-A +A
طاهر رياض
البيوتُ، إذن، حجرٌ لابسٌ حجراً

يستريح عليه حجرْ


البيوتُ فضاءٌ كتيمٌ،

تجول الستائر مسدلةً فيه،

تعرق فيه الأسرّة،

فيما الملاءاتُ ناشفةٌ

وتَكِنُّ الوسائد منفوشةً فوق أرائكها، والكراسي، قريباً من الطاولات، بعيداً عن الطاولات، تشد فراغاً لآخر، تنفض عن وجه هذا وذاك

الذي دثرته الحكايات

.... حتى اندثرْ

البيوت خزائن كاسيةٌ

بملابس عاريةٍ،

ومشاجبُ مثقلةٌ بدخان الشوارع والأمسيات،

دروجٌ تنام بها آنياتٌ وأوعيةٌ

وسكاكين لامعةٌ وملاعق مختارةٌ، أرففٌ تتراصف فيها التوابل والبُنّ والشاي

والزعتر البلدي وزيتٌ وخلٌ وحلوٌ ومرْ

البيوتُ إذن حاوياتٌ

لما سوف نأكله.. ثم يأكلنا،

ولأشياء نلبسها.. ثم تخلعنا،

لتفاصيل نجمعها قطعةً قطعةً

لتفرقنا قطعةً قطعةً؛

لحوائط يفزعنا ما تفكّر فينا

ونخشى تهدّمها فوقنا

فنسندها بالرقى ..

وببعض الصورْ

هكذا هي كل البيوت،

كهوفٌ نوافذها لا تكفّ عن الدوران،

وأبوابها تتلفت بين الدخول وبين الخروج،

ويقطنها بشرٌ خائفون

يزورهمُ خائفون بشرْ...

البيوت إذن حفرٌ

... وأنا كنتُ أحسب أن البيوت شجرْ!