف من الأبرياء في العراق وسورية واليمن ولبنان ودول إسلامية أخرى.

إلهان اللاجئة الصومالية نسيت أو تناست أن مليشياتها الطائفية هي أيديولوجيتها الإرهابية الأساسية، وعاث النظام الإيراني فساداً في أكثر من 40 دولة، وفق ما ذكره أحدث تقرير صدر من الخارجية الأمريكية العام الماضي.

النائبة الديموقراطية إلهان عمر رفضت التصويت لصالح قرار فرض عقوبات على تركيا الذي أقره مجلس النواب بأغلبية ساحقة لارتكابها جرائم الإبادة الجماعية ضد الأرمن، وجرائم تطهير عرقي ضد الأقلية الكردية، وقد أثار موقف عمر موجة تساؤلات عن دوافع رفضها وعلاقاتها المشبوهة مع النظام التركي.

صحيح إن المجتمع السياسي الأمريكي اكتشف وجهاً سياسياً لشابة من أصل صومالي وصلت إلى الولايات المتحدة في عمر السنوات الثماني، لاجئة بصحبة أسرتها التي فرت من الحرب الأهلية في بلادها وانتخبت للكونجرس عن ولاية مينيسوتا، ولكن الأكثر صحة أن إلهان لم تدافع عن القيم الإنسانية الأمريكية الحقة، بل دافعت عن قيم مسيّسة ودعمت أنظمة مارقة في منطقة الشرق الأوسط.

لقد برز اسمها ضمن منظمة «الدفاع عن الحقوق المدنية»، وهي إحدى المنظمات الحقوقية المعروفة محلياً، وللأسف خدمت إلهان قضايا حقوق مسيّسة تخدم مصالح دول أخرى.

ولطبيعة أفكارها المتطرفة التي تطرح الكثير من القضايا المجتمعية الجدلية للنقاش السياسي، قادت المراقبين في بلادها لتصنيفها ضمن الجناح اليساري لحزب الديموقراطيين. إلهان عمر.. هكذا تقتات اللاجئة.. تحت قبة الكونجرس.