-A +A
د. عبير شرارة
في اليومِ الرّماديّ الذي يقيمُ على قارعةِ العمر

المسكونِ بفراغٍ خادع


بسحرٍ باردٍ عارٍ

ارتديتُ مِعطفي

انتعلتُ حذاءَ الطريق

حملتُ معي حقيبةَ أشيائي الكثيرة

مشيتُ حدودَ الشوارعِ

على سكّينِ خطِّ تَماسِّها مع التراب

لم أكنْ أبحثُ عن شيءٍ أضعتُه في غفلةٍ منّي

لأعثرَ عليه

كنتُ أُقدِّم رِجْلاً

وأؤخرُ أخرى

يصفعُني هواءٌ قارسٌ على أُمِّ وجهي

فأختبئُ في معطفي

هنا، في هذه المدينةِ المعتّقة

المطرُ الناعمُ يختبئُ

في شقوقِ الأرصفة

وتصعدُ الأشجارُ كأضلُعٍ فَزِعَة

الضبابُ يغطّي جسدَ المدينة

يغطّيها بزُرقةٍ

لا تُشبه زُرقةَ الأعين

هنا يُمْكِنُ لي أنْ ألاحِظَ

سوءَ تفاهمٍ بلا نهايةٍ

بين الشتاءِ والربيع

وضَجَراً يشبهُ الخريف

يُطلُّ بعينيهِ من نافذةِ الأسئلةِ المعلَّقة

كغيومٍ كثيرةٍ فوقَ رأسي

تحملُ.. لا تحمل

الأرصفةُ ممتلئةٌ بالأشجارِ العارية

تحملُ.. لا تحمل

أسئلةً عاريةٌ وباردةٌ وعلى جسر لندن

وإليوت يضعُ «الأرض اليباب» بينَ يدَيْ عزرا باوند

في البعيدِ ينبحُ الذي لا يُسمّى

يكسرُ جدارَ الصمتِ الكثير

أقفُ مكاني.. أتلفّتُ حولي

لا أحدَ يمرُّ هذه الساعةَ

أتذكّرُ «الرجال الجُوف»

أسرقُ نفسي وأعودُ إلى المنزل!!