
أكد الباحث والمؤرخ الدكتور فائز البدراني، الحاصل على جائزة أمين مدني في تاريخ الجزيرة العربية، الذي لديه مؤلفات تصل إلى 70 كتابا، أن الملك المؤسس عبدالعزيز يمثل أفضل شخصية في القرن الـ20 الميلادي، وأن الإنجاز الذي حققه الملك المؤسس في استعادة ملك آبائه وأجداده، يدل على أننا أمام شخصية غير عادية جعلته يُعد من رموز التاريخ الحديث، مشيراً إلى عدم صحة دعوى انتساب القبائل المعاصرة للأنصار، وأنها لا تقوم على أساس علمي.. وإلى تفاصيل الحوار:
استيعاب للدروس وتخطيط استراتيجي
• أنت اشتهرت بالعناية بالتاريخ السعودي، خصوصا تاريخ المؤسس، فما أهم السمات التي تميزت بها الشخصية القيادية للملك عبدالعزيز؟
•• لا شك أن الإنجاز الذي حققه الملك عبدالعزيز في استعادة ملك آبائه وأجداده، وبناء دولة بحجم السعودية يدل على اننا أمام شخصية غير عادية جعلته يُعد من رموز التاريخ الحديث، ولا غَرْوَ أن عدَّهُ المنصفون أشهر شخصيات القرن الـ20 الميلادي.
وتميز بسمات قيادية قَلَّ أن تجتمع في شخصية واحدة، فقد تميز بالقدرة على استقراء التاريخ بذكاء واستيعاب للدروس التاريخية.
ولا شك ان الملك عبدالعزيز كان شجاعاً، لكن الشجاعة وحدها لا تكفي في ظروف كالتي نجح فيها الملك عبدالعزيز، الذي كان في أقلية من رجاله، يصارع دولاً وقبائل قوية، لولا أنه كان يمتلك مزايا القائد المحنك، ولديه قدرة عجيبة على التخطيط الاستراتيجي، من حيث الإعداد للمواجهات إعداداً متكاملاً، من حيث جمع المعلومات، وإتقان الحفاظ على سرية التحركات، والتمويه على العدو، وتقدير قوة الخصم، والقدرة على المناورة، وفوق ذلك سلامة المقاصد والغايات.
قطع «الإخوان»
ومواجهة المنشقين• تناولت في أحد مؤلفاتك الأخيرة مسألة تاريخية حساسة، وهي مسألة ظهور الإخوان في نجد، ثم انشقاق بعض قياداتهم، فما أهم المسائل التي تطرقت إليها؟ وكيف تعامل المؤسس مع تلك المشكلة؟
•• الهدف من الكتاب هو تناول هذه القضية التاريخية بشيء من التوثيق والشمولية، وإيضاح بعض الجوانب التي لم تنل حقها من الاستقصاء في الدراسات السابقة، رغم أهمية ذلك الحدث الذي أصبح جزءاً من تاريخنا.
لهذا؛ اجتهدت في تناول الحدث بشيء من التفصيل لتغطية أكبر قدر من الجوانب، وبيان الأطراف المشاركة فيه من الحاضرة والبادية من الجانبين.
ويعطي الكتاب خلفية تاريخية للموضوع ابتداءً من نهوض الملك عبدالعزيز لتوحيد البلاد عام 1319هـ (1902) حتى ظهور الإخوان بعد عام 1333هـ (1915)، أي بعد ما يقارب 15 عاماً من استرداد الرياض، حيث كافح المؤسس واجتهد في بناء الدولة، وقطع الدور الرهيب قبل أن يظهر الإخوان على الساحة، فكانت أهم مشاركاتهم بعد ذلك التاريخ، وكانت أولى مشاركاتهم المشهورة في معركة تربة سنة 1337هـ (1919)، ثم في حوادث ضم حائل عام 1344هـ (1925)، وما تلا ذلك من حوادث. ثم حدث التشدد الديني، ثم الانشقاق الذي حاول المؤسس إنهاءه سلمياً؛ حقناً للدماء، لكن محاولاته في إعادة المنشقين إلى الطاعة لم تنجح بسبب رفضهم، وبعد أن استنفد كل الوسائل السلمية كان لا بد من المواجهة العسكرية الحاسمة في معركة السبلة عام 1347هـ، وما تلاها من حوادث سنة 1348هـ.
