فهد الحارثي
فهد الحارثي




الملك سلمان بن عبدالعزيز والأمير خالد الفيصل في إحدى المناسبات ويبدو فهد الحارثي.
الملك سلمان بن عبدالعزيز والأمير خالد الفيصل في إحدى المناسبات ويبدو فهد الحارثي.




.. مع الراحل محمد عبده يماني.
.. مع الراحل محمد عبده يماني.




الحارثي مع رئيس وزراء فرنسا السابق ريمون بار.
الحارثي مع رئيس وزراء فرنسا السابق ريمون بار.
-A +A
حاوره: علي مكي ali_makki2@
من هواجس الصحافة التي كان صانعاً ماهراً فيها، خاصة وأنه كرّس هويته فيها موشومة بثقافة سربونية عميقة وحضور فكري مميز، مما جعل تجربة اليمامة في عهده محطة مهمة في تاريخ الصحافة السعودية، ولكن لم يتوقف عند هذه المحطة بل أكمل المشوار عبر الوطن، ثم تجلى متفرداً في تجربة «أسبار» البحثية، هنا نستعيد مع الدكتور فهد العرابي الحارثي أهم المحطات ونقف على اللحظات الفاصلة، ومثلما نستعيد الماضي القريب نستشرف الآتي الأبهى.

فإلى نص الحوار:


• ما الذي تبقى من ملامح الطفولة في ذاكرتك؟

•• بقي من الطفولة صوت «الكنانية» أمي التي ما زلت عندما أجد نفسي وحيداً أقول لها سامحيني يا أمي، فقد كنتِ السبب في تدليعي، وليس لي ذنب في أكون ابنك الوحيد الذي «أفسدتيه بحبك وتدليلك».

كانت رحمها الله تجتهد في أن تحشد حولها الكثير من المشاعر الحميمة، وشملت هذه المشاعر القريبين والبعيدين.. فقد كان بيتنا في الطائف يحتشد بأناس يجيئون إلى المدينة من «ديرتنا» للتطبيب والعلاج، أو حتى للدراسة وإكمال تعليمهم في المدارس الثانوية، (لم يكن في المريفق مدارس ثانوية) حتى بالنسبة إلى من كان يفد إلى الطائف لمجرد التسوق كان ملجأوه بيتنا، وكان على الوالدة أن تطبخ وتكنس وتغسل وتكوي لكل من في البيت (لم نكن نعرف عصر الخادمات) وهي كانت تفعل كل ذلك، دون تأفف أو تأوه أو تضجر، بل بغبطة وسعادة.

لقد عشت طفولتي في الطائف، وكل أعمامي وأولادهم كانوا يعيشون بعيداً عنا، في المريفق، ويومها كان المريفق بالفعل بعيداً جداً، سيارة واحدة أو سيارتان تقطعان الفيافي والأودية والجبال، عبر طرق ترابية مكتظة بالحفر والحجارة والمفاجآت، لتصل فقط إلى قرية «الصور» أو «السور»، ويتحقق هذا الإنجاز بعد حوالى خمس ساعات على الأقل من السفر المضني، أما باقي المسافة إلى المريفق، وهي حوالى 30 كيلو متراً فيقطعها المسافرون على الأقدام. لم يكن بالإمكان أن أخوض غمار هذه التجربة إلا بعد أن كبرت، وبعد أن أنجز الشيخ علي بن سراج شيخ القبيلة -يرحمه الله- طريقاً ترابية إلى المريفق. وهذه الطريق التعيسة معرضة لمداهمة السيول والصخور، من فوق ومن تحت، ومن كل الجوانب. كان تدشين تلك الطريق، هو في الوقت ذاته تدشين علاقتي البكر بأعمامي وبأبناء عمومتي، وفي مقدمتهم بطبيعة الحال ثابت بن سلطان (ابن عمي)، الذي أحسست من يومها أنه أخذ على عاتقه أن أكون همه الأول، إذ ‏لا ينفك ينتزع من والدي ووالدتي جزءاً كبيراً ومهماً من مسؤولية تربيتي، فهو يدربني ‏على الجلوس في مجالس الرجال، ويعلمني السلام والكلام، والقعود والقيام، ويذكرني بـ«المواجيب» التي للقبيلة، ولأبناء العمومة الأقربين، وهذه قصة أخرى فحواها أنني لم ‏أكن أفهم الشيء الكثير في «سلوم» العرب، لصغر سنّي، ولحياتي بعيداً عن مرابط خيولهم.

