حسن آل عقيل
حسن آل عقيل




غلاف الرواية
غلاف الرواية
-A +A
علي فايع (أبها) alma3e@
بمقولة شمس التبريزي: «السجن ليس سياجاً وأسواراً، فقد يكون لحظة زمنية وقد يكون شخصاً» يفتتح حسن آل عقيل روايته الأولى «يوسف بلا أسباط» الصادرة في طبعتها الأولى عن دار الكتاب العربي في: 2020 والمهداة إلى صديقه الذي استمع إلى تفاصيل الحكاية بانسجام كما يقول، لكنّ القدر لم يمهله ليقرأ أحداثها!

يستعيد آل عقيل أحداث هذا العمل الروائي في مكتبة أو مسجد، داخل مبنى قديم، ومكان موحش وكئيب، في أقصى المدينة، تلتف حول جهاته الأربع أسلاك حديدية شائكة، وتتعلق بأطرافه أكياس ورقية، وأقمشة قديمة، وشجيرات خضراء، ويابسة منسية من الناس والزمان، يُعْرَف بـ «السجن» لكنها في الواقع حكايات حدثت لأبطال هذا العمل، وهم الشيخ يوسف وزوجته الثانية ياسمين، وابنه إبراهيم الذي ذهب إلى السجن وحكم عليه بالإعدام في قضية قتل، وأخته فاطمة التي ماتت كمداً، وصديق إبراهيم في المدرسة طارق الذي حكم عليه بالسجن (15) عاماً ظلماً وبهتاناً، وأتباع الشيخ يوسف، فالح وجابر والعمّ حسين مؤذن المسجد، إضافة إلى شخصيات أخرى تظهر وتغيب في هذا العمل المشوّق الذي أداره الكاتب باقتدار، وصنع له أيامه الخاصّة التي بدأ العمل بها وانتهى إليها.


الأحداث تدور وسط مجتمع أسلم عقله في زمنٍ ما لسلطة الشيخ المتدين في شكله الظاهري والمنفلت في واقعه وأعماله، وفي ضوء هذا الانغلاق تدور الأحداث في الحياة بما فيها من ظلم للمرأة، وجور على الإنسان المخالف، وسلطة مطلقة في المجتمع لفئة تستخدم الدين سلاحاً في يدها تكبر المشكلات وتتشعب القضايا.

بطل هذا العمل الروائي لم يكن الشيخ يوسف الذي حملت الرواية اسمه، بل بطله الحقيقي هو إبراهيم الابن الذي تماهى مع سلطة المجتمع، لكنه ثار عليها بعد زمن؛ لأنها اختلفت عليه نتيجةً لما وقع له من أحداث، وقصص، هزت ثقته في هذا المجتمع، فكانت نهايته في السجن محكوماً عليه بالإعدام، لكنه قبل أن يغادر الحياة أراد أن يتطهر من سلطته السابقة، وخطاياه، فكشف لصديق مدرسته وطفولته «طارق» الأحداث التي ذهب ضحيتها طارق أيضاً بسجنه (15) عاماً دون ذنب سوى أنه كان ابن عائلة فقيرة ومحبوباً في مجتمع لا يرى أنّ هناك من يستحق هذا الحبّ سوى المتدينين فقط!

يدير«الراوي العليم» هذه الأحداث باقتدار وتشويق كبيرين، يبتدئها بيوم الجمعة، وينهيها بيوم الأربعاء من الأسبوع الثاني، مستنداً على إضاءات لكلّ مدخل لأدباء وفلاسفة ومتصوّفة وساسة ومفكرين، في توظيف كان خادماً لهذا العمل ومكملاً له.

ومع كلّ هذا الجمال في هذا العمل الروائي الأول لمؤلفه حسن آل عقيل إلاّ أنّ هناك ملاحظتين من وجهة نظري كقارئ: الأولى أنّ النهاية كانت مقنعة لو توقفت عند اللحظات التي أخرج فيها السيّاف سيفه من غمده ليضرب به عنق إبراهيم، ولم يعتسف الكاتب نهاية هذا العمل الجميل والمشوّق ليحوله إلى مجرد حلم، وفي تفسيري أنّ الكاتب لجأ لهذه النهاية خوفاً من سلطة المجتمع التي يمكنها تفسير الأحداث وتأويلها وفق سياقات الأحداث والأشخاص، وليس وفق الواقع والممكن.

أما الأخرى، فيمكن الإشارة إليها من خلال وجود أخطاء في الطباعة، وهذا وارد في كثير من الأعمال الأدبية المنشورة مهما بلغت شهرة كاتبها وحرصه، إلاّ أنّ هناك كلمات وظّفت في غير موضعها، وكان على الكاتب أن يتأملها قبل النشر، كما ورد في كلمة «خروقات»، وكلمة «يمغط»، على سبيل الاستشهاد لا الحصر، وفي توظيف كلمات غير دالة لحدث دال، إلاّ أنّ هذه الأخطاء التي وردت في التجربة الكتابية الأولى لحسن آل عقيل وهذه الملحوظات لا تعيب هذا العمل الذي أرجو أن يُقْرأ بشكل جيد، وأن يُخْدم بالقراءات النقدية؛ لأنه عمل أدبي سعودي يستحق أن يلتفت إليه.