-A +A
ياسر عبدالفتاح (جدة) okaz_online@
في باب المزايدة على قضية فلسطين، نجحت جماعة الإخوان لعقود مضت في تسويق تجارتها بالملف، قبل أن تفضحها الوقائع واللقاءات السرية والتطبيع العلني والسري بين أقطابها وقيادات في إسرائيل، ليس آخرها التواصل المباشر بين قيادي إخواني والمحلل السياسي الإسرائيلي إيدي كوهين ما فتح الباب المغلق في العلاقات الأزلية بين الجماعة والكيان بعد أن ظل التواصل «الإخوائيلي» طي الكتمان، ويخشى الإخوان على صورتهم التي تهاجم إسرائيل في العلن وتبعث لها القبلات في السر.

في وقت سابق، اعترف قيادي في الجماعة (إبراهيم ربيع)، بنشوء علاقات بين الصهيونية والإخوان، مستدلاً بكتاب «التلمود» الموازي لكتاب «رسالة التعاليم» الذي أصدره زعيم الجماعة حسن البنا في مقاربة لمؤسس الصهيونية تيودورهرتزل، إذ اتصف الثنائي بالغموض. ولم يعد التطبيع بين الجانبين سراً في الأضابير وتحت الطاولات، إذ كشفت المصادر أن أقطابا إخوانية هاربة في تركيا ومنهم إعلاميون، على علاقة مباشرة ببعض الباحثين الإسرائيليين، ومنهم من توطدت علاقاته مع افيخاي أدرعي. وفي يناير العام الماضي زار صحفي إخواني إسرائيل للمشاركة في مؤتمر عن الأمن القومي الإسرائيلي، وطبقا للمصادر فإن عشرات الزيارات السرية إلى الكيان الإسرائيلي تمت تحت الحجب والأستار، ما يعضد رأي الباحث هشام النجار الذي يرى أن الإخوان وتيار الإسلام السياسي تم صنعهما بهدف اختراق المجتمعات العربية وتقسيمها إلى «ثنائية مسلمين وكفار»، وهي الخطة التي تدعمها بعض الدول الغربية وتشعل فتيلها، وتولت تركيا باقتدار مهمة صب الزيت على النار وفتحت ملاذات آمنة للإخوان المطبّعين.


ونشرت مجلة «بروجيكت ساينديكيت» مقالاً لوزير الخارجية الإسرائيلي السابق شلومو بن عامي طالب فيه الولايات المتحدة بعدم تصنيف «الإخوان» جماعة إرهابية، ورأى أن منح الجماعة هوامش من الحرية سيكون مفيداً لإسرائيل، متطرقاً إلى نجاح محمد مرسي في إقناع حماس بوقف صواريخها تجاه إسرائيل.

وعلى السياق ذاته، اعتبر قائد الجبهة الجنوبية للجيش الإسرائيلي الجنرال سامي ترجمان أن استمرار سيطرة حركة حماس على قطاع غزة يصب في مصلحة أمن إسرائيل، كما كشف موقع أمريكي تلقي ممارسين صحيين وأطباء من قطاع غزة تدريباً في إسرائيل للتعامل مع فايروس كورونا، وطبقاً لتقرير بثته قناة إسرائيلية حكومية تلقى فريق من مركز شيبا الطبي تدريبات استغرقت ساعات لنحو 20 عاملاً طبياً من غزة عند معبر إيريز، والسماح لمجموعة أخرى من الأطباء والممرضات في وقت لاحق بمغادرة قطاع غزة للتدريب.

ونقل برلماني مصري أنه عندما كانت الجماعة في السلطة منحت إسرائيل قدرة الحفاظ على اغتصاب حقوق الشعب الفلسطيني.

وفي بحث للخبير الأمني المصري اللواء فؤاد علام، أكد أن جماعة الإخوان عقدت اتفاقاً مع إسرائيل بتسليم جزء من صحراء سيناء لتسكين الفلسطينيين، ما يؤكد استعدادهم للتحالف مع الشيطان لتحقيق أهدافهم والحضور على الساحة السياسية والوصول إلى الحكم بأي ثمن. وربط السيناتور الأمريكي «جون ماكين» المقرب من إسرائيل علاقات وطيدة مع الجماعة خصوصا في ليبيا، إذ تردد عليها أكثر من مرة في عام 2011، وعبّر إخوان ليبيا عن بالغ حزنهم لرحيل صديقهم مثلما نعاه بنيامين نتنياهو ووصفه بالصديق الكبير وأكبر مدافع عن إسرائيل، وتطابقت مشاعر الإخوان وإسرائيل تجاه رحيل صديقهم الوفي الذي لم يخف تأييده وصول جماعة الإخوان إلى السلطة برغم عدم إيمانها بالديمقراطية.

وجنوباً إلى الخرطوم، اتخذ نظام الإخوان بقيادة المخلوع عمر البشير من التطبيع مع إسرائيل سلاحاً يشهره عند الحاجة، واقترح برلماني إخواني في منتصف تسعينات القرن الماضي بيع مياه نهر النيل إلى إسرائيل، وحين غارت طائرة إسرائيلية على مهربي سلاح سودانيين كانوا في طريقهم إلى غزة قرب مدينة بورتسودان، برر وزير دفاع نظام الإخوان عدم تصدي سلاح الجو للغارة بالقول إن الطائرة المغيرة دخلت الأجواء السودانية ليلا مطفئة المصابيح!

وما يجري في السر أبلغ بكثير مما يحدث في العلن.