• هل كانت البيئة محفزة على التعليم.. ومن كان المعلم الأول لك؟

•• لم تكن محفزة بما يكفي فكثيراً ما كان موضوع التعليم نقطة خلاف بين الأم وولدها من جهة، والأب من الجهة الأخرى، فهي كانت حريصة على تعليمي، أما والدي فكان حماسته أكثر لأن أنصرف في وقت لاحق إلى العمل وكسب الرزق ولكن الوالدة انتصرت، لقد كان جيل والدي رحمه الله لا يعطون قيمة كبيرة للتعليم، ولاسيما إذا لم يترجم إلى منجزات ومكاسب حسية ومنها المال. بل إنهم، في درجة أدنى، كانوا يعتبرون المتعلمين «دراويش»، أو أقرب إلى الدراويش، والولد المثالي في مقاييسهم هو الولد «اللهلوب» السنافي البواردي «إللي يلقط اللقمة من فم الذئب».

• متى بدأت مشوار الشغف القرائي؟

•• عندما تذكر القراءة يقترن اسمها بابن عمي ثابت بن سلطان الذي استدرجني ليزجني بكل ما أوتي من حب وحماس في فضاءات القراءة وهو يكبرني سناً وأحسبه التزم أمام نفسه بأن يعزز فيّ الشغف بالقراءة فقد كنا نذهب لقهوة «المفتي» في شهار بالطائف وماذا في الطائف يومها سوى الإبداع والفن، والمطر، ونوارس الشعر، والشوارد من طرائد الكلام؟! فقد أغراني ثابت بميخائيل نعيمة، وجبران خليل جبران، والمنفلوطي في نظراته وعبراته، وطه حسين في «الأيام»، وفي أحاديث «الأربعاء» أغراني أيضاً بسواهم من المبدعين، وفوق «مركاز» قصي في قهوة المفتي، وقبل أن يشرع الأصيل في نسج خيوطه الذهبية، يكون قد اكتمل الجمع: ثابت وأنا وميخائيل نعيمة، أو ربما جبران.

• هل كانت دراستك في جامعة أم القرى مؤثرة في تكوينك؟

•• انعكست نتائج سيرتي التعليمية في دار التوحيد ثم كلية الشريعة، على مسيرتي العلمية التالية وعلى بعض إنتاجي الثقافي والفكري. الذي غذته بالإضافة إلى ما سبق إقامتي في مكة المكرمة في خضم أحداث وتطورات سياسية وفكرية كثيرة. فأحسب أن طبيعة تعليمي الجامعي، وطبيعة نشاطي خارج الجامعة، كانت في مقدمة المؤثرات التي انعكست على اهتماماتي العلمية، وعملت يومها محرر محليات في صحيفة الندوة، وشهدت مكة المكرمة ميلاد تجربة «التضامن الإسلامي» التي تبناها الملك فيصل، ثم شهدت ميلاد رابطة العالم الإسلامي ما يعني توافد العلماء والمفكرين إلى مكة من مختلف أنحاء العالم العربي والإسلامي وبصفة منتظمة، ومن ملامح التأثير أن رسالتي للدكتوراه، فيما بعد، كانت حول فرص التحدي الذي أوجدها النص القرآني، عند نزوله، في مواجهة النص البشري الأساس الذي كان متسيداً في ثقافة العرب وهو الشعر.

• من أبرز رفاق الرحلة الأولى في الحياة؟

•• بالطبع ثابت بن سلطان (ابن عمي) كما ورد ذكره سابقاً، فهو يكبرني سناً والفضل يعود له في دفعي وتشجيعي وتعليمي أشياء كثيرة في الحياة، كما تحضرني بقوة ذكرياتي مع المرحوم الدكتور فهد بن جابر الحارثي رجل التعليم المعروف، الذي ربطتني به ‏علاقة حميمية، فريدة، فقد أسعدني الحظ بأن أكون من أقرب أصدقائه إليه، فكنا نكاد لا نفترق أبداً وكنت أراه، وآنس به، وأقضي الوقت الطويل معه، أكثر مما أقضيه مع أهلي، أو مع أعز أصدقائي. كل أقراننا يعرفون ذلك، فقد وجد فهد بن جابر ضالته في شخصي، وأنا وجدت فيه ضالتي.

ولا أنسى الزميل الأستاذ سليمان الزائدي الذي أصبح مديراً عاماً للتعليم في مكة المكرمة ثم عضواً بمجلس الشورى، فقد ترافقنا طويلاً، وأتذكر أنه كان يمد صحيفة الندوة بأخبار مدارس الطائف، وكنت أزودها أنا بأخبار دار التوحيد. فقد تلقيت جرثومة الصحافة مبكراً وكنت في المرحلة المتوسطة يومها.

• من أم القرى إلى السوربون رحلة شاهقة وطويلة، ماذا تبقى منها؟

•• دار التوحيد هي التي أسهمت في البنية الأساسية في وعيِي ووجداني، وهي وضعت اللبنات الأولى في نوعية علاقتي بالكون والحياة والأشياء. أما السوربون فقد جاءت في مرحلة تالية، هي مرحلة النضج واكتمال البنية، فاهتمت بتهذيب المنهج، وتنظيم الفكر، وصقل مهارات البحث والتحليل. وهي منحتني تصوراً معيناً لمواجهة تحديات الإنسان، في هذا العصر المزدحم بالتناقضات، التي نحن بحاجة إلى الوقوف عندها طويلاً، لنتخذ منها الموقف المناسب.

