السديس متحدثا للزميل فهيم الحامد. (عكاظ)
السديس متحدثا للزميل فهيم الحامد. (عكاظ)
الشيخ السديس والشيخ صالح بن حميد في صورة جماعية مع الشيخ قادري وحليمي. (واس)
الشيخ السديس والشيخ صالح بن حميد في صورة جماعية مع الشيخ قادري وحليمي. (واس)
-A +A
كتب:فهيم الحامد Falhamid2@

لم يكن يوم الجمعة الماضي عاديا في تاريخ الشعب الأفغاني الذي ذاق مرارة الحروب والاقتتال والفتن طوال العقود الماضية، ويتطلع على غرار غيره من الشعوب إلى العيش بأمن وأمان وسلام بعيدا عن الاحتراب والعمليات الانتحارية والتدخلات الخارجية.وفي رحاب المسجد الحرام، ووسط أجواء روحانية تعاهد الأفغان مجددا في حضرة الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، ووزير الحج والأوقاف والإرشاد في أفغانستان الشيخ محمد قاسم حليمي، ووزير الشؤون الإسلامية في باكستان الدكتور نور الحق قادري، بالالتزام نصا وروحا بمخرجات المؤتمر التاريخي لإعلان السلام الذي اختتمت أعماله (الخميس) في جوار البيت الحرام، برعاية من رابطة العالم الإسلامي لدعم الأمن والسلام وتحقيق المصالحة والاتفاق على إيجاد حلٍ نهائي وشامل للأزمة الأفغانية، من خلال عملية المصالحة بين الأطراف الأفغانية والاجتماع على كلمة واحدة والائتلاف والابتعاد عن الفرقة والخلاف، والنأي عن الصراعات والنزاعات، ونبذ الخلافات والانقسامات.

المشهد كان مهيبا وروحانيا في مجلس الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، الذي حضره إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن حميد، حيث كان الإصرار والتصميم هو سيد المشهد، وهو الذي تصدر الحوار بين أصحاب الفضيلة والمعالي الوزراء بهدف لم الشمل ورأب الصدع ونشر السلام وحفظ دماء الشعب الأفغاني وتكريس التسامح والوسطية والاعتدال ونبذ التطرف والإرهاب. الشيخ السديس في تصريح لـ«عكاظ»، شدد على الأهمية الملقاة على عاتق العلماء في تقريب وجهات النظر، بين الأطراف المعنية والوصول إلى المصالحة الوطنية، منوها بالجهود التي يبذلها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد لدعم الأمن والسلام وتحقيق المصالحة وإنهاء حقبة الأزمات التي شهدتها أفغانستان على مر العقود الماضية.

وقال إن دعم المملكة ورعايتها للمؤتمر يؤكد دورها التاريخي والريادي في قيادة العمل الإسلامي المشترك، وخدمة قضايا الإسلام والمسلمين، وسعيها الدائم لإحلال الأمن والسلام والاستقرار في جميع أرجاء العالم الإسلامي.

واعتبر المخرجات التي تمخض عنها مؤتمر إعلان السلام في أفغانستان والحرص على تحقيق آمال وتطلعات الشعب الأفغاني الشقيق في تحقيق السلام واستعادة الأمن والاستقرار والرخاء مخرجات تاريخية، موضحا أن العنف الناتج عن التطرف والإرهاب بكل أشكاله وصوره -بما فيه من عنفٍ ضد المدنيين وهجماتٍ انتحارية- مناقض لمبادئ العقيدة الإسلامية. وتابع قائلا «الإعلان التاريخي للسلام في أفغانستان، سيمهّد طريق الحل للأزمة الأفغانية التي طال أمدها، من خلال دعم المفاوضات ونبذ كل أعمال العنف». لقد أكدت المملكة دوراً مهماً ومحورياً في دعم عملية السلام والمصالحة في أفغانستان. كما بذلت رابطة العالم الإسلامي جهوداً كبيرة لانعقاد المؤتمر، بهدف تحقيق المصالحة، وترسيخ دعائم السلام وحظيت مبادرتها (إعلان السلام في أفغانستان) بترحيب حكومي وشعبي كبيرين من الجانبين الأفغاني والباكستاني، يتجسد في الاتفاق على تأييد الجهود المبذولة لإنجاح عملية السلام. وأكد خبراء أفغان أن المشاركة الكبيرة من مختلف أطياف الشعب الأفغاني وقياداته وعلمائه في المؤتمر، تعكس رغبة صادقة وعزماً أكيداً وإرادة حقيقية من الجميع في إحلال السلام الدائم في وطنهم والاستجابة والتفاعل الإيجابي مع جهود رابطة العالم الإسلامي ودعم المملكة لتحقيق السلام في أفغانستان.

في النهاية لقد أهدرت أربعة عقود من الحروب المستمرة حق الشعب الأفغاني الشقيق في ممارسة حياته الطبيعية، وألحقت ببلاده خسائر بشرية ومادية فادحة، ما يتطلب تبني مبادرة وطنية شجاعة من جميع الأفغان لتنفيذ بنود «إعلان السلام في أفغانستان»، لذا فإن نجاح جهود إحلال السلام واستعادة الأمن والاستقرار، والبدء في وضع أفغانستان على طريق المصالحة من خلال مسار سياسي حكيم سيشكل فرصة ثمينة لانطلاقة مسيرة التنمية الشاملة، وبناء مؤسسات الدولة على أسس وطنية، وإعادة إعمار البلاد. في المسجد العتيق دعوات وتعهدات بإنهاء الاحتراب وإحلال السلام.