نصر الله
نصر الله
-A +A
«عكاظ» (جدة) okaz_online@
فيما انتقد زعيم مليشيا «حزب الله» حسن نصرالله في إطلالته أمس (الثلاثاء)، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فقد ظل تحت السقف الإيراني في التعامل مع فرنسا ولم يقطع مع مبادرة باريس لإنقاذ لبنان من خهلال الإسراع بتشكيل حكومة جديدة.

نصرالله الذي اكتفى بإشارة يتيمة إلى الدور الأمريكي في العرقلة من خلال فرض عقوبات على وزيرين سابقين حليفين له، كان حازماً في توجيه الاتهام مباشرة إلى الدور السعودي الذي زعم أنه «معرقل»، ونصح ماكرون بالعودة لخطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أمام الأمم المتحدة الذي شن فيه هجوماً حاداً على «حزب الله»، واصفاً إياه بأنه «حزب إرهابي تابع لإيران»، وحمّله المسؤولية عن الانفجار المدمر الذي هز مرفأ بيروت، داعياً إلى نزع سلاح «الحزب» لتحقيق الأمن في البلاد.


وذهب نصرالله في استثمار هذا الخطاب إلى أبعد الحدود فاستفاض في شرح الدور التعطيلي للفريق السني المتمثل بنادي رؤساء الحكومة السابقين، زاعماً أنه يأتمر بأوامر سعودية، ومتهماً المملكة مواربة بأنها كانت تريد انتزاع صلاحية رئيس الجمهورية المسيحي ودوره في تشكيل الحكومة، إضافة إلى محاولتها - حسب ادعائه- عبر الفريق السني الاستئثار بالحكومة من خلال تجاوز الأغلبية النيابية التي يديرها حزب الله.

هذا الاتهامان ليسا عابرين، بل هما في صلب معركة حزب الله الدائمة ضد اتفاق الطائف، وقد اعتبر نصرالله أن السعودية هي التي تخالف الاتفاق الذي رعته عام 1990 وتنقلب عليه، فهل سيكون هذا مقدمة لإعلان الحزب سقوط اتفاق الطائف على أيدي صانعيه كذريعة لاقتراح نظام آخر للبنان؟.

نصرالله وضع بين يدي ماكرون ملخصاً عن مسيرة تشكيل الحكومات اللبنانية منذ الطائف وحتى اليوم، وقد خلص إلى أنها كلها انتهت إلى الفشل وأوصلت لبنان إلى الانهيار، وهو في هذا يغري الرئيس الفرنسي للإقدام على خطوة سبق أن أعلن عنها في زيارته الأولى لبيروت وهي الشروع في إنتاج عقد سياسي جديد للبنان، عبر مؤتمر تدعو إليه فرنسا ويحضره أركان الدولة اللبنانية (أي الرؤساء الثلاثة الحاليين وهم حلفاء الحزب)، إضافة إلى ممثلي القوى السياسية. والجميع يعلم أن هناك هيمنة سياسية للحزب على المشهد الداخلي وخصوصا مع تشتت الفريق المعارض.

حزب الله يرى في الوضع الراهن فرصة سانحة للانقاض على النظام اللبناني، مستغلاً إلى أبعد الحدود اندفاع فرنسا لإنقاذ وطن صنعته بأيديها لحماية المسيحيين، وتراه ينهار ويزول أمام عينيها، والحزب ماض في لعبة تحدي الغرب والعرب ولو أدى ذلك إلى سقوط الدولة نهائياً، ولكنه أيضا جاهز لتقديم تسوية تحفظ هؤلاء المسيحيين من خلال نظام جديد يضمن له ولطهران السيطرة الكاملة على لبنان لجعله القاعدة الإيرانية الأهم على شاطئ البحر المتوسط.