-A +A
«عكاظ»، رويترز (الدوحة) okaz_online@
يبدو أن إماطة قطر قناع المواراة أحد أهم المكاسب من رحم الأزمة، إذ أعلنت الدوحة أمس الأول إعادة سفيرها إلى طهران. وقال المكتب الإعلامي التابع لوزارة الخارجية القطرية في بيان له إن الدوحة تتطلع لتعزيز العلاقات الثنائية مع إيران في كافة المجالات.

وتأتي الخطوة القطرية تأكيداً لاتهامات الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب بتقارب الدوحة مع طهران في ما يضر منطقة الخليج والأمن الوطني للدول. ووفقاً لوزارة الخارجية القطرية، فإن وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني أجرى اتصالاً هاتفياً مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لبحث العلاقات الثنائية وسبل دعمها وتطويرها.


ورغم تناقضات الخط السياسي بين طهران والدوحة، إلا أن العاصمتين تلعبان أدوراً «تخريبية» في المنطقة عبر دعم ميليشيات إرهابية ومحاولة استهداف دول الخليج وتهديد أمنها الوطني، ولا يستغرب مراقبون من إعادة قطر سفيرها إلى طهران، إذ طالما أكدوا تناغم البلدين في النهج السياسي، وتحالف ما يسمونه «الأشرار» لضرب استقرار المنطقة. ويستشهد المراقبون بدعم الدوحة السخي لميليشيا حزب الله اللبنانية الموالية لطهران الذي بدأ مبكراً في لبنان، وتورط النظام القطري في دعم أذرع إيران في اليمن الممثلة بميليشيات الحوثي، حتى إن طرد القوات القطرية من التحالف العربي لمساندة الشرعية في اليمن جاء بعد كشفه دعماً واتصالات قطرية بالحوثيين.

وكان وزير الدفاع القطري خالد العطية سبق أن تبرأ من المشاركة في التحالف العربي لمساندة الشرعية في اليمن، وقال إن بلاده كانت مجبرة. وتلتقي الدوحة مع طهران في التعاطي مع المظاهرات الطائفية في البحرين، إذ دعمت العاصمتان الطائفيين في البحرين، ومولت الإرهابيين الساعين لقلب نظام الحكم، وأعلنت البحرين عن دعم إيران وقطر للمتظاهرين صراحة بتسجيلات ووثائق دامغة، حتى أن مسؤولين قطريين أكدوا أن وجودهم في «درع الجزيرة» كان صورياً. وبعد إعلان الدوحة إعادة سفيرها إلى طهران، يبرز التساؤل عما تبقى من أقنعة قطر حتى تسقط، خصوصاً أن الدوحة أزالت أقنعة كثيرة بعد تحرك الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب ضدها في الخامس من يونيو الماضي.

.. وتستدرج القوى الناعمة من «الضبابية» إلى «السوداء»

علي الرباعي (جدة) Al_ARobai@

ما فتئت الحكومة القطرية تستدرج القوى الناعمة بالمال لإخراجها من مواقعها الآمنة في العالم العربي، وأغرت بالمناصب والمناقب والظهور على قناة الجزيرة أبرياء وسذّجاً ليستشعروا أنهم وجدوا ضالتهم في فضاء حر يحترم الإنسان ويمنحه مساحة كافية للتعبير، إلا أن ما توهموه لم يكن حقيقة، ورغم أن حكومة الدوحة منحت في عام واحد الجنسية القطرية لأكثر من 3 آلاف أجنبي، بدءًا من موريتانيا وليس انتهاءً بأفراد ينتمون لأقليات في بلدانهم أو يعانون من ملاحقات قانونية وقضائية، ورغم أنها ترى نفسها صاحبة فضل عليهم إلا أن دورها لا يعدو كونه إخراج المواطنين من قائمة ضبابية في بلدانهم وإدراجهم في قوائم سوداء تعرّضهم للمحاسبة والمحاكمة وفق قرارات أممية.

وحاولت الحكومة القطرية أن تظهر للنخب أنها ملاذ آمن للإسلاميين المشوشين والمعارضين السياسيين من مختلف أرجاء العالم العربي والإسلامي، لتورطهم ببراغماتية في الحسابات السياسية القطرية الإقليمية، وتجلت حماقاتها في روابطها الوثيقة بحركة الإخوان المسلمين، واستقطبت قطر قادة المعارضة ممن اضطلعوا بأدوار قيادية في الاضطرابات الثورية في تونس ومصر وليبيا وسورية واليمن، ولم تستنكف الحكومة القطرية عن توظيف كل القوى الناعمة في النيل من الشعوب العربية والإسلامية.

ووصف الباحث كريستيا شاسنو في كتابه «قطر.. وأسرار قوتها»، الحكومة القطرية بأنها مثل الضفدع الذي يريد أن يصبح ثوراً، كونها تستغل ثراءها المالي لتطرح نفسها على الخريطة الدولية، وتستدرج النخب، وتجنس الفارين من بلدانهم، وتدخل نفسها في دوامة كبيرة كون أمير قطر السابق يلعب على كل الأطراف حتى وإن كانوا أعداءً، إذ يدعم الجماعات الإسلامية في مالي ويظهر دعمه للعملية العسكرية الفرنسية، ويعلن أنه حليف قوي للولايات المتحدة الأمريكية، ولكنه لا يخفي علاقاته مع حركة طالبان.

ويرى شاسنو أن قطر تتوهم أنها أضحت بطلا مطلقا في استخدام نوع واحد من القوة الناعمة ألا وهو المال، كون هذه الإمارة الصغيرة حاولت بسط نفوذها في الشرق الأوسط وأفريقيا، واجتهدت في اللعب بالخرائط الجوسياسية، ونشر الاضطراب والفوضى من أجل التحكم.