• باريس لم تكن محطة دراسية بل كانت تجربة فكرية.. ما هي أهم الرؤى التي استخلصتها منها؟

•• بدأت رحلتي للعاصمة الرياض بعد تخرجي في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، حيث تم الإعلان عن وظيفة «معيد» واحدة بجامعة الملك سعود، وللعلم هذه الوظيفة هي التمهيد للسفر لبعثة دراسية في الخارج، فتقدمت، مع مجموعة من المتسابقين، من ضمنهم خريجو جامعة الملك سعود نفسها، ومن فضل الله وتوفيقه فقد كانت الوظيفة من نصيبي، ربما لسجلي العلمي الجيد، فقط حصلت، بتوفيق الله، على تقدير ممتاز الأول بين زملائي في كل سنوات الدراسة الجامعية، التي ختمتها بمرتبة الشرف الأولى. وربما لما هداني الله إليه أثناء «المقابلة» الشخصية التي أجرتها معي لجنة من الجامعة. وخلال مرحلة الإعادة في كلية التربية كان الأستاذ المشرف على مسيرتي العملية هو الأستاذ الدكتور عز الدين إبراهيم وكان مدير جامعة الإمارات العربية المتحدة الأسبق، والمستشار الثقافي للشيخ زايد، وكان معاراً من الديوان الأميري في دولة الإمارات، وقتها طلبت الجامعة أن أعمل الدكتوراه في تخصص «المسرح»، وبالفعل درست المسرح لمدة سنة ونصف تقريباً، وكنت أدرَّس مجموعة من المسرحيات.

• كيف دلفت بوابة صحيفة الرياض وماذا تتذكر من هذه المحطة الحاسمة في حياتك؟

•• بالتزامن مع عملي معيداً في جامعة الملك سعود في كلية التربية عملت في صحيفة الرياض التي كانت لي جسراً إلى التعرف على كثير من الفعاليات الثقافية والإعلامية في العاصمة.

بدأت عملي في الصحيفة محرراً ثقافياً وبعد فترة قصيرة عُينت رئيساً للقسم الثقافي وأصدرنا الملحق الأدبي الأسبوعي، الذي لقي رواجاً كبيراً جداً، وانتمى إليه مجموعة من الشعراء والمتخصصين والأدباء بشكل جعله لافتاً جداً على مستوى المملكة. ثم تطور هذا الملحق ليكون في الوقت نفسه ملحقاً فنياً، وملحقاً مهتما بالمرأة.

وعلى رغم نجاح هذا الملحق الذي كان مختلفاً فقد فوجئت في ليلة من الليالي بقرار الأستاذ أحمد الهوشان رئيس التحرير بوقفه عن الصدور، ولا أعرف ما السبب إلى هذا اليوم، وقد قيل فيما قيل إن هذا المولود الصغير «سيبتلع الصحيفة الأم». ربما يكون هذا التفسير صحيحاً، وربما تكون هناك أشياء أخرى لا يعرفها سوى رؤساء التحرير!

كان من أبرز الأدباء الذين كتبوا في الملحق المذكور المرحوم الدكتور غازي القصيبي، والأستاذ عبد الله نور، وقد شهدت تلك المرحلة ظهور أسماء شابة في عالم الأدب والنقد والشعر، منهم عبدالله الماجد، ومحمد رضا نصر الله، اللذان توليا الإشراف على الملحق الأدبي بعد رحيلي إلى البعثة الدراسية. وكان من شداة الأدب في الملحق نفسه شاب نابه، يقرض الشعر، هو الزميل العزيز إدريس بن عبدالله إدريس، الذي أسعدني أن زاملني وزاملته في تجربة مجلة اليمامة وتجربة صحيفة الوطن فيما بعد، وفي الفترة نفسها استطاع الأستاذ محمد الشدي أن ينقل مجلة اليمامة من مرحلة التابلويد إلى مرحلة المجلة الأسبوعية الجامعة، وكان من أبرز كتّابها، علي العفيصان، الذي كان يخرجها ويشرف عليها فنياً، وكذلك الشاعر والناقد الفلسطيني عبدالرحيم نصار. أما نجمها الأساسي فكان الكاتب والأديب الأستاذ علوي طه الصافي. وقد أخرجت اليمامة إلى النور الكاتبة والأديبة خيرية السقاف، ثم فيما بعد الكاتبة منيرة المسعود، وغيرهما، وكان أول ملحق نسائي يصدر في السعودية محسوب لمجلة اليمامة وكان بعنوان: «هي».

