كمال العيادي
كمال العيادي
-A +A
كمال العيادي (تونس)
تماشيا مع الموضة وسعار الرعب من وباء الكورونا، ولأنني على يقين راسخ لا يلين، بأنه لم يحدث أن مات بشر قبل أو بعد ميعاده بثانية واحدة، فقد أردت أن أذكركم ببعض طرائف وغرائب الأجل وحكمة الله في ذلك التى تصل حد الإبداع، وسأكتفي بذكر تسع حالات وفاة عجيبة ولا تخلو من طرافة وعبثية تؤكد أن الموت قد يكون أطرف مما نظن ويجب التعامل معه على هذا الأساس، لأنه آت لا ريب فيه، والانشغال به، مضيعة للحياة، هبة الله لنا، وهي هبة ثمينة بل أثمن ما نملك، ولكنها محدودة وقصيرة وفانية ولعوب وخائنة:

(......)


1- كان الملك الأديب مثيريادس يخاف أن يموت مسموما، فطلب من خادمه الأمين أن يضع القليل من السموم في طعامه، حتى يعتاد جسمه على أنواعها المختلفة، ويوم قرر الملك الانتحار، أخذ كمية كبيرة من السم، ولكنه لم يمت، فطلب إلى أحد حراسه المقربين أن يدق رأسه بحجر، ومات كذلك.

(......)

2 - كان موليير (1725-1783) يمثل دورا في إحدى مسرحياته، وكان الدور أن يتظاهر بالمرض فظل يسعل وينزف، وعندما أسدل الستار ناداه ربه الأعلى، ولاقته المنية، وكان اسم المسرحية المريض بالوهم.

(......)

3- كان الأديب الأمريكي هوثورن (ولد سنة 1804) يتشاءم من الرقم 64 فكان يحذف رقم 64 من كل كتبه ومذكراته، ويكتب 63 مكرر، ثم كان القدر أن يموت سنة 1864 تحديدا.

(......)

4 - كان الأديب اسكيلوس يجلس أمام بيته عندما حلق نسر يحمل سلحفاة بين مخالبه، فأسقطها فنزلت على رأس الأديب العظيم، فمات وفطس من فوره.

(......)

5 - كان الشاعر الصيني لي بو (762-700ق. م) يركب زورقاً في ليلة مقمرة وشرب الكثير من النبيذ وغنى وكتب ثلاث قصائد في محبة الضوء الخافت، ولكنه عندما حاول أن يقبل صورة القمر المنعكس على سطح الماء انقلب وغرق في الماء، ومات وهو يقهقه.

(......)

6 - كان الشاعر الإغريقي اناكريون، الذي عاش في القرن السادس قبل الميلاد، يأكل عنباً، فانحشرت حبة عنب في حلقه ومات، وقد لاقى الشاعر تربنادر مصيراً مشابهاً حيث رماه أحد أصدقائه بحبة من التين، على سبيل الدعابة فاستقرت في حلقه ومات وهو لا يستطيع بلع التينة بلعابه.

7 - كان الشاعر الإنجليزي روبرت بروك (1877-1915) يتأمل الطبيعة، ويحاول أن يكتب عن جبروت الشاعر حين يكور صلصال العبارة المارقة، حين لدغته بعوضة فمات وترك ثروته كلها لثلاثة شعراء فقراء هم: جيلمان وابروكرومبي ووالتر دلامار.

(......)

8 - في سنة 1933 أمر هتلر المؤلف أرنست تولر، أن يبتلع كتابه الذي كتبه ضد النازية - وكان الكتاب من 470 صفحة وديباجة طويلة، وظل يأكل ورق كتابه حتى مات بعد الديباجة.

(......)

9 - كان أحد الشعراء التونسيين، كلما كنا نقرفص على مدارج المسرح البلدي بشارع الحبيب بورقيبة، في أواخر الثمانينيات يرفع أنفه في الهواء كما يفعل التيس، كلما مرت أمامنا فتاة فاتنة، وفاح منها عطر نفاذ، وفعلا مات بسبب احتراق كبده، نتيجة تناوله العطور الرخيصة.