عبدالله عبيد
عبدالله عبيد
4438184E-1EDE-48A4-ACB7-5242AAF4B3EC
4438184E-1EDE-48A4-ACB7-5242AAF4B3EC
-A +A
عبدالله عبيد
في الشارع يمشي رجل لا يشبه إلا نفسهْ

رجل معتد بالوحدة


إن ناداه المارَّةُ يتحسس رأسهْ

يجلس في المقهى

ويشير إلى النادل:

«من فضلك كأسينْ»

الأول يشربه حتما

والثاني ليكذب وحدته

ويقول لشبحٍ يتبعه منذ

ولادته: «ها قد صرنا اثنينْ»

يرجع للمنزلْ

رجل معتدٌّ بالوحدة

لا يستخدم درجا

كي يرقى شقته

لا يصعدُ أو ينزلْ

يتلمس أشياء البيت كأعمى،

ويقوم بإغلاق الأبواب المفتوحةْ

يفتح نافذة في الروح ويغلقها،

يهرش ذاكرة مجروحةْ

يستلقي في «الصالة»

ويحدق في السقف الأبيضْ

شيء ما يومض في داخله،

يفتح عينيه ويغمضْ

رجل معتدٌّ بالوحدة

يجلس قِبلَ التلفازْ

يتابع «أفلاما»

ألعاباً للفرق الوطنية

لا يعرف من خسر

ولا يعرف من فازْ

في نشرات الأخبار الملأى

بالأنباء العاجلة يُفتِّشُ عن خبر عاجلْ

لا يأبه بعداد المقتولين ويأبه بالقاتلْ

في مكتبه يحصي

الأيام الهاربة من التقويمْ

يتأمل أرففه ويقلب صفحات

الكتب المنسية، أوراق العمر، الإهداءات،

ومن غافل هذي الدنيا، من غادرها،

من ما عاد يقيمْ

رجل يضحك يبكي يضحك يبكي لا فرقْ

رجل غيمته احترقت حتى جففها الحرقْ

يقف أمام المرآة كشبه

لا يعرف من أين أتى

وإلى أين تسير النار بهِ

رجل متقد وجليدْ

يرفع أصبعه في وجه العالم

يمشي نحو وسادته

يحضن عزلته بيقين تام

رجل مخمور ووحيدْ