وليد عرب يطرح رؤاه وخبراته الاقتصادية عبر بودكاست ( من..إلى).
وليد عرب يطرح رؤاه وخبراته الاقتصادية عبر بودكاست ( من..إلى).
وليد عرب هاشم متحدثاً للزميل عبدالله عبيان في بودكاست ( من..إلى).
وليد عرب هاشم متحدثاً للزميل عبدالله عبيان في بودكاست ( من..إلى).
-A +A
«عكاظ» (جدة) okaz_online@
حل الخبير الاقتصادي الدكتور وليد عرب هاشم ضيفاً على بودكاست (من.. إلى) الذي يقدمه ويعده الزميل عبدالله عبيان ويبث عبر منصات صحيفة «عكاظ»، وتركز الحوار حول كتاب «طريق للثراء»، الذي يشتمل على جانب مهم من تجربة ورؤى وخبرات وليد عرب هاشم. وقال مؤلف الكتاب في بودكاست (من.. إلى) إن هناك عوامل عدة تساعد على الثراء، ومنها الصلات العائلية أو الاجتماعية أو الوظائف أو النفوذ أو الحظ أو غيرها، ولكن هذه العوامل جميعها - وهناك كثير غيرها - لا تضمن الثراء، فالثراء يمكن أن يتحقق بها أو دونها، كما أن أيّاً منها ليس شرطاً كافياً للحفاظ على الثراء، فالفقر يمكن أن يصيب المرء الذي يمتلك هذه العوامل أو غيرها. والذي يعتمد على أي من هذه العوامل المساعدة والمساندة - كالحظ على سبيل المثال - ويؤمن بالمثل القائل: (قيراط حظ ولا قنطار شطارة)، للأسف يتجه لضياع الثروة آجلاً أم عاجلاً، فالحظ (فعلاً إن كان له وجود) يعطينا انطباعاً خاطئاً بالأمان ونطمئن إليه، وهنا يكمن الخطر واحتمال ضياع الثروة؛ لأنه لا يستمر ولا يمكن الاعتماد عليه، فلا الحظ ولا أي عامل من العوامل المساندة للنجاح يضمن لنا الثراء.

واستطرد الدكتور وليد قائلاً: الثراء أسلوب للحياة، وهو سلوك للنجاح وليس ضربة من الحظ أو نصيباً من الإرث أو أي صدفة أخرى قد تكرمنا بالمال، بالعكس فإن الغالبية العظمى ممن يحصلون على الثراء السريع بسبب هذه العوامل من إرث أو حظ أو غيرها، يضيعون المال ويعودون كما كانوا أو أسوأ مما كانوا عليه، وتقريباً بالسرعة نفسها التي حصلوا فيها على الثراء.


وأشار الدكتور وليد عرب إلى أن مدارسنا ومؤسساتنا التعليمية عموماً لا توفر المهارات المطلوبة لتكوين الثروة والحفاظ عليها، وهذا قصور عام، فالتعليم يركز على أساسيات الكتابة والقراءة والحساب وعلوم أخرى وقد يكون بعضها مهم وأساسي للحياة، ولا بد من اكتسابه، ولكن الحياة تتطلب أيضاً القدرة على النجاح في تكوين الثروة وتجنب الفقر.

وعندما يكتسب المرء المهارات التي تؤهله للنجاح في تحصيل المال وتحقيق الثراء، فإن هذا ينقله من شخص قد يحتاج أن نعوله إلى شخص لديه فائض ويمكن أن يساهم في نماء المجتمع، والذي ينطبق على الفرد ينطبق على المجتمع ككل، فمساعدة الأفراد على تحسين أوضاعهم المالية وتحقيق الثراء يساعد المجتمع ككل على الانتقال من مجتمع أفراده فقراء إلى مجتمع أفراده أغنياء، أو يساعد المجتمع ككل على الانتقال من الحاجة إلى الوفرة، بالتالي فإن المهارات المطلوبة لتكوين الثروة هي مهارات مهمة - إن لم تكن أساسية - لنمو الاقتصاد و المجتمع، ونأمل أن يأتي اليوم الذي نجدها فيه جزءاً من المقررات الدراسية مثلها مثل الحساب والقراءة والكتابة.

