-A +A
د. وفاء أبو هادي مستشارة إعلامية وكاتبة مدرب معتمد
تلك الأقنعة العديدة والوعود الكثيرة والأحلام السعيدة؛ ما هي إلا معدات للوقوع في فخ البدايات لمن يُجيدون تلميع أنفسهم ووصف طريقتهم، كأنهم قادمون من المدينة الفاضلة، فتجدهم في البدايات كالظل يرافقون تفاصيل حياتك، ويكونون الأسبق في تسجيل مواقف تدل على الشهامة والنخوة والكرم، تجعل منهم أشخاصا يتربعون في أعلى مراتب قلبك، فلا يجعلون لك فرصة في الشك بنهاية قادمة تخسف بكل ذاك العطاء الوهمي والاهتمام المريح الذي أصبح يُشكل لك مرفأ أمان بعد بحث طويل عمن لا يتغيرون ولا تنتهي فترة صلاحيتهم.

للأسف الشديد فتمثيلهم في إخراج أجمل ما يملكون من إمكانيات التمثيل في إخفاء حقائقهم؛ سرعان ما يُرفع الستار عنها وينتهي دورهم بانكشافها، وهنا تظهر حقيقة النهاية الموجعة.


فلتحذروا «فخ البدايات» كي لا تجدوا أنفسكم في آخر المطاف منتهيي الصلاحية، فلم يعد بتلك النفس أي ثقة أو عطاء، حتى الإقبال على الحياة فقدته نتيجة صدمتها في من رأت فيهم رفقاء الدرب وأوفياء الظروف مهما تقلبت وتغيرت.. احذروا ذاك الفخ بعدم إعطاء كل ما تملكون من مقتنيات ثمينة بداخل قلوبكم السليمة، فلن يعوض سلامتها ونقائها شيء بعد وقوعها بذاك الفخ.

ولا ترفعوا سقف الطموح في كل من يدخل حياتكم ويبدأ معكم قصة البدايات السعيدة.. أعطوا الوقت حقه فهو كفيل بكشف حقيقة استمرار تلك البدايات الوهمية.

واعلموا أن من تكون بداياته جميلة جداً ووعوده لا حدود لها، ووجوده كالظل وكلامه عن القيم والفضيلة في جم حديثه وإشارته إلى زهده ووفائه، ومن يضيف لكل ذاك التدين المزعوم وإظهاره لورعٍ؛ من السهل عليه أن يقود أصحاب القلوب النقية لفخ البدايات.

فمن يحمل تلك الصورة السابقة؛ احذروه فسرعان انكشاف ألوانها القاتمة إلا من رحم الله، وهم قلائل إن لم يكونوا نادرين جداً، كي لا نقع في ظلم الجميع.. ولكن الحذر ثم الحذر من فخ البدايات.