ولي العهد خلال مشاركته في جلسة حوار إستراتيجية ضمن فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي. (عكاظ)
ولي العهد خلال مشاركته في جلسة حوار إستراتيجية ضمن فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي. (عكاظ)
-A +A
فهيم الحامد (الرياض) Falhamid2@
أدرك ولي العهد الأمير الشاب محمد بن سلمان بنظرته الشمولية صراعات المستقبل وتحديات الثورة الرقمية والبنيوية القادمة، لذلك هندس مشروع مدينة نيوم بفكر إستراتيجي اقتصادي استثماري تقني نوعي مختلف بمقاربات عالمية؛ وأردفه عملياً بتدشين مشروع ذا لاين؛ وهو من المشاريع النادرة والجريئة والضخمة، كون مشروع The Line (على امتداد 170 كلم) سيقوم باستخدام الطاقة المتجددة بنسبة 100 %، لتكون مسؤولية الحفاظ على البيئة جزءاً لا يتجزأ من القوانين التشريعية، والأنظمة التي تعزز الممارسات المستدامة وهو المشروع الذي يعكس رؤية ولي العهد للمستقبل والحاجة لبناء مدن ذكية من الصفر عبر ابتكار مفاهيم جديدة وسيكون بمثابة سيليكون فالي سعودي لكن باختصاصات أشمل وتقنية أشمل وبيئة خضراء صديقة خالية من الانبعاثات الكربونية. وسيكون مشروع ذا لاين ذا نمط متميِّز في طبيعة الحياة، تستهدف مستقبل الحضارة للبشرية، ولهذا وصف الإعلام الأجنبي The Line بأنه مشروع يتحدى الصعاب بالاستشمار الجريء.. ولمن يدركون أن «البيانات هي النفط الجديد»، فستكون المجتمعات «اللاينية» مترابطة افتراضياً في ما بينها؛ إذ سيتم تسخير نحو 90 % من البيانات لتعزيز قدرات البنية التحتية، في حين يتم تسخير 1 % فقط من البيانات في المدن الذكية الحالية وإنشاء المجتمعات الإدراكية على بنية تحتية ذكية ومتناغمة مع البيئة المحيطة، تعمل بشكل كامل على مختلف أنواع الطاقة المتجددة، ما سيفرز بيئة صحية خالية من التلوث والضجيج. إن مشروع «ذا لاين» العملاق بامتياز هو لحظة تاريخية بتصدير المملكة، وهي الدولة النفطية، مشهداً عملياً لتشييد أنقى نموذج لمفهوم المدن الحديثة، إذ ستكون «ذا لاين» أكثر مدينة صديقة للبيئة والأكثر حماية للطبيعة في العالم وصياغة سبل جديدة للحياة وتمكينها وسط منطقة طبيعية تزخر بالمساحات الخضراء. وتدرك الجهات المطوّرة لمشروع نيوم أنّ السكان يُمثلون العنصر الأهم لبناء أي مدينة، وهو محور التركيز في أولوياتهم أثناء تنفيذ المشروع. ويسهم بناء مدينة ذكية مترابطة بالكامل ومعززة ببنية تحتية قائمة على تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحويل جميع مكوناتها إلى أجهزة استشعار كفيلة بتأمين التفاعل الدائم بين المواطنين والتكنولوجيا المحيطة بهم. وسيتيح تجميع البيانات وتحليلها آفاقاً واسعة لاتخاذ القرارات لمواصلة تحسين التجربة الإجمالية للمواطن من تعزيز الكفاءة والاستدامة والمرونة المستقبلية. إن نشر ثقافة البيئة الخضراء متطلب حضاري له أبعاده المستقبلية حتى في تحسين الاقتصاد. لذلك من المهم استقطاب الشباب المتخصص في مثل هذه المجالات وتشكيل جمعيات خاصة تتبنى أفكارهم المتميزة في تطوير الأراضي الصحراوية وجذب التوطين والقيام باستثمارات اقتصادية عالية المستوى. لقد أوضح الأمير محمد بن سلمان أن العمود الفقري للاستثمار في «ذا لاين» الذي سيبدأ تطويره في الربع الأول من العام الحالي، سيأتي من دعم حكومة المملكة وصندوق الاستثمارات العامة والمستثمرين المحليين والعالميين لمشروع «نيوم» ككل البالغ 500 مليار دولار على مدى عقد من الزمن، مفصحاً أن البنية التحتية للمشروع ستكون بتكلفة بين 100 و200 مليار دولار.

كما أفصحت آخر البيانات الرسمية أن مشروع «ذا لاين» سيكون أنقى مدينة عالمية والأكثر حماية للطبيعة على وجه الأرض، إذ وفقاً لتعريف المناطق المحمية البرية والبحرية للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة ستكون «نيوم» التي يأتي في قلبها «ذا لاين» أكبر محمية حضرية للطبيعة بنسبة 95 % براً وبحراً، متقدمة على بلدان معنية بالطبيعة البرية ككاليدونيا الجديدة بـ54 %، وبوتان بـ48 %، وأستراليا بـ19 %، وكذلك متقدمة على الدول المعنية بطبيعة البحار التي تتصدرها فرنسا بـ49 %، فبريطانيا بـ43 %، وأستراليا بـ41 %. فالموقع الجغرافي لـ«نيوم» ذو سمات شاملة حيث يربط 4 مناطق طبيعية هي الساحل، والصحراء الساحلية، والجبال، والأودية المرتفعة. وستجد مدينة «ذا لاين» فكرة المجتمعات الإدراكية المترابطة والمعززة بالذكاء الصناعي على امتداد طوله 170 كيلو متراً من ساحل نيوم قاطعة جبالاً وصحاري شرقاً ضمن بيئة بلا ضوضاء أو تلوث، وخالية من المركبات والازدحام، تتحدى التوسع الحضري الذي يعترض تقدم البشرية، كالبنية التحتية المتهالكة، والتلوث البيئي، والزحف العمراني والسكاني. إن مشروع «ذا لاين» يُعتبر أحد مشاريع الجيل القادم من المُدن الذكية عبر اعتماده على الذكاء الاصطناعي والاتصالات فائقة السرعة والروبوتات والتقنيات المتقدمة. محمد بن سلمان والاستثمار الجريء الذي سيتحقق على الأرض سيليكون بمثابة فالي من نوع آخر.. كل الطرق تؤدي إلى «ذا لاين».. المجتمع الإدراكي والبيئة الخضراء هي البوصلة.