-A +A
عبدالله بيلا
وحيداً مضيتُ

ولكنني لستُ وحدي.


معي الذكرياتُ التي رافقتني

معي اللحظاتُ التي صادقتني

معي كل من لم يكونوا معي

حينما نهَشَتْ وحدتي أضلعي

فانتهزتُ الرحيلا.

إلى أينَ.. من أينَ؟

لم أكترث أبداً

بالفخاخ التي نبتت فجأةً في خياليْ

أراوغها مثل ذئبٍ عجوزٍ

يضيّع حكمته كلما ختلته الطريدةُ

يرفع للوهم قامته ثم يعوي

ويفتِلُ خيطَ انتصاراته ويؤوب إليها وحيداً.

وها أنذا

أستحيل يداً لا تُلِّوحُ

إلّا إذا هصَرَتها يدُ الريحِ..

أغنيةً ليس يلمحها وهي تغرق في الدمع من أحدٍ

غيرُ قلبي

أناديه يا قلبُ..

حانوتيَ الفارغ المطمئنُ

رسول الأسى

يا ملاكَ الجراحاتِ

هذي يدي تعصر الآن وردتك القانية

لم تغير خطايَ كما كنت تعرفها أيها القلبُ عاداتها

غير أنّ روائحَ منسيةً داهمتني

وهزت مهاد التذكر

حتى اشتعلتُ حنينا إليها

أنيناً عليها

وخفّفتُ وطءَ الغيابِ البعيدِ

على الذكرياتِ القديمةِ في الروحِ

نائمةً ما تزالُ الجروحُ

وعاماً فعاماً

أفتشّ قلبي المثقَّب بالطلقاتِ

أقبلها خيبةً.. خيبةً

وأقول لقلبي: احتملْ

ربما أخطأ الهدفَ الأصدقاءُ

وأخطأتَ

حين استحلت هنا كالدريئة ما بيننا

فاحتمل هذه الطلقاتِ الحبيبةَ يا قلبُ

ها هم يسيلونَ من كل نزفٍ جريحٍ

وها أنت تلفظهم واحداً واحدا

ثم تغلق هذي الثقوبَ القديمةَ

تنسى الذي كانَ

أو أتناسى وإياكَ خيباتنا.

ثمّ دربٌ طويلٌ يحرض خطويْ

يقولُ: احتفل بالرحيلِ

اقتبس من خيالات أمسكَ

ما سوف يكفي لتغرق في نشوةِ الذكرياتِ الحميمةِ

وانسَ الرسائلَ

والورقَ الأبيضَ المطمئنَ بكفيكَ

رائحةَ العطرِ والحبرِ.

هذا المدى سيضيقُ

يضيقُ بغيركَ

فاخلع سواكْ.

لستُ أحملُ غيري معي

غربتي عزفت نايها في المدى

فاستحال الصدى وطناً آفلاً في ضمير الحياةِ

سراباً بعيداً بلا أملٍ

ما يزال يلوّح لي وأنا لا أراه.

والمسافة تطوي الزمانَ المؤجلَّ في الروحِ

تنخلُ هذا الرمادَ الذي يتساقط مني

أمرّ هناك أخفَّ

أشفَّ من الحزنِ في قلبِ أنثى

وأخلعُ في آخِر الحُلمِ وهمي القديمَ وأعرى

كما تتعرى شجيرةُ عمري من الأصدقاء

وحيداً سأقطع هذي الحياةَ المجازَ

إلى حيث شاءت لي الوحدةُ الصادقة

وعلى الأصدقاءِ السلام.