كمال العيادي
كمال العيادي
-A +A
كمال العيادي الكينغ
مدخل؛ حتّى المصباحي والرّياحي وبنت الفازع نالوها...!

يبدو أنّ هناك سوء فهم مربكا في ما يتعلّق بالجوائز العربيّة، فانحرفت أهدافها وتداخلت كما هو الحال في أغلب الأحوال، كلّما تعلّق الأمر بهذه الأمّة الحائرة في واقعها الجائر.. فالمفروض أنّ الجوائز الإبداعيّة، تخدم الاإبداع وتساهم في تطوّره عبر الحثّ على المنافسة الشريفة النزيهة والتقييم الموضوعي المحايد ومن ثمّ لفت الانتباه إليه وإشهاره والمساعدة في انتشاره وازدهاره، ولكن الحقيقة، أننّا نفاجأ مرّة بعد مرّة، حتّى عادت المفاجأة هي أننّا نُفاجأ أصلا، بأنّ الجوائز أصبح كلّ همّها أن تخدم الجائزة وليس العمل الإبداعي، فهي تجاهد وتناضل وتستميت في إشهار نفسها والجهات التي تقف وراءها، وأصبحت المنافسة بين الجوائز في ما بينها دون اعتبار أيّ أهميّة للمبدع وللعمل الإبداعي، فهذه الجائزة النابتة حديثا من العدم تزيد من قيمتها الماديّة وترفع مكافآتها السخيّة، لكي تغطّي وتتفوقّ في حصّتها الإعلامية والإشهاريّة على جائزة أخرى أقدم وأكثر عراقة.. وزاد الطيّن بلّة أنّ هيئات التنظيم للجوائز الابداعية العربيّة، أصبحت لا تعوّل ولا تنادي إلا فريقا لا يتغيّر من أعضاء جوقة المحكمين، وكلّهم تقريبا لهم نفس الملامح والسحنة ويتأبطون نفس المساطر والمكاييل والكرّاسات المدرسية التي ورثوها عن أساتذتهم.. وهم نفس الأساتذة تقريبا، ممّا جعل علامة الاستفهام تكبر وتكبر مع كلّ إعلان عن قائمة أسماء الفائزين، التي لم تعد تفاجئ أحدا بصراحة، فهذا الممنوح صوت رفيقه اليوم هو المانح صوته لرفيقه في جائزة أخرى غدا أو في نفس الجائزة بعد دورة أو دورتين.. وضاع الخيط واختلط الحابل بالنابل، ولم تعد لأيّ جائزة مصداقية حقيقيّة يعوّل عليها.. هذا رأي أغلبية المبدعين الجادين حول الجوائز الإبداعية العربيّة، وهي تعبّر عن يأس وقنوط، ربّما لا يخلو من مبالغة.. ولكن، هل يمكن فعلا أن تكون الجوائز العربيّة للإبداع، مقياسا لنبض الحركة الإبداعية العربية؟ وهل يمكن أن تكون فعلا مرآة لما يمور في الساحة ويسلط الضوء بصدق ونزاهة وجديّة على ما تفرزه من تشكّلات وتراكمات؟ من يقيّم من؟ وفي ضوء أيّ مقاييس؟ ونحن نرى أنّ أغلب محكمي جائزة الرواية لا علاقة لهم اطلاقا بالإبداع ولا بالرّواية!


بصراحة: أنا لا أثق على الإطلاق بمصداقيّة الجوائز العربيّة. أمّا عن الجوائز الإبداعيّة في تونس، فالمسألة تبعث فعلا على التّقزّز من شدّة عطانتها. حتّى أننا وصلنا لدرجة أنّها تمنح لكتاب درجة عاشرة، مثل حسّونة المصباحي وكمال الرّياحي، بل والله لقد أسندوا منذ أشهر أهمّ جائزة أدبيّة في تونس إلى بنت الفازع، عن كتاب بورنو باللهجة الدّارجة. فماذا ننتظر بعد ذلك؟