التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي سيكون واقعاً. (وكالات)
التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي سيكون واقعاً. (وكالات)
-A +A
ياسين أحمد (لندن) OKAZ_online@
ما بَرِحَ مرض «كوفيد المزمن» يثير حيرة العلماء والخبراء الصحيين، وهو وضع طبيعي حين ندرك أن كوفيد-19 نفسه لا يزال يحير العلماء، وشركات الأدوية، ومَرَافق التخطيط العام في كل دولة. فلو أن ألغاز كوفيد-19، المرض الذي ينجم عن الإصابة بفايروس كورونا الجديد، حُلّت بالكامل فسيكون بمستطاع العلماء اختراق أسرار مرض كوفيد المزمن، الذي يحتفظ فيه المريض بمعظم أعراض كوفيد-19، على رغم تعافيه، وخروج الفايروس من جسمه. «عكاظ» رصدت 3 تطورات علمية في هذا الخصوص.

في جزيرة ميرسر القريبة من واشنطن، يسعى علماء أمريكيون إلى جمع 100 مليون دولار لتمويل أبحاث يقوم بها علماء وأطباء لمعرفة الجوانب الغامضة لمرض كوفيد المزمن. وسمّى هؤلاء العلماء جهدهم «مبادرة أبحاث كوفيد المزمن». وتوصل باحثو المبادرة إلى أن فايروس كورونا الجديد يمكن أن يبقى في جسم المصاب زمناً طويلاً. ويعتقدون أن بقاء هذا الفايروس في الجسم هو سبب الإصابة بمرض كوفيد المزمن. وكشف الباحثون أنهم عثروا على البروتين الشبيه بالمسامير الموجود على سطح الفايروس في دم مرضى كوفيد المزمن لمدة سنة بعد تعافيهم من كوفيد-19. كما عثروا على الفايروس لدى المتعافين من الإصابة، في أنسجة الدماغ، والرئتين، والأمعاء. ويعني ذلك، بحسب تحليلات الباحثين، أن بقايا الفايروس يمكن أن تثير جهاز المناعة لدى بعض الأشخاص، ما يؤدي إلى مضاعفات، من قبيل السكتة الدماغية، والالتهابات. ومن شأن هذه التعقيدات أن تتسبب في عدد من أعراض مرض كوفيد المزمن. وقالت المشرفة على مبادرة أبحاث كوفيد المزمن الدكتورة آمي بروت: نريد أن نفهم السبب الجذري لمرض كوفيد المزمن. وأضافت أنها تقوم برعاية 3 من المصابين بمرض كوفيد المزمن. وعلى رغم جهودها الفائقة لمساعدتهم، فإنها تشعر بالإحباط لأنها لا تستطيع توفير إجابة شافية عن تساؤلاتهم المتعلقة بحالاتهم. وزادت أن الأكثر إحباطاً أنه لا توجد أدوية ناجعة لتخفيف آلام المرضى. ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية عن البريطاني هنري سكوت غرين (28 عاماً)، وهو مصاب بكوفيد المزمن، أنه لم يتمكن من استئناف عمله مديراً للإنتاج بإحدى الشركات في لندن، لأنه يعاني من ضبابية الدماغ، والشعور بالتعب الشديد، وأعراض أخرى. ونشرت مجلة الأمراض المُعدية الإكلينيكية الأمريكية الأسبوع الماضي بحثاً أجراه باحثون من جامعة هارفارد، كشف العثور على البروتين «المسماري» لفايروس كورونا الجديد في نحو 37 مريضاً. ومن أجل أغراض هذا البحث، تم تحليل عينات من دم المتطوعين لمدة سنة بعد إصابتهم بالفايروس. وقال مشرف البحث المحاضر في كلية الطب بجامعة هارفارد الدكتور ديفيد والت، إنه بعد سنة من الإصابة بكوفيد-19 بقي البروتين المسماري الموجود على سطح الفايروس بمعدلات مرتفعة تماثل مستوياته عند الإصابة الأصلية. وأضاف، أن ذلك يدل على أن ذلك البروتين المسماري يظل يعيد إنتاج نفسه، على رغم أن هذا البروتين المسماري لا يعمّر طويلاً في العادة. وأوضح أنه يريد أن يستخدم الأدوية المعروفة لكوفيد-19، مثل باكسلوفيد وريمديسيفير، ليعرف ما إذا كان ذلك كافياً لتنظيف الجسم من بقايا الفايروس. وقال والت إن من المحتمل أن الدواء العادي ليس كافياً بالنسبة إلى بعض الأشخاص، ليقوم بتطهير الجسم من الفايروس بالكامل. وقد يكون هؤلاء الأشخاص بحاجة إلى مزيد من الأدوية للتخلص من الفايروس نهائياً.


ومن ناحية ذات صلة؛ أنحى خبراء باللائمة على مرض كوفيد المزمن لتسببه في تزايد عدد النساء المصابات بالإعاقة. ورأوا أن كوفيد المزمن يصيب النساء أكثر من الرجال. ولاحظوا أن ظهور مرض كوفيد المزمن رافقته زيادة ملموسة في عدد النساء المعاقات في الولايات المتحدة، بحسب بيانات وزارة العمل الأمريكية. وقالت الباحثة بمؤسسة بروكينغز كايتي باخ، إن مرض كوفيد المزمن يؤثر في النساء بطريقة غير متساوية مع الذكور.. ورأى الباحثون أن هذا الاختلاف في النوع (الجندر) له مضاعفات خطيرة على سوق العمل. فقد أكدت الإحصاءات، أن كوفيد-19 تسبب في خفض القوى العاملة بما يراوح بين 500 ألف ومليون نسمة، خصوصاً إذا أضفنا من اختاروا العمل لساعات أقل، أو من قرروا ترك الخدمة نهائياً. ولذلك فإن القطاعات التي تعتمد عادة على تعيين عدد كبير من العاملات ستتضرر كثيراً من هذا الواقع الجديد. ونصح مختصون النساء اللاتي تضررن من أعراض كوفيد المزمن بالتقدم بطلبات للحصول على الإعانات التي تخصصها أنظمة الضمان الاجتماعي للمعاقين، وغالباً يضطر الأزواج إلى التخلي عن وظائفهم المستقرة لمساعدة زوجاتهم المصابات بكوفيد المزمن للقيام بما يستطعن من مهماتهن المنزلية، كرعاية الأطفال، وما إلى ذلك. وأشار مكتب الإحصاء الأمريكي إلى أن 65% من نحو 11.2 مليون أمريكي مصابين بكوفيد المزمن نساء.