وعندما انهزم المنشقون، تعامل معهم تعامل القائد الكريم، فأمر بالكف عن قتال أتباع المنشقين، وتعامل مع قادة الانشقاق بالحزم دون البطش وليس بالانتقام.
تشابه الأسماء والديار ليس حجة
• ما رأيك في ما يروّج له البعض حاليا من دعوى انتساب معظم بطون القبائل المعاصرة حول المدينة للأوس والخزرج (الأنصار)، بحجة تشابه الأسماء والمواقع؟
•• بالطبع أجزم أن هذا الادعاء لا يقوم على أساس علمي، والباطل ينكشف سريعاً، وستنقشع هذه الغمة؛ لأن تشابه الأسماء والديار ليست حجة عند علماء النسب، ويكفي لبطلان هذا القول إنه لم يسبق أن قال به أحد من علماء الأمة المتقدمين والمتأخرين. ويكفي أيضاً ما أكده المصطفى عليه الصلاة والسلام بقوله في الحديث الصحيح: «يكثر الناس، ويقل الأنصار، حتى يكونوا كالملح في الطعام».
وقد ناقش علماء الحديث هذا الأثر، وعدوه من معجزاته صلى الله عليه وسلم، ولاحظ المؤرخون قلة الأنصار على مر العصور؛ بل قال بعضهم: «إذا ادَّعَت قبيلة ذات عدد وشوكة أنها من الأنصار فدعواها باطلة، باطلة، باطلة».
«الهمداني» عالم جليل معروف فضله
• كيف ترد على الذين يطعنون في لسان اليمن الحسن بن أحمد الهَمْداني؟
•• الهَمْداني عالم جليل، عرف فضله متقدمو العلماء، كما يقول علامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر، ومن ذلك على سبيل المثال:
قال عنه صاعد الأندلسي (ت: 462هـ) في كتابه (طبقات الأمم)، وهو يتكلم عن العرب وعلم الفلسفة: «ولا أعلم أحداً من صميم العرب شهر به إلا أبا يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي، وأبا محمد الحسن بن أحمد الهَمْداني».
ووصفه نشوان الحميري (ت: أول القرن السابع الهجري)، ووالده نشوان بن سعيد (ت: 573هـ) بأنه: «شديد الورع والفضل المشهور، لا يتمارى أحد في أمره».
ولم يطعن فيه إلا أحد متعصبي الزيدية، وهو: شرف الدين الزيدي (من أهل القرن العاشر الهجري)، وبينه وبين الهَمْداني خمسة قرون، ولم ينقل عن معاصر له، وقد ردَّ عليه علماء أجلاء مثل قول الشيخ مقبل الوادعي، وغيره.
استيعاب للدروس وتخطيط استراتيجي
• أنت اشتهرت بالعناية بالتاريخ السعودي، خصوصا تاريخ المؤسس، فما أهم السمات التي تميزت بها الشخصية القيادية للملك عبدالعزيز؟
•• لا شك أن الإنجاز الذي حققه الملك عبدالعزيز في استعادة ملك آبائه وأجداده، وبناء دولة بحجم السعودية يدل على اننا أمام شخصية غير عادية جعلته يُعد من رموز التاريخ الحديث، ولا غَرْوَ أن عدَّهُ المنصفون أشهر شخصيات القرن الـ20 الميلادي.
وتميز بسمات قيادية قَلَّ أن تجتمع في شخصية واحدة، فقد تميز بالقدرة على استقراء التاريخ بذكاء واستيعاب للدروس التاريخية.
ولا شك ان الملك عبدالعزيز كان شجاعاً، لكن الشجاعة وحدها لا تكفي في ظروف كالتي نجح فيها الملك عبدالعزيز، الذي كان في أقلية من رجاله، يصارع دولاً وقبائل قوية، لولا أنه كان يمتلك مزايا القائد المحنك، ولديه قدرة عجيبة على التخطيط الاستراتيجي، من حيث الإعداد للمواجهات إعداداً متكاملاً، من حيث جمع المعلومات، وإتقان الحفاظ على سرية التحركات، والتمويه على العدو، وتقدير قوة الخصم، والقدرة على المناورة، وفوق ذلك سلامة المقاصد والغايات.