كما أن من المؤسف أن نجد أجيالاً متعاقبة من المواطنين - وبالذات من المتقاعدين - ليس لديهم أي ادخار يذكر، ناهيك أن يكون لديهم سكن يأوون إليه ويغنيهم عن السؤال، وهذه للأسف ظاهرة تنتشر حول العالم، ولكننا نركز الآن على دولنا العربية والإسلامية، التي هي عموماً من أغنى دول العالم بمواردها الطبيعية، ولكن للأسف نجد كثيراً من المواطنين يعانون من الناحية المادية، وأخص بالذكر المرأة التي هي في كثير من الأحيان في وضع أقل من المتوسط، وأقل من قدراتها وما يمكن أن تصل إليه، فالمرأة لا ينقصها عقل أو قدرة ولكن تم تحجيمها -وإلى حد كبير بطوع إرادتها- بينما بإمكانها تحقيق الكثير، وتحقيق الثراء -بإذن الله- كما يحققه الرجل.

وأكد وليد عرب أن المال يلعب دوراً أساسياً في استقرار الأسرة، وأن هناك حالات انفصال كثيرة حدثت بسبب الأزمات المالية التي تتعرض لها الأسر في كل دول العالم، وهناك من نشأ في أسرة تكره الأثرياء بسبب أن أسرته تكرر على مسامعه -سواء والديه أو إخوته أو أصدقائه أو مدرسته أو في الإعلام - أن الأثرياء عموماً أشخاص متكبرون أو راشون أو مرتشون أو أنهم لا يهتمون إلا بالمال، وأنهم مستعدون للقيام بأي عمل أخلاقي أو غير أخلاقي في سبيل تحقيق الثراء، وبالتالي فهو ينظر إلى الأثرياء على أنهم مجموعة من المتغطرسين الأنانيين المتكبرين، وهو ما يجعله يتضايق عندما يرى أي شخص تظهر عليه ملامح الثراء.

وعندما تجتمع هذه المشاعر والاعتقادات وتترسخ في العقل الباطن فإنها تمنع الشخص من تحقيق الثراء، ولفت الدكتور وليد عرب إلى أن البعض يرى أن للمنصب دوراً في الثراء، إلا أن الإحصاءات لا تدعم هذا الاعتقاد ولعل هذا الاعتقاد الخاطئ يدفع الشخص إلى التوقف عن العمل بدعوى أنه ليس لديه حظ، وهذا العذر أيضاً ليس له سند علمي؛ لأن الأصل في الثراء هو العمل، كما أن احتمالات النجاح تتزايد كلما زاد العمل والاستعداد له، ويكفي أن تعرف أن المخترع أديسون مخترع لمبة الكهرباء لم يقتنع بدور الحظ بعد أن فشل مئات المرات في تجربته قبل أن ينجح في اختراعه، حتى أن البعض ينسب له مقولة «لا أعلم ما هو الحظ ولكني أعلم أنه كلما عملت أو استعددت أكثر كلما كنت أكثر حظاً»، بل إن الأخطر من ذلك هو أن اعتماد البعض على الحظ يجعله يتقاعس عن العمل.

ويرى البعض أن الرواتب الكبيرة تكفي لتحقيق الثراء، وكثيراً ما نسمع كلمة «ومن أين لنا هذا» أو «دخلنا على قده»، فيعتمد عليه الفرد للتقاعس عن العمل والاجتهاد، لكن يكفي معرفة أن معظم أصحاب الدخول الكبيرة تكفيهم دخولهم بالكاد لسداد متطلباتهم، بل إن بعضهم لجأ للدين لسداد باقي احتياجاته، في المقابل فقد يحقق أصحاب الدخول المتواضعة الثراء، ويكون عامل ضعف الراتب دافعاً لتحقيق حلم الثراء.