وثمة دراسة ثالثة، نشرتها مجلة «نايتشر كوميونيكشنز»، أشارت إلى أن أوجاع البطن، والإمساك، والإسهال، والقيء، والانتفاخ هي أبرز الأعراض التي أبلغ عنها المصابون بكوفيد المزمن. وخلصت الدراسة إلى مرضى كوفيد المزمن سيواجهون مشكلات في الهضم والأمعاء. وقارنت الدراسة سجلات 154068 شخصاً في نظام الإدارة الصحية لقدامى المحاربين الأمريكيين بـ5.6 مليون سجل لأشخاص في سن مماثلة لم يصبهم الفايروس، فاتضح أن من أصيبوا بكوفيد-19 منهم يواجه 36% منهم احتمالات الإصابة بمشكلات طويلة الأمد في ما يتعلق بالبطن والهضم والأمعاء، لم يكونوا يعانون منها قبل إصابتهم بكوفيد-19. وقال 9605 أشخاص منهم إنهم يعانون من مشكلات تتعلق بالجهاز الهضمي، والأمعاء، والبنكرياس، أو الكبد. وأكثر الأعراض شيوعاً اضطرابات الحوامض في المعدة، والقرحة المَعِدِية. وقال قائد فريق الدراسة رئيس الأبحاث والتطوير في الرعاية الصحية لقدامى المحاربين في سانت لوي الدكتور زياد العلي إن الأعراض تشير إلى خلل كبير في عملية إنتاج الحوامض في المعدة. كما أن عدداً كبيراً من مرضى كوفيد المزمن يصابون بالتهابات خطيرة، تشمل التهابات في قناة الصفراء.

الذكاء الاصطناعي يكشف الإصابة بسرطان الثدي

أضحت برامج الذكاء الاصطناعي قادرة على كشف الإصابات بسرطان الثدي، خصوصاً تلك التي يصعب على الأطباء اكتشافها من مطالعة الصور الضوئية للمريضات. وتقول اختصاصية الأشعة التصويرية في بودابست الدكتورة إيفا أمبروزي، إن برامج الذكاء الاصطناعي بدأت تحقق اختراقات كبيرة، بكشف الأدلة على الإصابة بسرطان الثدي، التي يستعصي على الأطباء ملاحظتها. وتعتبر المجر (هنغاريا) أحد أكبر المراكز العالمية لتطبيق تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في تشخيص سرطان الثدي. وتقوم 5 من مستشفيات المجر بأكثر من 35 ألف فحص إشعاعي لسرطان الثدي سنوياً. وبدأت المجر استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التشخيص الإشعاعي منذ سنة 2021. وبدأت مستشفيات الولايات المتحدة وبريطانيا وبلدان الاتحاد الأوروبي اختبار تلك البرامج والتطبيقات لإحراز تقدم كبير في مجالات الكشف المبكر لسرطان الثدي، بما يتيح وقفه في بدايته. ويعتبر الذكاء الاصطناعي أحد المجالات المهمة التي تثير اهتمام شركات التكنولوجيا المتقدمة في وادي السيليكون بولاية كاليفورنيا. لكن الأطباء وخبراء التكنولوجيا يقولون، إن الطريق لا تزال طويلة أمام تحقيق إنجازات يعتد بها طبياً. وأثار استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل مكثف مخاوف من أن يؤدي شيوعه إلى التخلص من فنيي الأشعة. وبالتالي، فإن عدداً من الأطباء والمؤسسات الصحية عمدت إلى مقاومة هذا الأسلوب التشخيصي. لكن علماء آخرين يتمسكون بأن الذكاء الاصطناعي فعال وموثوق به، خصوصاً إذا استخدمه طبيب تلقى تدريباً جيداً في هذا المجال. وقال خبير تدريب فحوص سرطان الثدي الأوروبي الدكتور لازلو تابار، إن الذكاء الاصطناعي يمكن أن ينقذ حياة كثيرين. وكان أبرز الباحثين في مجالات الذكاء الاصطناعي الدكتور جيف خينتون، قال في سنة 2016، إن هذه التكنولوجيا ستكون أكثر قدرة على كشف السرطان من فنيي التصوير الإشعاعي في غضون 5 سنوات. وتقول منظمة الصحة العالمية، إن العالم شهد خلال سنة 2020 تأكيد تشخيص إصابة 2.3 مليون امرأة بسرطان الثدي. وأدت تلك الإصابات إلى وفاة 685 ألف مريضة. ويجمع الخبراء على أن فنيي الأشعة يصعب عليهم في أحيان كثيرة اكتشاف أدلة دقيقة على الإصابة. ومن هنا تأتي أهمية الذكاء الاصطناعي، الذي تتم تغذيته بملايين الصور الإشعاعية ليتعلم كيفية ملاحظة أدق تفاصيل الإصابة الفعلية أو الوشيكة.