وزير المالية
وزير المالية
-A +A
«عكاظ» (جدة)

أكد وزير المالية محمد الجدعان، أن حكومة المملكة العربية السعودية أطلقت حزمة من المبادرات لدعم القطاع الخاص بإجمالي مخصصات وصل إلى 218 مليار ريال، تمثلت في دعم وإعفاء وتأجيل سداد مستحقات القطاع، إضافة إلى ضخ سيولة نقدية في القطاع المصرفي، وتم بدء عام 2020 بخطة واضحة جدا عن كيفية التوجه في مساراتنا.

وقال الجدعان خلال مشاركته اليوم (الخميس) في فعاليات مؤتمر «يوروموني السعودية 2020» إن مؤسسة النقد العربي السعودي قامت بتسهيل بعض الأصول، «كما يمكننا ضخ 70 مليار ريال من السيولة في القطاع الخاص لتمكينه من تسيير أعماله، فيما تم ضخ سيولة مالية كبيرة في القطاع المصرفي للمساعدة في متابعة أعمالهم، وقمنا على وجه السرعة بالتأكد من وجود السيولة لجميع القطاعات لتسيير أعمالهم».

وبين أن «العالم استهل عام 2020 بحذر مصحوب ببعض التفاؤل، حيث التوترات التجارية والجغرافية، ورغم ذلك كان هناك بعض التفاؤل بسبب استمرار النمو حسبما ورد في تقارير المنظمات الاقتصادية الدولية»، مشيرا إلى أنه «بسبب تداعيات جائحة كورونا، بدأنا نرى انخفاضات في إجمالي الناتج المحلي للعديد من الدول بنسب راوحت بين 5% و10% و15%، ووصلت في بعض الدول إلى 20%، ما يعني عودة بعض الاقتصادات 10 سنوات إلى الخلف».

وأكد الجدعان أن حكومة المملكة تراقب الوضع وأحجام السيولة في القطاع الخاص، إذ إن عام 2020 شكل أكثر الأعوام تحديا منذ 100 عام، ليس في وازرة المالية فحسب، بل إن الجميع واجه تحديات كبيرة، ولم نتوقع حدوث الأزمة ولدينا قدر كبير من التفاعل معها، والدعم الحكومي ساعد بشكل كبير في احتواء الأزمة، فجائحة كورونا لن تؤثر على الخطط بعيدة المدى، وربما نمدد المساعدات المقدمة للقطاع الخاص، ونحن نتوقع الأشياء التي تحدث من حولنا ونراها، مع بعض التفاؤل في الأمور المتعلقة بالتجارة.

ونوه الجدعان بأمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بتقديم الخدمات الصحية لمواجهة كورونا لجميع المواطنين والمقيمين في المملكة بشكل مجاني ودون مقابل، حتى لمن يقيمون بصورة غير نظامية، دون أي التزامات مالية عليهم، مؤكدا أن مع بدء الجائحة كان هدف حكومة المملكة محددا يتمثل في المحافظة على صحة الإنسان الذي يعد أمرا في غاية الأهمية، وذلك من خلال إعادة توجيه الموارد اللازمة لمنظومة الرعاية الصحية.

وأشار إلى أن المملكة تمثل أكبر اقتصاد في المنطقة، «ولدينا استثمارات مهمة جدا، ورفعنا سقف الائتمان من 30% إلى 50%، والأسواق المحلية ساعدتنا على رفع أسقف المديونية فيها، ويتم التركيز على إيجاد أنواع أخرى من الإيرادات الحكومية، وبدأنا وضع خطط واضحة لتنويع الاقتصاد وتجنب التقلبات، ورأينا فوائد الاستثمار في التقنية خلال هذا العام، ومستمرون في الاستثمار بالبنية التحتية منذ بداية هذا العام، كما أن جميع القطاعات الاقتصادية تلقت الدعم الكافي من الحكومة».

وفي ما يتعلق بالاستثمار المحلي قال الجدعان: «رأينا استثمارات مهمة جدا في هذا الصدد، وخلال الجائحة كانت هناك مشاريع صناعية كبرى، وبدأنا العمل فيها، واستغللنا الجائحة لإعادة النظر في سلاسل الإمداد، إذ أوجدنا سلاسل إمداد فعالة خاصة بنا بدلا من استيرادها من الخارج، فالوتيرة إيجابية جدا، ومع أننا لم نخرج من مأزق الجائحة بالكامل لكننا نعمل بجد واجتهاد للتأكد من أننا نوظف مواردنا بالصورة الصحيحة وأننا نقوم بالإصلاحات اللازمة».