وقال إن هناك عاملين مهمين يلعبان دوراً مهماً في العمل وتحقيق الثراء؛ أولهما إيمان الفرد بأن للقسمة والنصيب دوراً مهماً في العمل وتحقيق الثراء، وهو ليس عذراً لعدم العمل والاجتهاد، وثانيهما هو التعليم، فالعلم لا يعني الشهادات، ولا يعني التعلم في المدارس، فالحياة هي أفضل مدرسة، لذلك فإنه لا يجب استخدام التعليم وعدم الحصول على الشهادة عذراً لعدم السعي وتحقيق الثراء، ويكفي أن نعرف أن البرت اينشتاين، وأكبر ثري في العالم وهو بيل جيتس لم يحصلا على شهادة جامعية.

ونوه وليد عرب هاشم عبر بودكاست «من.. إلى» بمدى تأثير الأشخاص المحيطين بالفرد في قدرته على تحقيق الثراء، فهناك أشخاص قابلون للتغيير وسلوكياتهم قابلة لتحقيق الثراء، وهناك أفراد أبعد ما يكونون عن تحقيق الثراء بسبب أصحابهم وأقربائهم المحيطين بهم، إذ إن لدى البعض منهم سلوكيات تعوق تحقيق الثراء، وهو ما يتطلب سرعة قيام الفرد بإجراء التغيير الكلي، شريطة أن يكون هذا التغيير تدريجياً لضمان نجاحه، خصوصاً أن الإنسان لديه قدرة معينة سواء عقلية أو ذهنية أو جسدية أو نفسية، وعندما يضع لنفسه هدفاً صعباً لتغيير كل سلوكياته فإنه سيفشل وسيعود كما كان عليه دون أن يستطيع تغيير شيء.

وأشار الكاتب إلى أن هناك مجموعة من العقبات التي تواجه العمل، وهو ما يحتاج لسلسلة من الإجراءات الواجب اتباعها لمواجهة هذه العقبات؛ منها تحديد الهدف مع ترتيب الأعمال والأولويات مع ضرورة الإقدام علاوة على الخبرة التي يجب أن يتمتع بها الفرد المقبل على العمل، إضافة إلى الإتقان والمثابرة مع اتخاذ الخطوات الصغيرة لأنها تساعد على منح فرصة للتدريب والتجربة.

ويجب على الفرد ألا يتحمل ما لا يطيق من أعمال؛ لأنه سيأتي بنتائج عكسية، علاوة على ضرورة الحرص من المجاملات الزائدة، لأنه من الصعب أن يسعي الشخص لإرضاء الغير عن طريق تكليف نفسه بأعمال شاقة، مع ضرورة الإيمان بأن نتائج الأعمال في يد الله وحده.

وشدد ضيف بودكاست «من.. إلى» على التدبير والادخار لجمع الثروة، مبيناً أن التدبير والادخار هما أساس الثروة، فالتدبير يصب في الادخار والادخار ينتج من التدبير، خصوصاً أن هناك خلطاً شديداً بينه وبين البخل، إلا أن هذا التشابه هو تشابه صوري، فالإنسان عليه القيام بالإنفاق ولكن في حدود المعقول دون تبذير.

أما عن الادخار، فقد قسمه وليد عرب هاشم إلى طريقتين للادخار؛ تكمن الأولى، التي تبدو أكثر انتشاراً، في النظرة للادخار على أنه ما تبقى من مال بعد خصم المصروفات من الإيرادات، بمعنى أن الادخار هو النتيجة النهائية أو الحصيلة المتبقية من الدخل أو الراتب أو الإيرادات بعدما يتم صرف متطلبات الشهر، هذا إن تبقى شيء يذكر، لذلك فإن هذه الطريقة للادخار تعتمد على ضبط النفس والتقيد عند الصرف وعمل ميزانية من أول الشهر وتقسيم الراتب أو الدخل، كما أن هناك أسلوباً آخر يلجأ إليه موظفو الدولة بالذات وهو «الجمعيات» إذ يتم استقطاع جزء من المال والاشتراك مع مجموعة من الزملاء ليأخذ كل واحد دوره في الحصول على المبلغ المجمع، وهو ما يعني أن تغييراً تم على الادخار بحيث يصبح في الجزء الأول من معادلة الإنفاق، بمعنى أن يدخر الفرد المبلغ أولاً ثم يقوم بصرف المتبقي من المال. وأشار وليد عرب إلى أن توفير 10 ريالات يومياً واستثمارها بمعدل عائد ١٠% سنوياً يمكن أن يعطي الفرد مليوني ريال خلال 40 عاماً.