• لماذا كانت باريس محطتك ووجهتك الدراسية تحديداً بدلاً من الدول الأنجلوفونية التي كانت قبلةَ المبتعثين السعوديين آنذاك؟

•• لم تكن فكرة الالتحاق بالسوربون شيئاً عفوياً، أو أنها تمت بمحض الصدفة، فعلى العكس من ذلك، فقد خططت لهذا الأمر في وقت لم يكن مناسباً تماماً، إذْ كانت بعثات جامعة الملك سعود في تلك الأيام مقتصرة على الدول الناطقة باللغة الإنجليزية فتتجه بعثتها كلها نحو أمريكا وبريطانيا، فتشاورت يومها مع الدكتور عبدالعزيز الفدا، وكان عميداً لكلية التربية قبل أن يصبح مديراً للجامعة فيما بعد، فاقترحت عليه أن أطرق أبواباً أخرى مغايرة للثقافة الإنجلوسكسونية، فنَصَحَني بأن تكون وجهتي باريس تحديداً، ولم يكن في فرنسا سوى مبتعث واحد هو المرحوم معالي الدكتور محمد الجبر الذي أصبح رئيساً لهيئة الخبراء في وقت لاحق.

وكان الدكتور الفدّا يعتبر باريس عاصمة الثقافة والأدب، إضافة إلى أنه كان يرى في شخصي محباً للأدب والنقد. ويضاف إلى ذلك كله السمعة الكبيرة لجامعة السوربون نفسها كواحدة من أكبر جامعات العالم، ولكن الأمر لم يكن بذلك القدر من السهولة فقد واجه طلبي رفضاً تاماً من جامعة الملك سعود بحجة عدم وجود مبتعثين من الجامعة إلى فرنسا، وابتعاث الدكتور الجبر كان استثناءً لأنه يريد أن يتخصص في القانون التجاري، وفرنسا لها سمعة جيدة جداً في هذا المجال. هذا بالإضافة إلى أن لائحة جامعة الملك سعود تنص على أن أي مبتعث لابد أن يجتاز اختباراً في لغة البلاد التي سيكمل دراسته بها، وهذا ما لم يتحقق لي لأننا لا نعلّم في مدارسنا اللغة الفرنسية، وبالتالي فأنا لم أكن أجيد الفرنسية، بل لا أعرف منها شيئاً البتة. وكان المرحوم معالي الدكتور عبدالعزيز الخويطر مديراً للجامعة حينها، وقد عرف بتشدده في تطبيق الأنظمة، ولا أحد عنده «فوق اللائحة»، بيد أن هذا الشرط لم يثنِني عن متابعة حلمي، والاستمرار في المحاولة.

وبمساعدة د. الفدا استطعت أن أحصل من معالي الشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ، وزير المعارف يومها والرئيس الأعلى للجامعات، على استثناء بالابتعاث إلى باريس دون شرط إجادة اللغة الفرنسية. ولم يكن أمام د. الخويطر سوى الموافقة، ولكنه قرن موافقته بأن الجامعة لن تصرف لي مكافأة البعثة إلا بعد اجتياز امتحان اللغة الفرنسية لكي ينطبق علي شرط اللائحة، فهو فهم استثناء الوزير على أنه السماح بالسفر فقط دون أي التزام من جامعة الملك سعود!

ولأنه لم يعد هناك مجال للعودة إلى معالي الرئيس الأعلى للجامعات، لذا عزمت على الرحيل دون أن يكون في ذهني سوى شيء واحد، وهو أنني سأستمر في الكتابة، والعمل للصحافة، المهنة التي أفهمها، والمكافأة التي سأحصل عليها ستسدّ الحاجة إلى أن أتم سنة اللغة ليضمني د.الخويطر إلى البعثة.

تركت الرياض في طريقي إلى حلمي الجميل «المرعب» في الوقت ذاته، وفي جدة التقيت الوجيه الأستاذ عبدالمجيد شبكشي الذي كان من أبرز جيل الصحفيين في العقدين اللذين تليا إنشاء وزارة الإعلام. وكان يومها رئيساً لتحرير جريدة البلاد، وهو كذلك إحدى الشخصيات المرموقة في جدة والحجاز. كان يتوخى فيَّ أن أكون كاتباً وأديباً، بحكم مشاركاتي المتواضعة في الصحف وفي بعض المنابر الثقافية يومها. وقد دفعه حماسه لفكرة الدراسة في السوربون إلى من أخذ بيدي في الحال، بعد أن أجرى اتصالاً تليفونياً بالسفير الفرنسي الذي كانت تربطه به علاقة، وقد استقبلنا السفير فرحاً بزيارة الشبكشي، الذي طلب منه أن يتدخل لدى الحكومة الفرنسية لإعطائي منحة دراسية لمدة سنة واحدة لدراسة اللغة الفرنسية، وبالفعل جاءتني منحة دراسية من الحكومة الفرنسية التي لم أحصل عليها من جامعتي التي دفعتني إلى الميدان عاري الظهر، فارغ البطن والأمعاء! وهناك كان الصراع مع غربتين: غربة الجغرافيا وغربة اللغة والثقافة عموماً، هذا فضلاً عن هواجيس الفشل وكوابيسه. فالفشل في إجادة اللغة يعني بالنسبة إلى المرحوم الخويطر العودة إلى أرض البلاد وإلغاء فكرة البعثة، أما النجاح الذي كان يبدو ليس سهلاً بالمرة فيعني أنني سأستجيب لشروط «اللائحة» وسأنضم إلى البعثة وسأكمل مشوار الدراسة. والخلاصة أنني نجحت! ولله الحمد، وتم ضمي إلى البعثة بعد سنة.

