thumbnail_IMG_9574
thumbnail_IMG_9574
-A +A
فهيم الحامد (جدة) falhamid2@
تتحرك السياسة الخارجية السعودية وفق مصالحها الإستراتيجية، شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، وتعبر المحيطات والبحار حاملة رسالة السلام والوسطية والتسامح والاعتدال.

وفي خطوة عملية تجسد هذا الحراك الإستراتيجي اتجهت بوصلة الدبلوماسية السعودية إلى قبرص أخيرا لتدشين مرحلة جديدة من الشراكة السعودية القبرصية لتدخل الرياض بقوة إلى الجزيرة المتوسطية وتصبح قبرص جزءا من اهتمام المملكة التي أعادت تموضعها بذلك الجزء في العالم.


وعندما زار وزير الخارجية إبراهيم العساف قبرص أخيرا كأول وزير خارجية سعودي منذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين، فإن ذلك يعكس حرص المملكة على إعطاء دفعة قوية لهذه الشراكة إلى الأمام، خصوصا أن الزيارة جاءت عقب تقديم السفير السعودي خالد بن محمد الشريف أوراق اعتماده إلى رئيس إدارة قبرص الجنوبية نيكوس أناستاسياديس بصفته أول سفير للمملكة في جنوب قبرص. كما أن ذلك يجسد جليا دعم الرياض لقبرص وسيادتها وأمنها واستقرارها، خصوصا أن العساف خلال مؤتمر صحفي مع نظيره القبرصي نيكوس خريستودوليديس في نيقوسيا، قال إن بلاده ستواصل ذلك الدعم، وأعرب عن أمله في أن يحل الطرفان (التركي والقبرصي) المشكلة بطريقة سلمية، ودعم القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، فضلا عن رغبة المملكة في تحسين العلاقات مع جنوب قبرص بسبب موقعها الجغرافي، وسنوات من الحوار الطويل القائم مع العالم العربي، إلى جانب كون قبرص عضوا في الاتحاد الأوروبي، ومن الأهمية تعزيز التعاون الثنائي معها في مجالات السياسة والاقتصاد والطاقة والأمن والدفاع.

ومن المؤكد أنه سيتبع زيارة العساف تقارب تفاعل سياسي اقتصادي في ملفات مشتركة تحدث عنها العساف، خصوصا ملفا مشتركا في قطاع الطاقة وغاز المتوسط قبالة السواحل القبرصية، وأن المملكة لديها الرغبة في التعاون مع قبرص في القطاع ويمكن لها أن تكون شريكا لقبرص فيه.

لقد حظيت زيارة الوزير العساف إلى قبرص بتفاعل واهتمام كبير في الأوساط القبرصية والعالمية، باعتبارها رسالة جديدة للعالم بأن المملكة لن تتوقف عن سياستها لتعزيز دورها الإقليمي، من خلال توسيع دوائر حركتها، وتنويع أدواتها السياسية والاقتصادية في دول المحيطات والبحار. وعكست زيارة الوزير العساف الاحترام والتقدير الكبير الذي تحظى به السياسة السعودية في سعيها لتعزيز التعاون العالمي، وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية في مختلف القضايا الدولية.

وعندما يؤكد وزير خارجية قبرص خريستودوليديس اهتمام بلاده لا لتحديات الأكثر جدية وإلحاحًا في المنطقة، مثل عملية السلام في الشرق الأوسط وسورية وإيران واليمن، فإن ذلك يعكس جليا أن هناك تفاهما مشتركا بين البلدين لمواجهة التحديات المشتركة، خصوصا الإرهاب وصعود التطرف.

ولا يمكن تجاهل عضوية قبرص في الاتحاد الأوروبي، وهذه العضوية تعطي ثقلا لها، خصوصا أن قبرص تؤمن بأن التعاون بين الاتحاد الأوروبي والسعودية أمر مهم في التصدي للتحديات المشتركة في المنطقة والاستفادة من العناصر التي تجمعنا مثل الموقع الجغرافي وتاريخ العلاقة بين قبرص والعالم العربي.

وعندما تضع المملكة مصالحها الإستراتيجية فوق أي اعتبار، فهي تملك دائما خيارات تمكنها من تعزيز مكانتها الدولية، مع تعزيز دبلوماسيتها الهادئة، عندما يتطلب ذلك وتقوية دبلوماسية الحزم عند الحزم.

إنها دبلوماسية حرق المراحل.. السعودية تتحرك في كل مكان.. إلى الجزيرة المتوسطية.. در.. المملكة وقبرص.. تعزيز.. شراكة المصالح الإستراتيجية.