أدوات التشريح. (وكالات)
أدوات التشريح. (وكالات)




أعضاء فريق التشريح في أحد المراكز التابعة للمعاهد الأمريكية للصحة. (وكالات)
أعضاء فريق التشريح في أحد المراكز التابعة للمعاهد الأمريكية للصحة. (وكالات)
-A +A
«عكاظ» (واشنطن) OKAZ_online@
بعد 20 شهراً من اندلاع نازلة كورونا؛ أضحى الموت أكبر سبب للرعب والإضرار بالشعوب والأمم. وذكرت دراسة نشرتها أمس الأول المجلة الطبية البريطانية، بعد تحليل عدد الوفيات الوبائية في 37 بلداً، أن الموت سرق 28.1 مليون سنة من متوسطات توقعات الحياة في 31 بلداً؛ فيما تمتعت الدول القليلة التي استطاعت السيطرة على نازلة كورونا، كنيوزيلندا وتايوان، بزيادة في توقعات طول أعمار شعوبها. ووصفت الدراسة وباء فايروس كورونا العالمي بأنه «حقل موت» في معظم أرجاء المعمورة. وأضافت أن الدول التي تقلص متوسط أعمار شعوبها تتصدرها روسيا، وبلغاريا، وليتوانيا، والولايات المتحدة، وبولندا. وقال المشرف على فريق الدراسة استشاري مكافحة الأمراض المُعدية والإحصاءات الطبية بجامعة أكسفورد البروفسور نذير الإسلام إن كوفيد-19 سرق أعمار الناس في كل مكان، باستثناء نيوزيلندا، وتايوان، والنرويج، وآيسلندا، والدنمارك، وكوريا الجنوبية. وأشار إلى أن عدد السنوات التي انتقصها وباء كوفيد-19 من أعمار الناس يفوق خمسة أضعاف ما تسبب فيه وباء الإنفلونزا في سنة 2015، الذي عُدّ أسوأ اجتياح للإنفلونزا الموسمية منذ مطلع القرن الـ21.

وفي شأن ذي صلة؛ ذكرت بلومبيرغ أمس الأول أنه على رغم أن كوفيد-19 قتل أكثر من خمسة ملايين نسمة في أرجاء العالم؛ إلا أنه لم يتم تشريح سوى بضع مئات من جثث أولئك المتوفين لمعرفة المزيد من أسرار الوباء القاتل. وأوضحت أن تشريح الجثث يكشف صورة لما حدث للمتوَفّى لحظة موته، ما يتيح للأطباء القائمين بالتشريح استنباط ما حدث بدقة. ومن خلال الانتظام في تشريح جثث المتوفّين بكوفيد-19 يمكن توفير قدر كبير من المعلومات المتعلقة برحلة فايروس كورونا الجديد داخل جسم الإنسان، والأمراض التي نجمت عن ذلك، وأدت للوفاة. وظل التشريح حجر زاوية الاكتشافات الطبية منذ آلاف السنوات. لكن الأدوات المتطورة للتشخيص والمنظومات الصحية تسببت في انحسار أهميته. ونقلت بلومبيرغ عن عدد من العلماء قولهم إنهم يدفعون بشدة لزيادة عدد جراحات التشريح، للحصول على صورة أدق لحقيقة وباء كوفيد-19. وأشارت إلى أن معاهد الصحة القومية الأمريكية خصصت 1.15 مليار دولار على مدى 4 سنوات لمعرفة المزيد من التأثيرات الناجمة عن الإصابة بكوفيد-19، بما في ذلك تشجيع تشريح مزيد من جثث المتوفّيين بالوباء. وهي معرفة لازمة؛ إذ إن منظمة الصحة العالمية تقول إن واحداً من كل 10 من المتعافين من كوفيد-19 يصاب بحالة من الحالات اللاحقة للإصابة؛ وهو عنقود من الأعراض التي يمكن أن توجع المتعافي أشهراً عدة بعد تعافيه.


وكانت السلطات الصحية الأمريكية شعرت بالخوف من أن يؤدي تشريح جثث متوفّين بكوفيد-19 إلى إفشاء العدوى بين الأحياء. ولذلك عمدت إلى إغلاق عدد كبير من أقسام التشريح بالمشافي الأمريكية. وقال أستاذ التشريح والطب المخبري بكلية ماكفغرن الطبية بتكساس الدكتور ل. ماكسميليان بوجا لبلومبيرغ إنه قرر تحدي السلطات بالاستمرار في تشريح جثث ضحايا الوباء. وأدى ذلك إلى اكتشاف كثير من الجلطات الدموية التي يتسبب فيها كوفيد. وقال الطبيب الشرعي الألماني في هامبروغ كلاوس بوشيل إنه خالف التعليمات بوقف التشريح في مارس وأبريل 2020. وتوصل من خلال التشريح إلى أن ضرر فايروس كورونا الجديد لا يقتصر على الجهاز التنفسي، بل يتعداه إلى القلب، والكليتين، والكبد، والدماغ. وذكرت دراسة أجراها بوشيل ونشرت خلال أكتوبر الماضي، بناء على نتائج تشريح 17 جثة لضحايا كوفيد-19، أن عدوى كوفيد تتسبب في إلحاق أضرار بعدد من الأوعية الدموية في الدماغ، ما يفسر ظاهرة إصابة عدد من المرضى بصعوبات بالغة في الدماغ، وخلل في الذاكرة، وشعور متزايد بالتعب الجسماني. وبسبب هذا الاكتشاف توصل الأطباء إلى أنه إذا تم إعطاء المصاب قبيل استفحال إصابته عقاراً يسمى RIPK1 فمن الممكن تفادي حدوث ذلك الضرر بالدماغ.

موت كوفيد يضرب «الولايات الحمراء» !

ذكرت «نيويورك تايمز» أمس أن الإحصاءات أثبتت أنه خلال 2020 رزئت «الولايات الحمراء»، أي المؤيدة للحزب الجمهوري، إبان رئاسة دونالد ترمب، بعدد من الوفيات الوبائية أكبر مما شهدته «الولايات الزرقاء» المؤيدة للحزب الجمهوري. وأوضحت أنه بحلول أكتوبر الماضي توفي بالوباء 25 من كل 100 ألف شخص من المناطق المؤيدة لترمب، وهو يزيد أكثر من 3 أضعاف ما حدث في المناطق «الزرقاء» المؤيدة للرئيس جو بايدن، التي شهدت 7.8 وفاة من كل 100 ألف شخص من سكانها. وزادت أن أكتوبر هو الشهر الخامس على التوالي الذي استمر خلاله ذلك الفرق بين المناطق «الحمراء» و«الخضراء»، وهي كناية عن لونيْ شعاريْ الحزبين الجمهوري والديموقراطي. وذكرت «التايمز» أن السبب واضح جداً؛ ويتمثل في أن نحو 40% من سكان الولايات الجمهورية لم يقبلوا الحصول على اللقاحات المضادة لكوفيد-19 حتى الآن؛ على رغم معرفتهم أن اللقاح يتسبب بانحسار احتمالات تردي الإصابة والوفاة. وأشارت إلى أن «المناطق القرمزية»، وهي إشارة إلى أن المناطق التي يتنازع سكانها ولاءٌ متساوٍ للجمهوريين والديموقراطيين، خصوصاً في ولايات أريزونا، وميشيغان، ونيفادا، ونيومكسيكو، وبنسلفانيا، وأوريغون، وفرجينيا، وحتى كاليفورنيا، تعاني هي الأخرى من المشكلة نفسها.