وأشار إلى تقديم الدعم اللازم للأعمال التجارية المحلية من خلال تقديم سيولة بشكل مباشر من خلال برامج محددة، وتقديم رؤوس أموال تشغيلية للأعمال التجارية الصغيرة، وفيما يتعلق بالضرائب والأمور المالية المترتبة فقد تم إعفاء بعض منها، وإضافة إلى ذلك تم دفع نسبة كبيرة من رواتب العاملين في القطاع الخاص لحماية وظائفهم.

وشدد على أهمية الإنفاق الرأسمالي للنمو، مضيفا: «لا نستثمر في كل المشاريع، ولكننا انتقائيون جدا في هذا الصدد، وننظر في الاستثمارات بالبنية التحتية، كما أننا نمتلك أدوات أخرى، إذ إن رؤية 2030 متعلقة بتنويع اقتصادياتنا ومصادر الموارد المتعلقة بالاقتصاد، والخصخصة مثال على ذلك، وهناك أكثر من 40 مليار ريال مدرجة ضمن الإنفاق الرأسمالي، والإيرادات قد تحولت بشكل كبير عندما غيرنا خططنا وقمنا بتعديلها، كما أننا نتأكد من أن الصناديق الاستثمارية بشكل عام يتم ضخ الأموال الكافية فيها لتحقيق هذه المشاريع لتحسين البنية التحتية، كما أن لدينا صناديق استثمارية أخرى تمكننا من الاستثمار في الاقتصاد المحلي، والاستفادة من الاستثمارات في القطاع الخاص وإعادة ضخها في المجتمع».

وأفاد بأن هناك طلبا قويا جدا من قبل المستثمرين العالميين، «وتلقينا العديد من طلبات الاستثمار الأجنبية في المملكة، وأكثر من 50 دولة ترغب بالدخول في السوق السعودية والاستثمار فيها».

وكشف أن المملكة تمتلك جدول أعمال قوياً جداً لرئاسة مجموعة العشرين، «ونتطلع إلى العمل مع شركائنا في مجموعة العشرين لدعم النمو وقمنا بوضع خطة عمل، إذ إن المنظمات الدولية وخلال السنوات الـ10 الماضية كانت تحتاج إلى تمويل كبير جدا، فالعالم لم يكن مترقبا لأمر كهذه الجائحة، فعملنا سويا مع شركائنا ومنظمات دولية أخرى بطريقة بناءة وفعالة لمحاولة سد ثغرة التمويل لهذه المنظمات، ووفرنا نحو 21 مليار دولار لبعض المنظمات العالمية، كما وضعنا خطة سريعة جدا، ودعمنا شركاؤنا فيها لإيقاف الديون المترتبة عن بعض الدول الفقيرة، فكانت هذه مبادرة منا نحن رؤساء مجموعة العشرين، وتم تبنيها وضخ مليارات الدولارات للمساعدة في سداد مديونيات تلك الدول».

وشدد الجدعان خلال مشاركته، على أن رؤية 2030 ليست مجرد كلام على ورق، بل هي خارطة طريق، ساعدت الشعب السعودي الحريص على تفهم الرؤية، والحكومة ستعمل وفق هذه الرؤية، ونقوم بجمع الموارد اللازمة ونكرس جهودنا ومواردنا للمضي قدما لتحقيق هذه الرؤية، ونحاول التعديل والتنسيق، فالرحلة طويلة جدا حتى نحققها، فنحن نقوم بالتعديلات اللازمة أثناء هذه الرحلة، وسنكمل أعمالنا وجهودنا في هذا الصدد، وسنقوم بالاستثمارات اللازمة، وهناك أدوات ستمكننا من القيام بأعمالنا على الوجه المطلوب.

وأكد أن المملكة العربية السعودية ستستمر في جهودها، والشعب السعودي متفهم ومتعاون، ودائما يلتزم بما تقرره الجهات الحكومية وتحديدا وزارة الصحة وإجراءاتها الوقائية، فعلى مستوى الاقتصاد المحلي لم تتعطل أي من خدماتنا الحكومية أو الصحية في جميع القطاعات، وأعتقد أن هذا يرفع مستوى الأمل بأننا سنتخطى هذه الأزمة، والمملكة شعبا وحكومة يعملون بجد واجتهاد دائما لتأكيد تمكننا من التعافي من هذه الجائحة، وأن نرأس مجموعة العشرين ونحن سعداء جدا بما نقوم به في المملكة.