سعيد السريحي
سعيد السريحي




رانيا العرضاوي
رانيا العرضاوي




الدعوة الخاصة بملتقى الأدباء.
الدعوة الخاصة بملتقى الأدباء.
-A +A
علي الرباعي (الباحة) Al_ARobai@
انتهى ملتقى الأدباء المنعقد في أبها مطلع الأسبوع، ولم ترشح عنه أي توصيات مُعلنة، وإن لم يخلُ الملتقى من تمرير سياسات وتوجهات بين السطور، ويغلب على ظني أنه مقصود، لتنقدح في الذهن تصورات واستنتاجات، ناشئة عن متابعتي للتغطية للملتقى والمنشورة على اليوتيوب.

من خلال متابعة التغطية المصوّرة، آثر المتحدثون عن هيئة الأدب، مصطلح (أديب، أدباء) على مصطلح (مثقف) إمعاناً في ترسيخ التخصصية، فالملتقى ملتقى أدباء، والهيئة هيئة الأدب، وإطلاق (جمعية الأدب المهنية) يُوشك أن يُعلن وتعمم الفروع في مختلف المناطق.


لم يقحم القيّمون على الملتقى مصير الأندية الأدبية، وجمعيات الثقافة والفنون في طرحهم، وكأنما هناك محاولات تفادٍ لفتح الموضوع، كون التوجه المعلن للهيئة اعتماد المأسسة عبر جمعيات متخصصة، مخوّلة بالعمل الإبداعي بتصريح من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، بحكم الشراكة بينها وبين وزارة الثقافة، لتعزيز العمل النقابي وتحميل الأدباء مسؤولية إبداعهم من الألف إلى الياء.

يرى البعض أن طرح الهيئة منطقي، بحكم التحول الوطني نحو اقتصاديات المعرفة والثقافة، فلم يعد في الإستراتيجية الثقافية بند للتمويل المالي للمؤسسات الأدبية، بقدر ما تفرض المرحلة، عقد شراكات، فاعلة، بين المؤسسات والقطاع الخاص، وتعزيز مفهوم التمويل الذاتي لتقديم أدب ريعي، والاستغناء عن مظلة الرعاية والميزانيات الحكومية، وربما استثقل المخضرمون الفكرة إلا أنها تروق كثيراً لجيل مختلف في آليات تفكيره وطريقة تسويقه للإبداع المتكامل صوتاً وصورةً وموسيقى وبلغات العالم الحيّة ما يغري المتلقي بالحضور والمنافسة على التذاكر شأن حفلات الموسيقى ومباريات كرة القدم وعروض السيرك والمسرح العالمي.

تحفظ السريحي والتحفظ المضاد

في ظل انزعاج الناقد الدكتور سعيد السريحي، من بعض المنتسبين للأدب، وتحفظه على دعوة، من يكتب الشعر على نهج نشيد: «الولد النظيف منظره ظريف» ممن يظن نفسه شاعراً، ومن يكتب الرواية كما يكتب طلاب المدارس في مادة التعبير: «كيف قضيت إجازة الصيف» ثم يحسب نفسه روائياً، وعدّ الأخطر من ذلك أن يتصدر هؤلاء للحديث في الملتقيات، إلا أن هناك من دعا لإتاحة الفرص للجميع، وتوجيه الأقلام الواعدة للقراءة، وعقد ورش عمل لتدريبهم على الكتابة، كونهم نتاج المرحلة الاستهلاكية.

العرضاوي تبرر النقد وتهجو «الميوعة» النقدية

تساءلت الناقدة الأكاديمية رانيا العرضاوي في ورقة قدمتها في ملتقى الأدباء عن دور الناقد وعلاقته بالأديب، وقالت: لا أدري لماذا يمكن أن يخاف المبدع من الناقد أو يقلق منه؟

وتجيب: الناقد مبدع كذلك، يعطي للنص الإبداعي رؤى ما بعد ثلاثية الأبعاد، بحكم أنه الناظر المتأمل القادر على كشف الجمالية الكامنة في النص، هو في رأيي ركن في اكتمال العملية الإبداعية، ولذلك كان هنالك نقد النقد.

وتناولت دور وسائل التواصل الاجتماعي في الحراك النقدي، مشيرةً إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي تلعبُ دوراً إيجابياً في توطيد العلاقة المباشرة بين المتلقي والناقد من جهة وبين المتلقي والمبدع من جهة أخرى، ما يتيح فضاءً للتواصل المعرفي العميق والسمو بمستوى القارئ، وعدّت من فوضى الوسائل تسببها في حالة الميوعة النقدية، التي أظهرت أقلاماً لا تجيد النقد بقدر ما تجيد فقط الحضور والرغبة في الظهور ولو على حساب الجودة. ما أحدث مواجهة لنقد بعيد عن الأكاديمية والمنهجية التي تبرز الأدب الجيد وتعطيه مكانته المستحقّة، وأبرزت أدباً مهترئاً أو ضعيفاً يواكب موجة طارئة ورفعت منه وأنتجت مبدعاً وهمياً كما قالت.

ودعت لإعلاء شأن النقد الأدبي الرصين باعتباره ضرورة ملحة وليس ترفاً ممارساً للتباهي. وأجابت عن سؤال عن النص الأدبي والسلطة للمبدع أم المؤلف أم الناقد على هذا النص؟ بقولها: النص الأدبي حُر من كل السلطات، وتراه الكائن اللغوي الذي لا يخضع لأحد بمن فيهم كاتبه بمجرد انفصاله عنه بالنشر، وتحفظت على توهم القارئ لأول وهلة بأنه تمكّن من إدراك معناه، وسبر كنهه، ليتفاجأ لاحقاً بمتوالية غير محدودة من المعاني المنتجة عبر المناهج والأدوات المختلفة.

وذهبت إلى أن نصوصاً فاقت في وجودها اللحظة التاريخية وارتبطت بالديمومة ما كتب لها الخلود والحيوات المتعددة، منها المعلقات وبعض الروايات الخالدة، لتتجاوز الزمن واللحظة والظرف الآني وتغدو عابرة لدوائر الزمن قاطعة لحدود المكان؛ لأنها نطقت بلسان الإنسان والمعرفة فقط.