• ذهبت لباريس لدراسة الأدب الحديث والمسرح، لماذا غيرت وجهتك لدراسة الأدب القديم؟

•• هذا صحيح فقد كنت بالفعل أود دراسة الأدب الحديث والمسرح قبل سفري لباريس، لكن البروفيسور شارل بيللا الذي تولى مهمة الإشراف عليَّ اقترح علي دراسة الأدب القديم، وقال إن الأدب الحديث في متناولك اليومي، وتستطيع أن تقرأه وتتعلمه في أي وقت، وقال لي: الأدب القديم قاعدة أساسية لتوجهاتك الأدبية، فلا بد أن تتمكن منها، وأحسبه استند في ترجيح هذا الخيار كذلك لمعرفته بأنني متخرج في دراستي الثانوية، ثم الجامعية، من مؤسستين تعليميتين كانتا تعنيان بالتعليم الديني والتراث العربي في أصوله التقليدية (دار التوحيد وكلية الشريعة).

وما إن مضت ثلاث سنوات على التسجيل لدكتوراه التخصص، حتى رشحت لنيل شهادة دكتوراه الدولة حسب النظام الفرنسي، والفرنسيون يعتقدون أنها أعلى شهادة في العالم. وأتذكر أنني بعدما سجلت في دكتوراه التخصص، وبعد مرور ثلاث سنوات، تشاور البروفيسور شارل بيللا مع لجنة من الأساتذة حول نتائج مسيرتي العلمية، فاتفقوا على أنه من الممكن أن أترشح لدكتوراه الدولة، وهذا ما تم بالفعل. ولأن البروفيسور شارل بيللا أحيل فيما بعد للتقاعد، فقد خلفه في الإشراف عليَّ للسنتين الأخيرتين، البروفيسور محمد أركون رحمه الله، الذي كان أيضاً رئيس لجنة مناقشتي للدكتوراه «مشرف جداً»، أي: مرتبة الشرف الأولى؛ وهذا التقدير هو الأعلى في الجامعة.

• ماذا أضافت لك ممارسة العمل الصحفي في الوقت الذي كنت تتابع فيه دراستك العليا في السوربون؟

•• كما ذكرت لك سابقاً فقبل سفري لباريس قررت الاستمرار في الكتابة، والعمل للصحافة، لأسدّ الحاجة بعد أن منعت عني البعثة، وقررت أن أمضي في ذلك إلى أن أتم سنة اللغة لانضم بعدها إلى البعثة، والحقيقة أن هذه الفكرة أعجبتني فلم أتوقف عن العمل الصحفي إلى آخر يوم في مشوار دراساتي العليا، وقد كنت كاتباً أسبوعياً في مجلة اليمامة، حيث كتبت لها تحقيقات ومقالات لعدد من السنوات دون انقطاع. وبعد فترة عملت مديراً لمكتب جريدة الرياض في باريس، وهو أول مكتب تفتحه صحيفة سعودية في أوروبا.

أتاح لي عملي الإعلامي في تلك المرحلة فرصة مرافقة القيادة السعودية في زياراتها الرسمية لأوروبا وأمريكا (الملك فهد، الملك عبدالله، الأمير سلطان، الأمير نايف) رحمهم الله جميعاً، فضلاً عن الملك سلمان أمدّ الله في عمره، الذي رافقته في كثير من رحلاته خلال العالم (القاهرة، لندن، باريس، برشلونة، كندا إلخ...) وقد التقينا في هذه الرحلات والزيارات بكبار السياسيين والإداريين السعوديين: من مثل المرحوم الأمير سعود الفيصل، وأحمد زكي يماني، محمد أبا الخيل وغيرهم.