قطع «الإخوان»
ومواجهة المنشقين• تناولت في أحد مؤلفاتك الأخيرة مسألة تاريخية حساسة، وهي مسألة ظهور الإخوان في نجد، ثم انشقاق بعض قياداتهم، فما أهم المسائل التي تطرقت إليها؟ وكيف تعامل المؤسس مع تلك المشكلة؟
•• الهدف من الكتاب هو تناول هذه القضية التاريخية بشيء من التوثيق والشمولية، وإيضاح بعض الجوانب التي لم تنل حقها من الاستقصاء في الدراسات السابقة، رغم أهمية ذلك الحدث الذي أصبح جزءاً من تاريخنا.
لهذا؛ اجتهدت في تناول الحدث بشيء من التفصيل لتغطية أكبر قدر من الجوانب، وبيان الأطراف المشاركة فيه من الحاضرة والبادية من الجانبين.
ويعطي الكتاب خلفية تاريخية للموضوع ابتداءً من نهوض الملك عبدالعزيز لتوحيد البلاد عام 1319هـ (1902) حتى ظهور الإخوان بعد عام 1333هـ (1915)، أي بعد ما يقارب 15 عاماً من استرداد الرياض، حيث كافح المؤسس واجتهد في بناء الدولة، وقطع الدور الرهيب قبل أن يظهر الإخوان على الساحة، فكانت أهم مشاركاتهم بعد ذلك التاريخ، وكانت أولى مشاركاتهم المشهورة في معركة تربة سنة 1337هـ (1919)، ثم في حوادث ضم حائل عام 1344هـ (1925)، وما تلا ذلك من حوادث. ثم حدث التشدد الديني، ثم الانشقاق الذي حاول المؤسس إنهاءه سلمياً؛ حقناً للدماء، لكن محاولاته في إعادة المنشقين إلى الطاعة لم تنجح بسبب رفضهم، وبعد أن استنفد كل الوسائل السلمية كان لا بد من المواجهة العسكرية الحاسمة في معركة السبلة عام 1347هـ، وما تلاها من حوادث سنة 1348هـ.
وعندما انهزم المنشقون، تعامل معهم تعامل القائد الكريم، فأمر بالكف عن قتال أتباع المنشقين، وتعامل مع قادة الانشقاق بالحزم دون البطش وليس بالانتقام.
تشابه الأسماء والديار ليس حجة
• ما رأيك في ما يروّج له البعض حاليا من دعوى انتساب معظم بطون القبائل المعاصرة حول المدينة للأوس والخزرج (الأنصار)، بحجة تشابه الأسماء والمواقع؟
•• بالطبع أجزم أن هذا الادعاء لا يقوم على أساس علمي، والباطل ينكشف سريعاً، وستنقشع هذه الغمة؛ لأن تشابه الأسماء والديار ليست حجة عند علماء النسب، ويكفي لبطلان هذا القول إنه لم يسبق أن قال به أحد من علماء الأمة المتقدمين والمتأخرين. ويكفي أيضاً ما أكده المصطفى عليه الصلاة والسلام بقوله في الحديث الصحيح: «يكثر الناس، ويقل الأنصار، حتى يكونوا كالملح في الطعام».
وقد ناقش علماء الحديث هذا الأثر، وعدوه من معجزاته صلى الله عليه وسلم، ولاحظ المؤرخون قلة الأنصار على مر العصور؛ بل قال بعضهم: «إذا ادَّعَت قبيلة ذات عدد وشوكة أنها من الأنصار فدعواها باطلة، باطلة، باطلة».
«الهمداني» عالم جليل معروف فضله
• كيف ترد على الذين يطعنون في لسان اليمن الحسن بن أحمد الهَمْداني؟
•• الهَمْداني عالم جليل، عرف فضله متقدمو العلماء، كما يقول علامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر، ومن ذلك على سبيل المثال:
قال عنه صاعد الأندلسي (ت: 462هـ) في كتابه (طبقات الأمم)، وهو يتكلم عن العرب وعلم الفلسفة: «ولا أعلم أحداً من صميم العرب شهر به إلا أبا يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي، وأبا محمد الحسن بن أحمد الهَمْداني».
ووصفه نشوان الحميري (ت: أول القرن السابع الهجري)، ووالده نشوان بن سعيد (ت: 573هـ) بأنه: «شديد الورع والفضل المشهور، لا يتمارى أحد في أمره».
ولم يطعن فيه إلا أحد متعصبي الزيدية، وهو: شرف الدين الزيدي (من أهل القرن العاشر الهجري)، وبينه وبين الهَمْداني خمسة قرون، ولم ينقل عن معاصر له، وقد ردَّ عليه علماء أجلاء مثل قول الشيخ مقبل الوادعي، وغيره.