وانتقل الدكتور وليد عرب إلى «الاستثمار»، وأكد بأنه إذا كان التدبير هو أساس الثروة التي نزرعها، فإن الاستثمار هو بمثابة الأرض والماء والشمس والهواء الذي يسمح لهذه البذرة أن تنمو لشجرة ضخمة، فالشخص الذي لا يستطيع الاستثمار لا يستطيع تحقيق الثراء.

وحذر وليد عرب من الأرباح السريعة، لأن هناك فارقاً كبيراً بين المستثمر والمقامر، فعمليات المضاربة والسعي وراء الربح لها نتائج واضحة، هي إما الخسارة من الأول، أو الخسارة من المؤجلة، وهي نتيجة حتمية لأي عمليات تشبه القمار.

وتحدث الضيف عن عدم البيع أو الشراء، وهو ما يسمى بغريزة الاحتفاظ بالشيء الذي تم شراؤه، وهو من الأشياء التي تعرقل الاستثمار، وهو ما يعني ضرورة التخلص من أية مشاعر في الاستثمار، سواء في عمليات البيع أو الشراء، وتنضم صفتا الجزع والجشع لهذه المحاذير في عمليات البيع والشراء، لأنهما يدفعان المستثمر للشراء في الوقت الخطأ، ومن الممكن أن يدفعه الخوف أو الجزع عند انخفاض قيمة الاستثمار إلى البيع رغم انخفاض الأسعار، كما يدفعه الجشع إلى شراء الأسهم لمواكبة موجة الارتفاعات رغم أن الارتفاع قد يكون بسبب شائعة، لكن جشعه دفعه إلى الشراء بأسعار كبيرة، في حين دفعه الخوف إلى البيع بأسعار منخفضة، وفي كل الأحوال ينبغي على الفرد تقبل فكرة الخسارة، خصوصاً أن إخفاء الأخطاء لن يؤدي إلى زوالها، وهنا تبرز فكرة ضرورة المشورة، لأنه «ما خاب من استشار»، لذلك من الضروري اللجوء لأهل الخبرة في الاستثمار، وعلى الفرد ألا يكتفي باستشارة واحدة، بل عليه اللجوء لاستشارات متعددة.

وتناول الكتاب فكرة المخاطرة والعائد، فهناك قبول عام بأن المخاطرة لأي استثمار تزيد من العائد المتوقع منه، بمعنى أن هناك علاقة طردية بين المخاطرة والعائد، فالاستثمار ذو العائد الأقل يتوقع أن يكون أكثر مخاطرة، والاستثمار ذو العائد الأقل يتوقع أن يكون أقل مخاطرة، ووجه الكاتب نصيحة للمقبلين على الاستثمار بضرورة أن يستثمر الفرد في نفسه أولاً.

أما الخطوة الثامنة التي يراها الكاتب مهمة في رحلة البحث عن الثراء هي مجالات الاستثمار، وتتمثل هذه الخطوة في اختيار الاستثمار المناسب، ولكل خيار مدرسته، ومجالاته التي تبدأ عندنا بالاحتفاظ بالمدخرات في شكل سائل كنقود في الخزانة أو في المنزل أو في حسابات جارية، ثم يأتي بعدها الاستثمار في أدوات الدين، ثم الاستثمار في الأسهم والعقارات والأعمال الخاصة كالمشاريع، إذ يمكن حصر مجالات الاستثمار في النقود والمعادن الثمينة وأدوات الدين والأسهم والعقار ثم الأعمال الخاصة كالمشاريع أو التجارة. وخلص الدكتور وليد عرب إلى التأكيد على أنه ليس بالإمكان حصر جميع مجالات الاستثمار فهي متعددة ومختلقة باختلاف أهواء البشر، مشيراً إلى أن مجالات الاستثمار التي تتمتع بشعبية انحصرت في أدوات الدين والأسهم والعقارات والمشاريع الخاصة أو التجارة، وهي مجالات مغرية وذات جدوى، شريطة أن يختار الفرد ما يتناسب مع مهاراته وميوله.