• اقترنت بمجلة اليمامة في عصر مبهج للصحافة الورقية بوجود أسماء صحفية لامعة في تلك الفترة، من رشّحك لرئاسة تحرير هذه المجلة العريقة؟

•• بعد تخرجي، وحصولي على درجة الدكتوراه، عدت إلى جامعة الملك سعود، ولم يكن في مجلة اليمامة يومها رئيس للتحرير، بل كان الزميل الأستاذ سعد الحميدين مديراً للتحرير، فتم ترشيحي لرئاسة تحرير المجلة العريقة بعد ثلاثة شهور من عودتي إلى المملكة ومن مباشرة عملي في الجامعة عضواً في هيئة التدريس، وقد ذكرت في كتابي «هؤلاء وأنا» بأن الذي رشّحني لهذه المهمة كان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله، وكان حينها أميراً للرياض، وكان في الوقت ذاته أمير الإعلام! وربما أنه كان يتابع بعض نشاطي، مثل غيري، في المجال الإعلامي، قبل البعثة وبعدها، فالجميع يعلم أنه كان شغوفاً بالإعلام، وصديقاً للإعلاميين. كان يومها المرحوم الدكتور محمد عبده يماني هو وزير الإعلام الذي التقط فكرة الترشح، وأكمل المشوار مع المقام السامي، ليوائم بين عملي رئيساً للتحرير، إلى جانب عملي عضواً في هيئة التدريس في جامعة الملك سعود.

في بداية عملي رئيساً للتحرير، كان يلتقيني الأمير سلمان، في مبنى الإمارة القديم، ويأخذني، بلطفه وعطفه، إلى المختصر في مكتبه، ثم يشرع في تصفح العدد الصادر من المجلة اليوم، أمامي؛ فيعلق، ويبدي ملاحظاته. ودون أن يقول لي ذلك صراحة، كنت أحسّه يعاملني، ويتصرف معي، ويوجهني، بصفتي كنت مبتعداً عن المجتمع السعودي، أيام البعثة الدراسية لمدة ثماني سنوات، ولعله كان يريدني أن أدرك ما طرأ، ويطرأ، على هذا المجتمع من متغيرات! ففهمت هكذا أن الهامش الذي نلقاه في اليمامة، أو أننا أخذناه، هو محاولة لفرصة تسنح لي لمزيد من الفهم. طبعاً ما لبث الأمير سلمان بعد ذلك أن تركنا لمصيرنا، ولكن الشوق كان كثيراً ما يغالبنا ويغالبه، فنعود إلى سلمان، ويعود إلينا، فظل دائماً البعيد القريب، والعكس أحياناً صحيح.

الملك سلمان من الشخصيات التي سأظل شديد الاعتزاز باهتمامها، فقد كان يحسن فيّ الظن. وأنا لست مديناً له فقط بالترشيح للمنصب الإعلامي المهم الذي قضيت فيه حوالى ثلاثة عشر عاماً، ولكني مدين له بأن علّمني، وأرشدني، وحماني من أخطائي سنوات طويلة. وأخطاء الإعلامي أو الصحفي ليست، أحياناً، من الأخطاء السهلة أو البسيطة. وهو يرتكبها من منطلق الاجتهاد، ولكن تحت وطأة غوايات المهنة، وما أكثرها، فقد يقع الصحفي في المحظور أو قد «يجيب العيد» كما نقول في عاميتنا. كان سلمان بن عبدالعزيز هنا، للملاحظة، والتقويم، والتوجيه. وأحياناً للمعاتبة، أو اللوم الشديد!

الشيخ عبدالله البليهد وكيل الإمارة، والصديق عساف أبو اثنين وحضور مدير المكتب الخاص مجلس الشورى حالياً شاهدان على ما كان يجري. فغضب الملك سلمان، وهو على حق، دفعني إلى تقديم الاستقالة غير مرة، لكن حلمه، وعطفه، وعلمه بأن ما يحدث أحياناً من أخطاء مهما كان حجمها، أو خطورتها، إنما يحدث بنية حسنة، ليس وراءها إلا المحبة للقيادة والإخلاص وللوطن. وقد استقبل أصدقاء الملك سلمان وأصدقائي، من الإعلاميين العرب، في باريس، وغير باريس، «اليمامة» الجديدة حينها بكثير من الترحيب: نبيل خوري في «المستقبل» ووليد أبو ظهر في «الوطن العربي»، ومروان حماد في «النهار العربي والدولي» وغيرهم.. كتبوا كلهم عن «النَفَسْ» الجديد التي حملته «اليمامة» إلى الصحافة السعودية والإعلام السعودي! لا بل إن ذلك النفس الجديد دفع بالمرحوم الدكتورأحمد الربعي إلى أن يبعث لليمامة بمقالة أسبوعية على الرغم من أنه يومها لم يكن على وئام مع المملكة، ومع ذلك فقد كان رحمه الله فارساً في خصوماته وكان صدر المملكة واسعاً لاحتضان الخصوم المقبلين عليها. والمرحوم أحمد الربعي ربطتني به بعد ذلك صداقة وعلاقة أشهد أنه كان من محبي المملكة ولاسيما بعد تحرير الكويت. كنت، وزملائي في اليمامة، مغتبطين بكل كلمة تشجيع نقرأها أو نسمعها في تجربتنا التي خضناها بسعادة كبيرة.

