-A +A
«عكاظ» (نجران)

غيب الموت أكبر دليل سياحي في السعودية العم سعيد جمعان «أبو سند» عن عمر ناهز الـ90 عاما، بعد أن أفنى عقودا من حياته في تعريف زوار نجران، جنوب غربي المملكة، بهذه المنطقة الساحرة.

ونعى مغردون على شبكات التواصل الاجتماعي المرشد الراحل، مشيدين بعمله الدؤوب في مجال تعريف الزوار بتاريخ نجران وتراثها.

وعلى الرغم من أن «أبو سند» كان أميا ولم يدخل مدرسة قط، لكنه تمكن من إتقان 4 لغات هي الإنجليزية والفرنسية والإيطالية، بالإضافة إلى العربية.

وتعلم هذه اللغات خلال احتكاكه بمتحدثيها، وساعده في ذلك رغبته الشديدة في إتقان لغات الآخرين.

وكان أبو سند كشف في حديث سابق لـ«عكاظ»، التي زارته في منزله في قرية الحمر شمالي مدينة نجران، محطات من حياته، إذ استطاع بحكم عمله في السياحة تحويل منزله القديم الذي يقطن فيه إلى تحفة فنية تسر كل من يزوره للاطمئنان على صحته.

وأوضح أبو سند، الذي كان يتحدث وهو محاط بعدد من أبنائه وأحفاده، أنه بدأ حياته موظفاً في أرامكو بالشرقية متخصصاً في النجارة، تحت إشراف أحد الأجانب، الذي كان يوده كثيراً ويحرص على تطوير أدواته العملية، إلا أن الصدفة قادته قبل 50 عاماً للانتقال للعمل في الصليب الأحمر الدولي في جنوب المملكة، وهو ما أكسبه خبرات في مجال التعامل مع الحالات المرضية، التي كان يشعر بالسعادة وهو يساهم في شفائها، بالتعاون مع الأطباء والفنيين في الصليب الأحمر. لافتاً إلى أن رغبته في الزواج وحرصه على ممارسة الطرب «لعب السمران» والطبول كانت سبباً في تركه للعمل في أرامكو والعودة إلى مسقط رأسه، ومن ثم الالتحاق بالصليب الأحمر بعد لقائه صدفة بأحد العاملين الذي فوجئ بأنه يجيد الحديث باللغة الإنجليزية بطلاقة. وعن التحاقه بالعمل في الإرشاد السياحي قال إنه فوجئ بلجنة تستدعيه وتتحدث معه وتوجه إليه بعض الأسئلة، وبعد أيام تم الاتصال به للتوجه إلى الرياض. ويضيف: «شعرت بالخوف وتساءلت لماذا يتم استدعائي.. لم أنم في تلك الليلة، رغم أن أحد الأصدقاء كان يعلم سر الاستدعاء، لكنه لم يخبرني إلا في اليوم التالي». وزاد: «غادرت إلى الرياض مستقلاً الطائرة لأول مرة في حياتي لأشارك في اجتماع للمرشدين السياحيين والتقيت بالأمير سلطان بن سلمان الذي سألني: هل تتحدث اللغة الإنجليزية؟ قلت له: بطلاقة، واستمر النقاش في كثير من المواضيع السياحية وهو من أطلق عليّ لقب أكبر مرشد سياحي على مستوى المملكة في أحد الاحتفالات، وكرمني بدرع تذكارية تقديراً لي».

وبدمعة تسللت من عينيه قال: «أنا حزين لعدم استطاعتي مواصلة عملي لخدمة السياحة والمساهمة في تعريف زوار المملكة بتاريخها وتراثها، وما فيها من تقدم وازدهار في مختلف المجالات». وأضاف: «بلغوا أصدقائي أنني بحاجة إلى زيارتهم واللقاء بهم والدعاء لي لتجاوز الأزمة الصحية التي أمر بها».