وليد الكاملي
وليد الكاملي
-A +A
وليد الكاملي wamly2016@
أبدى عدد من الصحفيين والمثقفين السعوديين عبر المنصة الإلكترونية الأولى في السعودية «تويتر» امتعاضهم من جنون وهوس مشاركة مرتادي «تويتر» في إبداء آرائهم تجاه الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وذلك بحجة إيمانهم أن الغالبية العظمى التي تكتب وتحلل وتتوقع عن هذه الانتخابات تجهل الكثير والكثير عنها، فضلا عن ركاكة الطرح الذي بدا وكأنه يحلل ويتوقع لمباراة كرة قدم بين قطبي الرياض الهلال والنصر.

طبعاً، وفي ثنايا الحوارات التي دارت بين المشاركين والنخبة المعارضة اتفق الجميع على أن «تويتر» فضاء واسع، وكما هو الحق للجميع المشاركة في إبداء آرائهم تجاه أي حدث، فالحق لمن لم يعجبه ذلك أن يبدي رأيه ويعبر عن امتعاضه كما يريد، معللين لكل ذلك بمبدأ حرية الرأي الذي يكفل للجميع حق الحديث طالما أنه لا يخالف أنظمة وقوانين النشر الإلكتروني. وصولاً إلى هذه القناعة التي يبدو أنها أرضت كل الأطراف توقف الاختلاف حول الانتخابات الأمريكية وأكمل كل فريق مشواره، حيث أصر الكثير على مواصلة تحليلاته وتوقعاته وأحياناً سخريته، فيما استغل البعض الآخر الحدث بمهنية العارف بشؤون المنصات الإلكترونية التي تعتبر زيادة الجمهور (المتابعين) الهدف الأول الذي تُبنى عليه الحسابات الإلكترونية وأنشأوا حسابات باسم الانتخابات الأمريكية، ليقدموا من خلالها تغريدات عن الأحداث المتسارعة لهذه الانتخابات، وبالفعل نجحوا في ذلك وحصدوا أعداداً لا بأس بها من الجماهير، بينما اكتفى المعارضون بالصمت ومتابعة أقرانهم من الصحفيين والمثقفين حاملين داخل أنفسهم شعوراً حزيناً على العشوائية التي تتعرض لها «المعرفة» في هذه الفضاءات الإلكترونية التي جعلت لكل من هب ودب مكاناً وموقعاً خاصاً به.


ورغم كل هذا الضجيج «الافتراضي» الذي واكب هذا الحدث الكبير - حدث الانتخابات الأمريكية - إلا أن الواقع وخلال فترة الانتخابات لم ينبئ عن شيء من ذلك خاصة في جانب الظهور الإعلامي للمحلل السياسي السعودي، فدولة بحجم المملكة العربية السعودية يتجه إليها الفائز بالانتخابات الأمريكية لمجرد وصوله للبيت الأبيض نظرا لأهميتها السياسية والاقتصادية وحتى الرمزية الدينية، إلا أننا ومن خلال متابعتنا للتحليلات التي تعرض على القنوات الفضائية لم نشاهد محللاً سياسياً إلا في النادر، بينما أساتذة العلاقات الدولية والباحثون في الشؤون الأمريكية من الدول المجاورة يطلون علينا على رأس كل ساعة إخبارية متحدثين عن مستقبل بلدانهم مع الرئيس الأمريكي الجديد على الرغم من أن بلدانهم - وهذا ليس تقزيماً لأحد بقدر ما هو واقع - لا توازي في الأهمية مكانة السعودية، وكم تمنيت لو أن الصحفيين والمثقفين الذين ضاقت أعينهم على بسطاء الناس ممن ركبوا موجة التحليل السياسي في «تويتر» تفقدوا أحوال واقعنا الإعلامي الذي ما زال يحبو في مثل هذه المناسبات، أو تفقدوا واقع جامعاتنا التي تزخر بأساتذة السياسة والاقتصاد وطرحوا سؤالاً بحجم الوطن مفاده بكل بساطة: لماذا يغيب المحلل السياسي السعودي عن الإعلام العربي ؟!