أما في اللحظات الصعبة، داخل المؤسسة نفسها، فكنت أحس أن سلمان بن عبدالعزيز هو أبونا و«معزبنا» والأقرب إلينا، فألجأ إليه، فيتدخل شخصياً، أو يكلف الشيخ عبدالله البليهد، وكيل الإمارة يومها، بتبليغ رسالته أو توجيهاته إلى إدارة المؤسسة، لينتهي كل شيء إلى خير. ومازلت أتذكر بعض لقاءات عبدالله البليهد، بتوجيه من الملك سلمان، ببعض أعضاء المؤسسة؛ لغرض إنهاء بعض مناطق الخلاف.

• مغامرة صحيفة الوطن لماذا لم ترتبط بها حتى النهاية؟ وكيف تقيم تجربتك فيها؟

•• أعتبر جريدة الوطن من التجارب المهمة جداً في حياتي، وأنا التقيتها وهي مازالت «فكرة» تبرق في خيال الأمير خالد الفيصل، ثم عايشتها، وسهرت، وتعبت، من أجلها، وهي تنمو شبراً شبراً، وحرفاً حرفاً، أمام عيوننا، إلى أن اكتملت فصارت عروساً جميلة فاتنة تسر الناظرين.

فقبل أن يقع اختيار الأمير خالد عليّ لأقود الفريق الذي سيتولى الدراسات التأسيسية للمشروع، رشحت له بعضاً من المؤسسات التي تستطيع أن تقوم بالمهمة، وقلت له: أنا لا أصلح أن أكون المنفذ لهذه الدراسات لأنني منحاز لك، بل أكون مستشارك أنت والرقيب أو المشرف على المنفذين. واقترحت بعض الأسماء. لكنه، حفظه الله، أكرمني بثقته، فأبى إلا أن أكون المنفذ، والرقيب والمشرف.

وفي خلال شهرين فقط تم توقيع عقد إجراء الدراسات التأسيسية، وقد تكفل الأمير بدفع حوالى 50% من تكاليفها.

أكد الأمير خالد على أن الفريق العلمي الذي سيتولى إنجاز الدراسات التأسيسية عليه أن يخرج بصيغة مختلفة للصحيفة الحديثة (شكلاً ومضموناً)، فالصحيفة التي انتظرناها طويلاً، لا بد أن تطمح إلى إضافة شيء مهم. وحدد سموه أن تبدأ الصحيفة بداية كبيرة وواثقة، وبزخم مؤثر، لتأخذ موقعها مبكراً بين الصحف المنافسة، وليكون حظها أوفر من القراء والانتشار.

وعلى الرغم من كل التحديات التي واجهتني أثناء التأسيس، أو بعد الصدور، إلا أن الحلم تحقق في العام 2000م، في يوم السبت 30 سبتمبر، إذْ صدرت الصحيفة التي استغرق تأسيسها حوالى العامين، ولعل مما يدعو للفخر أنه على الرغم من أن الفترة الزمنية بين صدور آخر صحيفة يومية في المملكة وصحيفة الوطن حوالى أربعين سنة، وخلال سنتين وبضعة شهور من صدورها احتلت الوطن المركز الأول أحياناً، وأحياناً المركز الثاني في المبيعات في الأسواق، مقارنة بالصحف السعودية الأخرى التي مضى على وجودها أكثر من أربعين عاماً، وهو ما تؤكده أرقام التوزيع والمبيعات، وقد نشرت الصحيفة نفسها ذلك في هيئة خطابات تلقتها من شركة التوزيع الوطنية آنذاك.

وكما أن لكل شيء بداية ونهاية، فقد شعرت في لحظة ما أنني وصلت للمحطة الأخيرة مما يمكن أن أقوله لصحيفة الوطن. فبعد نحو ستة أعوام قضيتها في «الوطن» (قبل الصدور وبعده) قرّرت الرحيل.

