الاحتجاجات ضد الإغلاق في كلابهام جنوبي لندن.
الاحتجاجات ضد الإغلاق في كلابهام جنوبي لندن.




الشرطة تحتجز بريطانية بتهمة الجلوس على مقعد قبالة الشاطئ.
الشرطة تحتجز بريطانية بتهمة الجلوس على مقعد قبالة الشاطئ.




الآنستان ألان ومور خرجتا لتناول قدح قهوة.. فحصلتا على غرامة كبيرة.
الآنستان ألان ومور خرجتا لتناول قدح قهوة.. فحصلتا على غرامة كبيرة.
-A +A
ياسين أحمد (لندن) OKAZ_online@
إذا كانت حياة كل فرد من العامة في بريطانيا مفعمة بالقلق، والخوف، وانتظار المجهول، في أتون وباء كوفيد-19، الذي لا يريد أن يرحم هذه الإمبراطورية التي لم تكن الشمس تغيب عن أرجائها، فلا شك في أن الرجل الأول في بريطانيا -رئيس وزراء حكومة حزب المحافظين بوريس جونسون- هو الأشد تُعساً، وقلقاً، وهماً. فها هي ذي بلاده ترسف في أغلال إغلاقها الثالث منذ اندلاع جائحة فايروس كورونا الجديد، من دون أن يلوح في الأفق ما يشي بأن الإغلاق مُحدِثٌ أثراً؛ إذ يتواصل الموت، والمرض، ومشاهد سيارات الإسعاف، والشوارع الخالية في إحدى أكبر عواصم العالمين القديم والجديد. فقد أعلنت السلطات البريطانية الليل قبل الماضي أنها سجلت أكثر من 59 ألف إصابة جديدة بكوفيد-19، ليتجاوز العدد التراكمي للحالات منذ بدء النازلة 3 ملايين مصاب. وأضحى السكان ينتظرون المؤتمر الصحفي اليومي للحكومة بشأن الأزمة الصحية مساء كل يوم، كأنهم ينتظرون موعد مسلسلاتهم التقليدية المعروفة، قبل الجائحة. وهو مؤتمر يمكن المواطن البريطاني أن يتجاهله. فما سيسمعه من أرقام، وما سيشاهده من رسوم بيانية سيزيده وحشة، واكتئاباً، وأرقاً خلال الليالي الشتوية الطويلة القارسة. غير أن سبباً وحيداً يجعل البريطانيين يحرصون على متابعة المؤتمر الصحفي المذكور: فقد يعلن فيه جونسون، أو وزير صحته مات هانكوك، أو المستشاران العلمي والطبي للحكومة تدابير جديدة، أو تحذيرات، أو قوانين أكثر تشدداً. وأهم نقاط التخويف أمس هي أن المملكة المتحدة غدت أول دولة في أوروبا الغربية تسجل أزيد من 3 ملايين إصابة. كما أنها أضحت أول دولة أوروبية غربية يتجاوز عدد وفياتها بكوفيد 80 ألفاً منذ بدء نازلة كورونا؛ توفي 30 ألفاً منهم خلال الأيام الـ 30 الماضية.

وعلى رغم الضيق والشعور بالحبس اللذين تثيرهما عملية الإغلاق، فإن لندن لن تعدم من هم على استعداد للتظاهر ضد الحكومة، وسياساتها حيال الأزمة الصحية. صحيح أن التظاهر جزء لا يتجزأ من الحياة السياسية في هذه البلاد؛ غير أنه يحدث أحياناً في أتون ظروف صعبة، قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه. وكانت تظاهرات المناوئين للإغلاق، بدعوى أنه قمع للحرية، في منطقة «كلابهام عموم» اللندنية أمس مادة خصبة للتغطيات الصحفية والتلفزيونية، وللإعلام الجديد الذي يجهد لإحداث تأثير كذلك الذي تُحدثه الصحافة الورقية العتيقة.


بيد أن ذلك لا بد أن يعيدنا إلى القول إن جونسون هو أشقى شخص في الجزر البريطانية؛ لأنه بات محاصراً بالتساؤلات التي لا تملك حكومته إجابة عنها: لماذا تدهورت الأزمة الصحية إلى مستوى أشد انحداراً مما شهدته بريطانيا في أبريل 2020؟ ولماذا هذا الموت الفظيع، والتهديد بانهيار الخدمة الصحية؟ ولماذا سمحت الحكومة المحافظة بأن تتردى الأزمة إلى درجة أن شخصاً من بين كل 30 من سكان العاصمة لندن أصيب بالفايروس، على حد تصريحات عمدة لندن صادق خان الجمعة الماضي؟

هل يدفع جونسون الثمن ؟

رأت أسوشيتد برس أمس أن معظم اللوم في ما وصلت اليه بريطانيا من تعاسة وبؤس يتم إلقاؤه على عاتق جونسون. ويشار بوجه خاص إلى بطء حكومته في التعامل مع الفايروس التنفسي الذي كان قد خرج لتوه من ووهان في الصين مطلع 2020. وكان ذلك التباطؤ أول خطأ قاتل في مسيرة مع الأزمة شابتها أخطاء عدة لا يمكن التسامح معها. وقال أستاذ الصحة العالمية بجامعة لندن البروفسور أنطوني كوستيللو إن تردد الحكومة في مارس 2020 بشأن ما إذا كان يجب إغلاق البلاد أدى إلى فقدان عدد كبير من الأرواح. وأضاف أن جونسون اضطر في نهاية المطاف إلى اتخاذ قرار بإغلاق البلاد في 23 مارس. لكنه لو كان أقدم على ذلك قبل أسبوع، أو أسبوعين، لما كان عدد الوفيات سيتجاوز 30-40 ألفاً. وزاد كوستيللو، وهو عضو في اللجنة العلمية التي تستشيرها الحكومة، أن المشكلة أن حكومة جونسون عادت لترتكب خطأ التباطؤ نفسه، لتتردى الحال إلى ما هي عليه اليوم. كما أنه مما يحسب على جونسون أنه ظل على الدوام يحاول تغليب مصلحة الاقتصاد، والتجارة، واستمرار الحياة العادية دون قيود. وقال رئيس الوزراء في مقابلة أجرتها معه هيئة الإذاعة البريطانية الأسبوع الماضي، رداً على تلك الانتقادات، إن من السهل تلمُّ الأخطاء حين ينظر الناظر إلى الماضي. وزاد: إعادة النظر بأثر رجعي هي آلة لتكبير الأخطاء!