-A +A
إبراهيم علوي (جدة) i_waleeed22
تتزايد المخاوف كل يوم من خطر داهم يتهدد الأهالي من تسكع العمال وسط الأحياء السكنية في فترات السماح بالتجول المشروط. وأضحت الأحياء العشوائية في جدة بيئة خصبة لعدوى فايروس كورونا، في الوقت الذي تصاعدت معها كثير من الهواجس، لعدم وصول رسائل التوعية إلى ساكنيها من العمال وغياب الاشتراطات الصحية والبيئية في مساكن تؤجر بالغرف والفراش والمتر! على مدى أعوام مضت شكلت عشوائيات جدة ملاذاً آمناً للمخالفين، فوجدوا فيها المستقر الهادئ لانخفاض إيجاراتها وإهمال بعض ملاك المنازل متابعة مستأجري بيوتهم، إذ يتولى أحد العمال المقيمين نظامياً استئجار المنزل ثم تأجيره لبني جلدته بالمساحات والغرف، ويقوم مسؤول التأجير باستلام مبالغ مقابل ما يعرف بالفراش، وهي مساحة بعرض متر وطول مترين وتتفاوت قيمتها بين 200 - 400 ريال ويتراوح إيجار الغرفة الواحدة بين 800 - 1000 ريال.

عشوائية الأحياء الشعبية عدها مختصون قنابل موقوتة يجب حصرها وتطويقها ومعالجة أوضاعها وحماية سكانها، والعمل على رفع وعيهم حول فايروس كورونا، في ظل جهل كثير من العمال برسائل التحذير، خصوصاً أن تلك التجمعات لا تحرص على الصحة العامة، فالأعداد التي تقيم داخل المسكن الواحد كبير، وقد يصل عدد المقيمين في الغرفة الواحدة إلى أكثر من 10، وهو خطر داهم يجب إيقافه وإيجاد طرق لمعالجته. وكانت الجهات المعنية بناء على توصيات وزارة الصحة رصدت 7 أحياء عشوائية في جدة، قررت عزلها ومنع التجول فيها على مدار اليوم، ضمن إجراءات احترازية صحية إضافية للحد من انتشار فايروس كورونا، تشابهت تلك الأحياء في عشوائيتها وهي كيلو 14 جنوب، وکيلو 14 شمال، والمحجر، وغليل، والقريات، وکيلو 13، وبترومين، غير أن خطر بقية الأحياء لا يزال داهماً، فهي تتشابه في اكتظاظها وعشوائيتها مع أحياء أخرى مثل العزيزية والفيصلية والبوادي والربوة الشعبي، إضافة إلى أحياء السبيل والهنداوية والكندرة والنزهة والنعيم وبني مالك والشرفية.


الوصول إلى الجبل.. مغامرة

حي النكاسة أحد أبرز العشوائيات في مكة المكرمة، تعرض لتحريف اسمه على مدار الأعوام الماضية بعد أن كان يعرف بـ«قوز المكاسة»، وهو لم يكن الوحيد، فالتحريف سمة للعشوائيات.

الحي لم تفلح معه محاولات التطوير والتحديث، فأصبح البتر هو الحل، إذ تقررت إزالة عدد من العقارات بهدف تنظيمه وتحويله إلى واقع أفضل ومنع الممارسات الخاطئة من العمالة التي استوطنته؛ بسبب طبيعته الجغرافية ذات الصفة الجبلية، ما أحاله إلى بؤرة عشوائية يتجاوز عدد سكانه 150 ألف نسمة من الجنسيات الآسيوية، الذين أنشأوا أسواقاً عشوائية في طرقات وأزقة ضيقة.

ووجه مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس هيئة تطوير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل بتطوير النكاسة، وبدأت الجهات ذات العلاقة في فصل الخدمات تمهيداً لإزالة العقارات والشروع في تطويره، ويبلغ عدد العقارات المستهدفة إزالتها في المرحلة الأولى 102 عقار، ضمن 12 مرحلة ليتحول الحي مستقبلاً إلى منطقة للمنشآت الترفيهية والتجارية والسكنية والحدائق الحديثة.

كل شيء يباع في حوش بكر

لا خطوط حمراء في «حوش بكر»، كل شيء مسموح داخل أسواره، كما يقول البعض، فهو أكثر الأحياء عشوائية في مكة لما يشهده من اختلالات، إذ تقطنه عمالة مخالفة، وداخله سوق مشهورة تبيع كل شيء، ولا يمكن الوصول إلى الحي إلا سيراً على الأقدام عبر طرقات ضيقة وأزقة ترابية تظهر بها سحنات تستنكر كل غريب.

وتعد السوق من أكثر المواقع فوضوية، إذ تعرض فيها اللحوم مجهولة المصدر والمواد الغذائية منتهية الصلاحية والهواتف النقالة والأواني المنزلية وأدوات التجميل، يسوقها باعة تتم ملاحقتهم عبر لجان مختصة تعمل على إتلاف كل المواد التي تشكل خطراً على صحة وسلامة المواطنين والمقيمين، فيما يجري ضبط المخالفين وإحالتهم لجهات الاختصاص.

«عفويات جدة» 64.. الأمانة حاولت ولكن!

64 حياً عشوائياً في جدة تسكنها جنسيات مختلفة تتشابه في تفاصيلها، ولا تنحصر في جنوب جدة ووسطها، فقد طالت العشوائية أحياء الشمال كالنزهة والنعيم، ولجأ إليها العشرات بسبب انخفاض إيجاراتها وصعوبة الدخول إلى عمقها. وظلت أمانة جدة على مدار أكثر من 50 عاماً تحاول تطوير تلك الأحياء العشوائية بمحاولات خجولة كشق الطرقات داخلها وتوسيعها، لكن هذه المحاولات لم ترق لطموح ساكنيها، وأطلقت أمانة جدة عليها مسمى «الأحياء العفوية»، ولا تزال تشكل ظاهرة مقلقة ومشوهة، وخطراً صحياً، إذ إن أكثر من 75% من سكان هذه الأحياء من غير السعوديين.

«عكاظ» رصدت عدداً من منازل العمالة داخل تلك الأحياء، وكشفت مكامنَ خللٍ، أبرزها الأعداد الكبيرة داخل كل منزل واختلاطهم وعدم توفر المعقمات والكمامات، إذ لا تلقي العمالة بالاً للتعليمات الصحية من غسل الأيادي وقياس درجات الحرارة والعزل عند ظهور أي أعراض مرضية.