وكما ظل السؤال عن السبب الذي جعلني أترك مؤسسة اليمامة يطاردني لسنين طويلة، كذلك كان الأمر مع تركي لصحيفة الوطن، فالناس لم يعتادوا على أن هناك من يمكن أن يستقيل بإرادته من مناصب كبيرة كمنصب «رئيس تحرير» وهم يحسون أن هناك أسراراً وراء الاستقالة. استقلت من اليمامة بإرادتي ولم يكن هناك من يدفعني لها، بل تأخر قبول استقالتي من اليمامة حوالى ثلاثة أشهر. أحسست لفترة معينة أنني قدمت كل ما أستطيعه، الأمر نفسه حدث بالنسبة للوطن. وقد استقلت منها مرتين، وأذكر أنني في إحداها قمت بتوديع مجلس الإدارة في أبها، في إحدى جلساته، على اعتبار أن الجمعية العمومية سوف تقام خلال أقل من شهر وسيكون هناك مجلس إدارة جديد ولا أريد أن أكون من ضمن المجلس الجديد فقدمت استقالتي للأمير خالد الفيصل وقبلها. ولكن تشاء الأقدار ان أضطر في نفس الأسبوع للتراجع عن الاستقالة وأن أعود للوطن من جديد وتوليت رئاسة تحريرها إلى جانب عملي كرئيس لمجلس الإدارة. السبب في رجوعي عن الاستقالة هو أن رئيس التحرير الذي كان موجوداً ترك المنصب. وقد طُلِبَ مني بناءً عليه الرجوع وأن أتولى رئاسة التحرير أيضاً إلى جانب رئاسة مجلس الإدارة، ولأن اتفاقي مع الأمير خالد الفيصل والأمير سلطان بن عبدالعزيز (وهذا أقوله للمرة الأولى) كان خلف قرار رجوعي وتسلمي لمجلس الإدارة، ورئاسة التحرير كان لمدة عام فقط يتم فيه البحث عن رئيس تحرير ومن ثم أرحل، وذكرت لهم أنني لن أضع اسمي في الصحيفة كرئيس تحرير بل كمشرف على التحرير لأني عندما أغادر لن يصدق الناس بأن رئيس التحرير قد استقال، لكن من الممكن «أن يغادر» المشرف على التحرير، فمعلوم أنه مؤقت. في نفس الوقت لا أريد أن أضع في تاريخي بأنني «طردت» كرئيس تحرير. ثم عملت على هذا الأساس لمدة (11) شهراً وخلفني في منصب رئيس التحرير جمال خاشقجي وأنا الذي رشحته للأمير خالد الفيصل عندما كنا في اجتماعات مؤسسة الفكر العربي بالقاهرة. كنت عضواً في اللجنة الاستشارية للمؤسسة.

• كيف ترى المشهد الثقافي والفكري والاجتماعي في المملكة الآن قياساً بالسابق، وهل انعكس على حياة المواطن؟

•• شهدت المملكة خلال السنوات الماضية ولا تزال إصلاحات غير مسبوقة، وتطورات ملفتة، وقفزات حداثية في شتى المجالات؛ تماشياً مع رؤية المملكة 2030، ولعل المتابع للشأن السعودي يلاحظ ما حققته المملكة اليوم بتوجيهات القيادة الرشيدة من أشواط كبيرة متجاوزة مصاعب جمة، لاسيما في التنمية وتمكين المرأة ومنحها مساحتها الكافية والكفيلة بتحقيق شراكتها بموجب المواطنة وتعزيز تفاعلها مع محيطها.

ولا شك أن السعودية اليوم تنظر إلى الثقافة في مفهومها العام، بوصفها أحد أبرز الأسس التي تدعم التوجهات للتطوير البشري، ومد جسور التفاهم بين المجتمعات من أجل النهوض بعالم أقوى.

ولقد استمعنا وقرأنا مؤخراً لسمو ولي العهد الرؤية الثقافية والفكرية الجديدة للمملكة: فالمملكة منفتحة على العالم وتحترم جميع الثقافات، والمملكة ترمي إلى ترسيخ الإسلام المعتدل الصحيح في المجتمع، والمملكة لا تقر ولا تؤيد الانحيازات المذهبية، وهي تعارض أن يحتكر مذهب واحد «الحقيقة» فكل أصحاب المذهب لهم حقوقهم المتساوية، ما يرفع كثيراً من مقياس المواطنة الحقيقية، هذه تطورات كبيرة مر بها المشهد الفكري الاجتماعي خلال السنوات الخمس الأخيرة. ولاشك أن هذه الأمور جميعاً تهيئ لميلاد مجتمع يستطيع بهذه الرؤية من التوازن أن يعبر إلى مستويات متقدمة من الاستقرار والاستدامة.

ومن جهة أخرى فقد أرست رؤية 2030 انطلاقة جديدة للثقافة السعودية باعتبارها أحد أهم محركات التحول الوطني نحو التنمية البشرية.

• ما هي مشاريعك الكتابية القادمة؟ وهل تفكر في كتابة سيرتك؟

•• أعكف حالياً على كتابة المسودة الأولى ‏لسيرتي الذاتية، وبإذن الله سترى النور قريباً، وهي محاولة لرصد «تجربة مجتمع» لأنها ذات علاقة بالشأن العام والحراك ‏الثقافي في البلاد سواء في عالم الصحافة والإعلام أو التدريس أو تطوير المشاركة السياسية؛ وهي جميعها في حياة مجتمعنا‏.