المحامي بندر العمودي.
المحامي بندر العمودي.
المحامي الدكتور أنور بخرجي.
المحامي الدكتور أنور بخرجي.
-A +A
عدنان الشبراوي (جدة) Adnanshabrawi@

صرح مصدر مسؤول في النيابة العامة أن تحقيقات نيابة الأموال انتهت إلى توجيه الاتهام بتكوين تشكيل إجرامي منظم بغرض اختلاس المال العام لـ11 شخصاً وكياناً تجارياً.

وكشفت إجراءات التحقيق المكثفة قيام المتهمين باختلاس مادة الديزل المدعومة حكومياً بشرائها بكميات كبيرة مستغلين امتلاكهم محطات تعبئة الوقود وإعادة بيعه بصورة غير مشروعة على أشخاص يقومون بتهريبه إلى خارج المملكة وبيعه في دول أخرى.

كما كشفت التحقيقات ارتكاب المتهمين عدداً من الجرائم الأخرى منها غسل الأموال، التزوير، التستر، ومخالفة نظام مراقبة البنوك، وتم إيقافهم وإحالتهم للمحكمة المختصة للمطالبة بالعقوبات المقررة.

وصدر الحكم القضائي المتضمن بإدانة الجناة بما نسب إليهم، والحكم عليهم بالسجن لمدد بلغ مجموعها 65 سنة، ومصادرة الأعيان والأصول المستخدمة في الجريمة والمتحصلات منها والوسائل التي ارتكبت بها، مع غرامات مالية تجاوزت 29000000 ريال، ومنع الكيانات التجارية من التعاقد مع الجهات العامة، وإلغاء تراخيص محطات الوقود العائدة للجناة، وإبعاد الوافدين عن البلاد بعد انتهاء محكومياتهم.

وأكد المصدر حرمة الجناية على المال العام، وأن المساس به موجب للمساءلة الجزائية المشددة. ونوه بأن النيابة العامة ماضية في حماية الاقتصاد الوطني من الاعتداء عليه، وستقدم كل من تسول له نفسه المساس بأمن واقتصاد الوطن للمحكمة المختصة للمطالبة بالعقوبات المقررة في هذا الشأن.

وقال المحامي المستشار القانوني بندر محمد حسين العمودي إن جريمة الاختلاس تعرّف بقيام موظف بالاستيلاء على الأموال العامة الحكومية. والفاعل فيها موظف عام أو في حكم الموظف العام، ولإثباتها يجب تحقق شروط منها صفة الموظف العام (الجاني)، وأن يدخل الجاني المال الموجود بحيازته في ملكيته واتجاه الإرادة لدى الجاني بتملك المال مع علمه بأنه مال تمتلكه الجهة العامة. والموظف العام هو الذي يعمل لدى الجهة العامة. وتشمل صور الاختلاس تبديد الأموال العامة والتفريط بها أو التصرف فيها بطريقة غير مشروعة مثل بيعها أو تحويلها أو رهنها أو أي عملية أخرى تؤدي إلى استملاك المال العام من المختلس بعد أن كان ملكاً للجهة العامة.

وأضاف المحامي العمودي أن الاختلاس يمكن حدوثه بطريقة غير مباشرة مثل التفريط به عن طريق ضياعه نتيجة عدم قيام الموظف العام بواجباته، وقد حدد نظام مكافحة الاحتيال المالي وخيانة الأمانة عقوبة من قام بالاستيلاء على مال سُلم إليه بحكم عمله، إذ نصت المادة الأولى من المرسوم الملكي الصادر في 29/‏11/‏1377م على أن جرائم الاختلاس أو التبديد أو التفريط في الأموال العامة يعاقب فيها الجاني بغرامة مالية لا تقل عن ألف ريال ولا تزيد على 10 آلاف ريال. بينما نصت المادة الثانية على أنه «يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 10 سنوات أو بغرامة لا تزيد على 20 ألف ريال كل موظف ثبت ارتكابه إحدى الجرائم ومن اشترك أو تواطأ معه على ارتكابها، ويعاقب أيضاً كل من استولى على المال العام أو شارك بالاستيلاء عليه متصلاً به بحكم عمله أو حتى تصرف به بطريقة غير مشروعة أو كان قد سهل ذلك لغيره بالحبس مدة 5 سنوات على الأكثر وكذلك بغرامة مالية أكثرها مليون ريال، إضافة إلى رد المال المختلس». ونصت المادة 31 من نظام تأديب الموظفين «يُعاقب تأديبياً كُل موظف ثبت ارتِكابه مُخالفة مالية أو إدارية، مع عدم الإخلال برفع الدعوى العامة والتعويض»، ويعاقب بالعقوبة نفسها المتواطئون في ذلك سواء موظفين أو غير موظفين سعوديين وغير سعوديين.

متى تتوفر أركان جريمة الاختلاس؟

أوضح المحامي الدكتور أنور بخرجي أنه نظراً لأهمية المال العام ووجوب حمايته وصيانته، تناوله النظام الأساسي للحكم في المادة 16 بالقول بحصر اللفظ بأن للأموال العامة حرمتها وعلى الدولة حمايتها وعلى المواطنين والمقيمين المحافظة، عليها وفي سبيل هذه الحماية، أشار النظام الأساسي في المادة 99 إلى وجوب الرقابة اللاحقة على جميع إيرادات الدولة ومصروفاتها بواسطة جهاز رقابة يختص بذلك، كما أكد في المادة 80 وجوب مراقبة الأجهزة الحكومية والتحقيق في المخالفات المالية والإدارية.

وأضاف المحامي الدكتور بخرجي أن الاختلاس هو صورة من صور الانحراف الجنائي للموظف العام، ومن المفترض عليه أن يقوم بإدارة هذا المال وحمايته وصيانته من الاعتداء، ولكنه ينحرف عن ذلك بالاستيلاء عليه لنفسه بنية تملكه، لذلك فإنه يلزم توافر 4 أركان لوقوع جريمة اختلاس المال العام، أولها الركن المادي ويتمثل في الاستيلاء على مال منقول يعود للدولة، ثانياً صفة الفاعل وهي أن يكون من العاملين بالدولة، وهو ما يطلق عليه اصطلاحاً الموظف العام، ثالثاً محل الجريمة وهو المال المنقول العائد للدولة والموضوع تحت يد المختلس وبحوزته، رابعاً القصد الجنائي وهو قصد الاستيلاء على المال العام.

وفيما يخص عقوبة جريمة اختلاس المال العام، فهي السجن بما لا يزيد على 10 سنوات أو الغرامة التي لا تزيد على 5 ملايين ريال أو كليهما معاً.

وختم المحامي بخرجي بالتأكيد على أن الأموال العامة تمثل الركن الرئيسي لقيام الدولة ونهضتها ونموها، وتجب المحافظة على المال العام كي تقوم الدولة بالتزاماتها وواجباتها نحو مواطنيها، والمحافظة على المال العام وصيانته وحمايته واجبة على كل فرد من أفراد الدولة وليس الموظف العام فقط.